محليات

تحذير من الخزانة الأميركية الى لبنان!

في وقت يغرق لبنان بمزيد من الأزمات والسياسية والأمنية والمالية، ومع التحوّل في النموذج الاقتصادي الذي ارتكز بشكل أساسي على القطاع المصرفي والسرّية المصرفية، وبالتالي استغناء اللبنانيين بشكل كبير عن هذا القطاع بعدما فقدوا الثقة به نتيجة “تبخّر” ودائعهم، يتمدد “اقتصاد الكاش” ويتوسّع ما يسمح بتدفق أكبر لأموال “غير شرعية” الى جهات مشبوهة، خارج الرقابة الحكومية ومن دون المرور ببنوك وسيطة هي بمثابة مراقب دولي على التحويلات.
فمع ازدياد مخاوف الجهات الدولية المعنية من تحوّل لبنان إلى مطبخ أساسي “لغسل الأموال” وتحويلها الى جهات “مشبوهة” بسبب إقتصاد الكاش، أتت زيارة وفد الخزانة الأميركية برئاسة نائب مساعد وزير الخزانة لشؤون آسيا والشرق الأوسط في مكتب تمويل الإرهاب والجرائم المالية جيسي بايكر خلال الأيام الماضية.

وكان التركيز خلال لقاءاته مع المسؤوليين اللبنانيين، على حركة أموال “حماس” عبر لبنان، وأموال حزب الله الآتية من إيران إلى لبنان ثم إلى مناطق إقليمية أخرى”.
وقد شدد على “ضرورة البحث في إجراءات استباقية لمنع هذه التحويلات”.

وبحسب مصدر مطّلع تحدّث لـ”العربية.نت” فإن “المسؤول الأميركي وفي معرض شرحه لمخاطر “إقتصاد الكاش” تطرّق الى التعميم 165 الذي يسمح بفتح حسابات مصرفية جديدة بالفريش دولار (بدأ العمل به بعد العام 2019)”، حيث نبّه من أن هذا التعميم قد يكون معبر أساسي “لغسل الاموال”.

كما حرص المسؤول الأميركي بحسب المصدر على “تمرير هذه الرسالة لمن التقاهم، بالإضافة إلى رسالة أخرى مفادها أن عرقلة قانون إعادة هيكلة المصارف تعني عدم وجود بنوك في لبنان، ما يعني تشجيع الاقتصاد النقدي cash economy “.
إلى ذلك، لفت المصدر إلى “أن المسؤول الاميركي حذّر بناءً على معلومات لدى وزارة الخزانة الاميركية من استغلال حركة حماس لاقتصاد الكاش لتحويل الاموأال، كما أبدى حرص بلاده على تطبيق القوانين المرتبطة بمكافحة الجرائم المالية في لبنان”.

ومع أن زيارة بيكر ليست الأولى ولا تخرج عن سياق زيارات سابقة كان عنوانها التحذير من مخاطر تنامي اقتصاد الكاش، يبدو أن مصرف لبنان كان على علم بها والغاية منها، فإستبقها بورشة عمل لنقابة الصرّافين محورها الاساسي التدريب على قوانين مكافحة تبييض الاموال، باعتبار ان هذه المؤسسات المالية باتت اليوم المصدر الاوّل لحركة تحويل الاموال.

وفي السياق، أوضح نقيب الصرّافين مجد المصري لـ”العربية.نت” “أن “اللقاء التدريبي عُقد في مصرف لبنان قبل ظهر يوم الخميس الماضي (في اليوم نفسه الذي زار بيكر لبنان) وهو أتى نتيجة التقرير الذي اعدّته جهات رقابية خارجية منذ مدة حول تصنيف الاقتصاد اللبناني”.
وكشف المصري أن “النقابة ستُطلق قريباً تطبيقاً للصرّافين يتضمّن لوائح بأسماء افراد وكيانات تدور حولها علامات إستفهام لتجنّب التعامل معها، وفي حال تبيّن أنه تم تحويل اموال لأحد هؤلاء الافراد او الكيانات نلجأ الى تجميد الاموال ثم إبلاغ هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان لإتّخاذ الاجراءات المطلوبة”.

وأردف، “هذا التطبيق سيُساهم في تقليص تدفّق اموال “مشبوهة” وغير نظيفة الى جهات، ويحمي مؤسسات مالية كثيرة من العقوبات”.

من جهته، اعتبر مصدر مصرفي رفيع في تصريحات لـ”العربية.نت” “أن “الاقتصاد النقدي هو البيئة الحاضنة لعمليات غسل الاموال، ولا يُمكن العودة الى السكّة الصحيحة واستعادة الثقة الا بإسترجاع القطاع المصرفي من خلال إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف، تطبيق قانون الكابيتول كونترول”.

ونبّه من “ان الاستمرار بإعتماد الاقتصاد النقدي وعدم إتّخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لمكافحته يُعرّض لبنان لمزيد من المخاطر”.

ورأى الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور نسيب غبريل، في حديث لـ”العربية.نت” “ان “التعميم 165 يحاول التخفيف من الاعتماد على الاقتصاد النقدي من خلال السماح بإستخدام الشيكات والبطاقات المصرفية للحسابات “الفريش” بالدولار، ويبدو ان وفد الخزانة الاميركية كان حريصاً على الاستفسار عن ماهية هذا التعميم وآلية عمله والا يتحوّل مدخّلاً لتمويل جهات مشبوهة”.

ولفت الى “أن هواجس الأميركيين زادت تجاه لبنان مع تحوّل اقتصاده إلى نقدي”.

وقال: “مجموعة العمل المالية لمكافحة تمويل الارهاب وتبييض الأموال أصدرت منذ ثلاثة أشهر تقريرها عن لبنان اشارت فيه الى انه إلتزم بـ34 توصية من أصل 40، وهذه نتيجة جيدة تُجنّبنا وضع بلدنا على لائحة المراقبة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى