تزوير وصيدليات مشبوهة.. ماذا يجري في قطاع “الدواء” داخل لبنان؟
على خطى غيره من القطاعات، لا يزال قطاع الصيدلة في لبنان يحاول الصمود أمام عصف المشاكل التي تطال قطاعات لبنان، من أكبرها إلى أصغرها.
رحلة قطاع الصيدلة مع هذه المشكلات لم تكن وليدة اليوم، إنّما تمتد لعشرات السنوات إلى الوراء، بدءاً من اشتداد الحرب السورية، وصولاً إلى تعاظم الأزمات اللبنانية، إلى أن بدأ الإحتكار وباتت الأدوية تنقطع شيئاً فشيئاً إلى حدّ أنّها مسّت بمرضى الأمراض المستعصية، وآخرها أزمة تأمين أدوية مرضى السرطان، ومرضى التصلّب اللويحي.
على أرض الواقع، الأمر يتفاقم سوءًا، وإن صمدت الصيدليات، وحافظت على مكانتها، في ظل كلّ ما يحيطها من عوامل سلبية قد تصل بها إلى التهالك، إلا أنّه لا بدّ من لفت النظر إلى أنّ آلاف الصيدليات استسلمت أمام الواقع، إن كان لناحية بدايات الأزمة الإقتصادية، أم لناحية هجرة الصيادلة، الذين قرّروا استغلال خبراتهم وشهاداتهم خارج لبنان، حيث تركّزت الوجهة إلى دول الخليج، خصوصاً أنّ هذه الدول تعرف قيمة الصيادلة اللبنانيين ومهنيتهم.
وسط كل هذا، يُطمئن نقيب الصيادلة في لبنان جو سلّوم إلى أنّ قطاع الصيدلة يعيش نوعاً من الإستقرار على الصعيد الإقتصادي، إذ إنّ هذه المرحلة، وما رافقها من خطوات اتخذها الصيادلة لدعم وتمكين عملهم جعلتهم يصمدون، خصوصاً وأنّ الدولار لا يزال مستقرًا إلى حدّ هذه اللحظة، مع توفر بعض من الأدوية المقطوعة التي كانت مفقودة بوقت سابق.
صيدليات “أونلاين”
على أرض الواقع لا تزال صيدليات الـ”أونلاين” غير الشرعية تفتك بلبنان والمواطنين. رغم العمل الجبّار من القوى الأمنية لملاحقة هذه الصيدليات والعمل على لجم انتشارها، إلا أنّ السوق لا تزال غير مضبوطة، ما سمح لتجار غير لبنانيين من الإستفادة من هذه الصفحات، التي تتعاقد مع هؤلاء الأشخاص.
مصادر أمنية أكدت أنّ أصحاب الصيدليات الـ”أونلاين” يتعاملون عبر وسطاء “سوريين” في لبنان، يتمركزون بمخيمات مختلفة، إذ يخزّنون الأدوية الإيرانية والسورية عن طريق تهريبها إلى داخل لبنان.
يشرح المصدر الأمنيّ عملية التهريب التي تبدأ بالإتيان بهذه الأدوية إلى مناطق سورية محدّدة، يتم تغليفها وتجهيزها، حيث تدخل إلى لبنان عن طريق المعابر غير الشرعية، التي لا تخضع لرقابة أي جهة سواء سورية أو لبنانية، لتصل بعدها إلى داخل المخيمات السورية، ومنها إلى أصحاب هذه الصيدليات.
الخطير في الموضوع حسب نقيب الصيادلة جو سلوم يتلخّص بأنّ الأدوية الإيرانية والسورية، وحتى أيضا الهندية التي باتت تتواجد بين أيدي المرضى لا تخضع لأي رقابة صحية، وهذا ما يعني مخالفة أخرى تضاف إلى عملية التهريب، إذ إنّ هذه الأدوية لم تحصل حتى على موافقة من قبل وزارة الصحة، ما من شأنه أن يكبّد الصيادلة خسائر كبيرة تقدّر بملايين الدولارات، لأن المواطن سيكون مضطرًا إلى قبول هذه العروض، إذ إن ثمن الأدوية المشار إليها يكون أقل بكثير من الادوية الموجودة داخل الصيدليات، في حين أنّ خطر تفاقم الإصابة هو أعلى بكثير، علمًا أن هذه الأدوية من الممكن أن يكون تاريخ صلاحيتها قد تمّ تعديله.
الزيارات خفّت
بالتوازي، فإن ما كان يشهده قطاع الصيدلة من حركة نشطة، إن كان على صعيد الإستشارة، أو اتباع أنظمة صحية للمحافظة على الصحة قبل الأزمة، قد تغيّر بشكل شبه كامل بعد الأزمة.
في هذا الإطار، يؤكّد نقيب الصيادلة أنه بالرغم من صمود الصيدليات اقتصاديًا، وتخطيها للأزمة، إلا أن أعداد المرضى الذين يقصدون الصيدليات في لبنان انخفض بشكلٍ ملموس، حيث بات العديد منهم يتخذ خيار تأجيل شراء الدواء نظرًا للأوضاع المالية.
الأمر هذا أكّد ايضا صاحب إحدى الصيدليات إذ أشار إلى أنّ العديد من المرضى كان اعتاد على صيدليته سابقًا لناحية تأمين أنواع معينة من الأدوية تخصّ القلب والضغط والسكري، ويضيف: “هؤلاء الأشخاص تراجع معدّل شرائهم للأودية إلى أكثر من 50%، حيث باتوا يأخذونها بشكل متقطع بالرغم من توافرها، وهذا ما يؤسّس لأزمة صحية خطِرة ستطل برأسها بوقت قريب، علمًا أن أنواعًا كهذه من الأدوية يُوصى بأخذها بشكل دائم كي لا تتفاقم الحالة، خاصةً وانّها متوافرة وبكميات كبيرة”.
وختم: “العوائق الإقتصادية دفعت بهؤلاء إلى دفع الثمن بصحتهم لتأمين أشياء أخرى يرون أنّها أساسية أكثر من الدواء”.
لبنان٢٤