120 مليون دولار غير متوافرة لتمويل خطة الطوارئ
كتبت صحيفة “الأخبار“:
خلصت اجتماعات الأسبوع الماضي مع المنظمات الدولية إلى أن 120 مليون دولار هي التقديرات الأولية لكلفة خطة الطوارئ الحكومية، في حال توسعت المعارك على الحدود اللبنانية – الفلسطينية إلى حرب شاملة في لبنان. واستندت التقديرات إلى احتياجات الوزارات المعنية بناءً على مقاربة معيارية مع عدوان 2006، بما يسمح بالتدخّل على الصُّعد الإنسانية والخدماتية والطبية والاجتماعية لإغاثة مليون نازح، و10 آلاف جريح، في حرب تستمرّ شهراً.
بعيداً عن أن أيّ حرب مفترضة قد تكون أكثر عنفاً من حرب تموز، وليس معلوماً ما إذا كانت ستستمرّ شهراً واحداً فقط، فإن الخطة المفترضة تفتقد إلى التمويل تماماً. فمن أصل الـ 120 مليون دولار، تم الاتّفاق على فتح اعتماد بقيمة مليونَي دولار، يُخصّص جزء منه لتأهيل سيارات الدفاع المدني وغيرها من الأمور الطارئة. فيما رُصد لوزارة الصحة، وفقاً لمصادر وزارية، ما يوازي «11 مليوناً قدّمتها الحكومة لتغطية جرحى الحرب»، يُضاف إليها حوالي 9 ملايين متبقّية من قرض من البنك الدولي كان مخصصاً لجائحة «كورونا» ستُستخدم لتغطية المستلزمات.
عليه، لا يزال البحث جارياً حول سبل التمويل، وهي تكاد تنحصر في ثلاثة: الاتكال على دعم مالي من المانحين، أو من «دول صديقة»، أو اللجوء إلى مصرف لبنان. علماً أن الهيئات والمنظّمات الدولية أبلغت الحكومة اللبنانية أنّها تعمل على تغيير وجهة استخدام ما لديها حالياً من موارد لتصبّ في مصلحة الخطّة، غير أنّ الأمر بالنسبة إلى المانحين الدوليين بقيَ محصوراً في هذا الإجراء. وقد سمع المسؤولون اللبنانيون من هؤلاء بوضوح «أننا حتى الآن نعمل على تغيير وجهة استخدام بعض مواردنا، وفي حال توسعت الحرب نبحث في الأمر»، علماً أنّ المانح هو من يحدّد نوع المساعدة وكميتها.
مصادر وزارية أكدت أنه «لا ينبغي الركون فقط إلى المانحين الذين لا ثقة بأنهم سيدعمون لبنان كجزء من الضغط السياسي، وهناك حذر من استخدام الهيئات الدولية، ومن خلفها مِن مانحين، لمسألة التمويل للضغط على لبنان». لذلك، «كل الخيارات يجب أن تسير معاً، ومنها الطلب من المصرف المركزي المساهمة في التمويل ضمن القوانين»، وهو ما أثار نقاشاً حكومياً بين من اعتبر أن «من غير المقبول استمرار استسهال طلب الدولارات من مصرف لبنان»، ومن يرى أنّه «لا يمكن للمركزي أنّ يقف متفرّجاً في حال اندلاع حرب تهدّد مصير لبنان».
وبعيداً عن إشكالية التمويل، أظهرت حركة النزوح الحالية من القرى الجنوبية «الساخنة» الحاجة إلى العمل وفقاً لسيناريو مختلف عن ذلك الذي قامت على أساسه خطة الطوارئ.
إذ إنّ الخطة استندت إلى تقدير الحاجات والموازنات انطلاقاً من تصوّر حرب واسعة، وليس فيها ما يُعنى بإغاثة النازحين الحاليين، ما ينعكس ارتباكاً في مواكبة حركة النزوح الحالية. ووفقاً لمصدر وزاري، «يجري العمل حالياً مع المنظمات على وضع خطة للتعامل مع سيناريو دون الحرب الشاملة، ويستند إلى تقديرات بوصول عدد النازحين إلى حوالي 100 ألف في حال توسُّع دائرة المعركة جنوباً، مع درس سبل تقديم الدعم إليهم وإلى المجتمع المضيف لمدة 6 أشهر كحدٍّ أدنى». وتواجه الخطّة الجديدة تحدّي تتبّع النازحين، ولا سيّما أنّ غالبيتهم لم تلجأ إلى مراكز إيواء، بل لجأت إلى استئجار شقق أو الإقامة لدى أقارب. ومن الأفكار التي يتم نقاشها، توزيع حصص غذائية للعائلات النازحة، تكفي لشهر، وغيرها من المساعدات. إلا أنّ اللافت أن المنظمات الدولية، وسط الحرب الحقيقية الدائرة جنوباً وتوقّف أعمال النازحين، «اقترحت التروّي للتأكد من أنّ العائلات لا تستفيد من برامج دعم أخرى!»، رغم تأكيدات الجانب اللبناني أنّ «المطلوب التدخّل سريعاً وأنّ الوقت ليس مناسباً لمثل هذا التدقيق».