محليات

القلق من اتساع رقعة الحرب.. حكومة تصريف الأعمال تكشف واقع الأمن الغذائي في البلاد

في ضوء الخطوات الوقائية التي يقوم بها لبنان استعدادا لاحتمال تمدد حرب غزة إلى أراضيه، أطلع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، أمين سلام، اللبنانيين على واقع الأمن الغذائي في بلدهم.

سلام كشف خلال مؤتمر صحفي عقده، الثلاثاء، عن مخزون المواد المتوافر، لتفادي حالات الهلع لدى المواطنين، قائلا إن “القطاعات المشاركة في اجتماع اليوم، لديها مخازن في كل المناطق ومستودعات مركزية وكميات من المواد تكفي أشهرا عدة، وإذا سلكت الأمور مسارها الطبيعي من دون اللجوء إلى التخزين، فإن مخزون المواد الاستهلاكية والسلع الغذائية يكفي شهرين أو ثلاثة أشهر”.

أما في حال حصل العكس، فستتناقص تلك الكميات حتما، وسيلجأ التجار بحسب سلام إلى البضائع المخزنة في المستودعات، وإذ أكد أن “المواد جاهزة”، قال “إن استيراد كميات إضافية ممكن، طالما أن بحرنا وأجواءنا ما زالا مفتوحين”.

وأضاف سلام كما ذكرت “الوكالة الوطنية للإعلام” “لقد تمت طمأنتنا بأن هناك كميات وبواخر وطلبيات ومخازن معبأة، لكن المخاطر الكبرى سواء أكان في السلع الغذائية والمواد الاستهلاكية أم المحروقات تكمن في حال، لا سمح الله، حصل حصار بحري علينا. ولذلك، نتعاطى بدقة مع الملاحة الجوية والبحرية بحسب واقع الحال اليومي”.

لكن نقابة مستوردي المواد الغذائية برئاسة، هاني بحصلي، ناشدت، الثلاثاء، الوزارات والإدارات المعنية “اتخاذ إجراءات استثنائية وسريعة لتعجيل تخليص معاملات السلع الغذائية المستوردة الموجودة في مرفأ بيروت وتسليمها إلى أصحابها تمهيداً لتخزينها في المخازن في الداخل اللبناني بعيداً من أي مخاطر، نظراً للظروف الاستثنائية والدقيقة التي يمر بها لبنان، وذلك من أجل الحفاظ على الأمن الغذائي للبنانيين”.

وقالت النقابة في بيان، الثلاثاء إن “مطالبتنا اليوم هي ليست شكوى بحق الوزارات والإدارات المعنية لجهة وجود تقصير يحصل في موضوع المعاملات وإخراج البضائع، إنّما من أجل لفت انتباه المسؤولين المعنيين في الدولة لضرورة اتخاذ تدابير سريعة لنقل السلع الغذائية التي وصلت إلى مرفأ بيروت إلى أمكان آمنة”.

وإذ أشارت إلى أن إنجاز معاملات إخراج السلع الغذائية من المرفأ مرتبط بوزارات الزراعة والاقتصاد والتجارة والمالية والصناعة وبالجمارك وبالمختبرات وغيرها، أكدت أن “هذا الموضوع يتطلّب تنسيقاً وتعاوناً كاملاً بين كل هذه الجهات لوضع خطة طوارئ لإخراج البضائع ونقلها إلى المستودعات”.

“فجوة” في التخزين

خلال اتخاذ وزارت الاقتصاد خطوات استباقية لجهة تخزين المواد في المناطق اللبنانية، تبين بحسب سلام أن “التخزين في معظمه في بيروت وجبل لبنان والمناطق غير المعرضة للخطر في الوقت الحالي. أما إذا ضربت البنى التحية والجسور فالتنقلات ستكون في دائرة الخطر”.

وأشار إلى أن القطاع الخاص ما زال يدخل إلى البلد مواد غذائية ومشتقات نفطية، وهو يعمل في ظروف صعبة، وقال “هذا القطاع يقف بجانب الدولة، التي تحول قدراتها دون تخزين المواد الاستراتيجية”.

كما أكد أن القطاع الخاص يحرص من موقعه على الحفاظ على المواد الحيوية في لبنان، مشيراً إلى أن المستوردين والمسؤولين في القطاعات التي تحرك الدورة الاقتصادية، يبذلون جهودهم، و”اليوم، أردنا التأكد بشكل أكبر أن التواصل قائم بين القطاعات الطارئة والحيوية، وبين الشركات التي تؤمن لها المحروقات، في حال الحرب”.

وتحدث سلام عن التحديات التي تواجه التجار على الصعيد المالي، في ظل الوضع المصرفي في لبنان، ومنها التحاويل إلى الخارج، لافتاً إلى أن “هذا الأمر لا يساعد في حال الطوارئ”.

ماذا عن الاحتكار؟

كل القطاعات على استعداد لمواكبة اي ظرف طارئ قد يحدث، بحسب سلام “حتى أننا ذهبنا أبعد من ذلك واجتمعنا مع عدد من المنظمات الدولية التي يمكن أن تساعدنا في حال لم يعد متاحا دخول المواد الأساسية إلى لبنان. ولا نقول هذا الأمر من باب التهويل او التخويف، إنما علينا توخي الحذر وأخذ كل الاحتياطات اللازمة لمواجهة كل الظروف التي قد تطرأ، وهذا واجبنا”.

وردا على سؤال عن احتكار البضائع من قبل بعض التجار، قال وزير الاقتصاد “هناك بعض التجار الذين يخزنون البضائع لرفع الأسعار فيما بعد، ووزارة الاقتصاد لم تأل جهدا لناحية الرقابة في هذا المجال”.

وأضاف “أعتقد أن لا أحد سيسمح له ضميره أن يكون لبنان بأزمة ويحرم الشعب من المواد الغذائية بهدف زيادة الربح. طبعاً هناك حالات شاذة، وقد أعلنا في الأسبوع الماضي، تسطير 251 محضر ضبط في شتى القطاعات استناداً لمخالفات واضحة، ولن نتوانى عن على تسطير محاضر أخرى ومداهمة ومستودعات وتوقيف من تسول له نفسه مضاعفة أرباحه على حساب وجع الناس”.

وشدد على أن القطاع الخاص ملتزم بشكل كامل بالشفافية، ومستمر في تزويد وزارة الاقتصاد والتجارة بالمعطيات المتعلقة بأرقام البضائع الموجودة والشحنات التي تصل، اضافة إلى الأسعار.

وعن اللغط الذي حصل خلال الأسبوع الماضي، حول رفع قيمة بوالص التأمين على الشحن البحري وتسبب ذلك بثورة في الأسعار، علّق وزير الاقتصاد “تأكدنا أن هذا الموضوع غير دقيق وتم تضخيمه إعلامياً، وتبين لنا أن انعكاس التضخم على أسعار المواد الاستهلاكية والسلع الغذائية لا يزيد عن 2 الى 3 بالمئة. وهذا يعني أن الأرقام التي ذكرت غير صحيحة ولن يكون بوسع التجار ممارسة الاحتكار والاستغلال”.

وأكّد أنه يجري العمل بفعالية في ظل هذه الظروف الصعبة، “على مستوى الحكومة والوزارات، وبالشراكة بين القطاعين العام والخاص، مطمئناً الجميع الى ذلك”.

ويخشى اللبنانيون من توسّع رقعة الاشتباك بين حزب الله وإسرائيل، وينخرط الحزب بشكل أكبر في الحرب التي أعلنتها إسرائيل على غزة عقب الهجوم الدامي الذي شنته حماس عليها، لاسيما في حال شنت إسرائيل هجوماً برياً على غزة.

طمأنة وتنبيه

في موضوع الطحين والقمح والخبز، كشف سلام أنه أطّلع من البنك الدولي على أن هناك إجراءات ستتخذ خلال الأيام المقبلة، لتسهيل عمليات الاستيراد بوتيرة أسرع من أجل الابقاء على مخزون استراتيجي في البلد، وذلك بالتنسيق مع المطاحن والأفران، وقال “بدورنا، وضعنا آلية خلال السنة والنصف سنة الماضية، تسهل علينا نقل الطحين والقمح في البلد من الجنوب إلى الشمال إلى جبل لبنان إلى بيروت بسرعة فائقة لا تتخطى الساعات القليلة، نظراً لتوفر برنامج لدينا لمعرفة وجهة النقل والقدرة على تعديل التوزيع بحسب الحاجة”.

وسبق أن عقدت لجنة الأمن الغذائي في الهيئات الاقتصادية اجتماعاً برئاسة الوزير السابق محمد شقير، في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، تخلله عرض وضع الأمن الغذائي والامكانيات المتوفرة حالياً في لبنان، ومدى جهوزية القطاعات لتلبية احتياجات السوق اللبنانية في ضوء أي احتمال لامتداد الحرب إلى لبنان.

وبعد نقاش مطول، أصدرت اللجنة بياناً، طمأنت فيه اللبنانيين إلى قدرة القطاعات الغذائية المختلفة على تلبية احتياجاتهم المختلفة حتى آخر العام 2023، مشيرة إلى أن “هذه القطاعات هي: المواد الغذائية التي تصنع في لبنان، المواد الغذائية المستوردة من الخارج، القمح المعد لصناعة الخبز (عربي وفرنجي)، الدواجن المنتجة في المزارع اللبنانية، اللحوم (الأبقار الحية)”.

كما طمأنت إلى “وجود مخزون من المواد الأولية لصناعة الدواء في لبنان تكفي لفترة سبعة أشهر”.

وذكر البيان أنه “رغم الكفاءة الهامة للقطاعات الغذائية، إلا أن لجنة الأمن الغذائي نبّهت إلى عاملين أساسيين في حال تدهورت الأوضاع نحو الأسوأ، من شأنهما تعطيل دورة الانتاج وضرب سلاسل التوريد، وهما “عدم القدرة على تأمين المحروقات اللازمة للإنتاج وقطع الطرقات وبالتالي قطع التواصل بين المناطق اللبنانية ما سيؤدي إلى منع وصول المواد الغذائية وغير الغذائية إلى من يحتاجها، فضلاً عن عدم قدرة العمال من الوصول إلى أماكن عملهم خصوصاً في الوحدات الإنتاجية”.

وناشدت اللجنة “الجميع تحمل مسؤولياتهم التاريخية والوطنية وبذل كل الجهود لإبعاد لبنان عن أتون الحرب التي قد تضع الشعب اللبناني أمام تحديات جسام، وستكون مرهقة وباهظة الثمن على لبنان واللبنانيين”.

“ما يحصل في المنطقة مؤسف ومخيف” بحسب سلام، وقال “الله يحمي لبنان ويكون معنا جميعاً، فنحن نقوم بواجباتنا وكذلك القطاع الخاص الذي يقدّر الظرف الذي نمر فيه وسيكون إلى جانبنا كي نجتاز هذه المرحلة، على أمل ألا نصل إلى حرب أو أزمة تضطرنا للجوء إلى هذه الخيارات الصعبة”.

الحرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى