هل سيكون لبنان هدية لحماس إيران بديلاً من غزة فلسطين؟
السؤال هذا مطروح جدياً في دوائر عربية رفيعة. فقد كشف دبلوماسي عربي مخضرم شغل بعد تقاعده منصباً أمنياً رفيعاً أن المقايضة المطروحة “جدية جداً، لكن نجاحها مشروط بقبول مصر بتوطين أهل غزة في سيناء، ولا يوجد ما يوحي بأن القاهرة يمكن أن تقبل”.
وأوضح المصدر أن الفكرة قديمة وتعود إلى العام 2013 عندما وافق الرئيس المصري الأخواني محمد مرسي على عرض قدمه وزير الخارجية الأميركي جون كيري في 13 تشرين الثاني من ذلك العام ويقضي بأن تلغي أميركا وبريطانيا والإتحاد الأوربي ديون مصر لقاء أن توافق القاهرة على تخصيص قطعة أرض لإسكان أهل غزة في سيناء”.
وكان مرشد عام جماعة الإخوان المسلمين محمد بديع قد مهد للخطوة قبل فترة زمنية من لقاء مرسي-كيري بقوله إنه لا يعارض إقامة “مخيمات” في سيناء لاستضافة أهل غزة لأن هناك “مئات الخيام فى الأردن ولبنان ولم يتحدث عنها أحد” حسب قوله.
كما انتقد بديع المطالبة بالإهتمام أكثر بالأوضاع الداخلية لأن ذلك، حسب رأيه، “عيب فى حق المصريين”.
ودعمت وسائل إعلام جماعة الأخوان فتوى بديع بترويجها نظرية خبيثة تعتبر أنه يوجد فلسطينيون يقيمون في مخيمات بدول عربية كالأردن ولبنان “فلماذا نعارض الفكرة في مصر وهي الأولى بذلك”؟؟
لفت ذلك الإقتراح الإخواني الخبيث إلى إدخال عنصر “المخيمات” في لبنان والأردن مع إغفال سوريا المتعمّد، والأخطر أنّ موضوع المخيمات في هذه المقايضة صارت له أهمية خاصة حالياً في لبنان في ضوء الإشتباكات التي جرت مؤخراً في مخيم عين الحلوة بين عناصر فتح وإرهابيي الإخوان وإيران الذين يطلقون على أنفسهم اسم “الشباب المسلم” ومتفرعاتهم.
مصر أطاحت بحكم الإخوان، واعتقلت “الرئيس” مرسي وحاكمته بتهمة التواصل مع تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية، وأثناء محاكمته في معهد أمناء الشرطة بمجمع سجون طرة سقط على الأرض مغمى عليه وأُعلنت وفاته عن 68 عاماً بعد دقيقة من سقوطه في 17 حزيران العام 2019؟
وارتاحت مصر من الإرهاب الإخواني الخبيث ومن عبء مرسي وأخوانه، لكن جديداً طرأ على المشهد من دون أن يربطه أحد “بمناقصات أو مزايدات” صفقة مقايضة غزة، وهو دخول المخيمات الفلسطينية على المشهد، فهل القصد منه إضافة إغراءات على عرض بيع لبنان في سوق النخاسة؟
مصر، يقول الدبلوماسي-الأمني العربي العتيق، “هي مصر، وما لم تقبله لأرضها ولكرامتها لن تقبله لأي أرض عربية، مهما تعددت الإغراءات”.
ولكن، “لنطرح السؤال من زاوية أخرى: طالما أن مصر لن تستقبل نزوحاً من غزة، وستعارض أي تقسيم لأي دولة عربية، بما فيها لبنان، فماذا سيكون مصير الفلسطينيين الغزاويين وماذا سيقدم للمدعوة حماس لقاء خدماتها ضد الوطنية الفلسطينية والقومية العربية؟” تساءل المصدر.
السؤال جوابه عند “حماس” التي أعلنت أنها ستدعو إلى “النفير العام” يوم غد الجمعة.
ولكن، كيف ستنقذون “حماس” إذا طلبت العون؟ سألته.
قال الدبلوماسي-الأمني إن الرأي العام العربي “لا يميز بين الشعب الفلسطيني وما يسمى حماس. هذا التنظيم الإيراني الذي إنتحل صفة حماس بعدما إغتال الطيران الإسرائيلي في العام 2004 مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين وهو عائد إلى منزله على كرسيه المتحرك من صلاة الفجر وشريكه في تأسيس حماس التي كانت في عهدهما فلسطينية-عربية، الدكتور عبد العزيز الرنتيسي”.
تعرفت إلى طبيب الأطفال الرنتيسي في مخيم مرج الزهور بسهل البقاع في كانون الأول 1992، يومها كانت إسرائيل تريد توطين المبعدين في لبنان وكنت مراسلاً لوكالة أسوشيتدبرس أغطي تطورات حياة ومصير الـ 415 ناشطاً فلسطنياً في خيم على أرض ما يعرف بوادي العقارب في خراج بلدة مرج الزهور.
توطدت العلاقة مع الرنتيسي فكلّفني بنقل رسالة إلى رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري. غادرت البقاع مساء والثلج يتساقط كقطع القطن. سائق الوكالة حسين الملا، رحمه الله، “رتّب” مع حاجز شتورة السماح لنا بمحولة التقدم إلى ظهر البيدر على مسؤوليتنا قبل إقفال الطريق نهائياً. وصلنا بيروت قبل منتصف الليل بقليل.
توجهت فوراً إلى قصر قريطم وطلبت لقاء الرئيس الحريري موضحاً أنني أنقل رسالة شفهية من الدكتور عبد العزيز الرنتيسي تسلّم لدولته مباشرة.
إستقبلني رحمه الله وطيب ثراه وجعل الجنة مسكنه، فأبلغته إن الرنتيسي يتمنى على دولته إصدار بيان يؤكد أن لبنان يرفض إبقاء المبعدين الفلسطينيين على أرضه لمدة تتجاوز مدة إبعادهم أي سنة واحدة تنتهي في 31 كانون الأول 1993.
تبسّم أبو بهاء، قال لي بالحرف: ما يحمل هم. هلّق لحق حالك عالبيت لتتحمم وتنام شوي لأن لازم تطلع بكرا بكير وتكون بمرج الزهور قبل الساعة 10.”
وهكذا كان، لكن وصلنا مرج الزهور بعد العاشرة لأن الطرقات كانت مغطاة بالجليد، وما أن أطلّت سيارتنا حتى خرج الدكتور الرنتيسي من خيمته وقال لي: “سلمت يا طيّب. وصلت الرسالة، وأعلن الرئيس الحريري الموقف الذي لا يتّخذه إلا رجل دولة وطني، وسمعناه على الراديو”.
رحمهما الله، كم نفتقد رجال الدولة الوطنيين في زمن العمالة وبيع الكرامات في سوق النخاسة.
يبقى أن إسرائيل ستجتاح غزة وفق بروتوكول هانيبال الذي يعتبر الأسير ميتاً أفضل منه حياً، وهو مشتق مما عرف تاريخاً بإنتصارات القائد القرطاجي هنيبعل الذي تبرز عبقريته القيادية بعبوره الانتحاري لجبال الألب، وأيضًا معركة كاناي، التي كلّف فيها الخيّالة بمواجهة الخيّالة الرّومانيّين، مع توجيه الأمر للمشاة بالتقهقر ثمّ تطويق المشاة الرّومانيّين، فأصبح الجيش الرّوماني محاصرًا بالجيش القرطاجيّ من كلّ الجهات، في حين تمكّن الخيّالة من الفتك بالخيّالة الرّومانيّين الّذين لاذوا بالفرار، وبذلك انتصر الجيش القرطاجي.
صار هنيبعل أسوأ كوابيس الرومان، وفي الشدائد ما زال يقال في إيطاليا Hannibal ad portas)) وتعني “حنيبعل على أبوابنا”.
فمن سيكون على أبواب لبنان في مواجهة هذا الكارثة؟
مفتعل حرائق غزة أم مفتعل حريق القاهرة بالتعاون مع مخابرات الإستعمار البريطاني سنة 1952؟
“النفير العام” سيكشف من يرقص كالأفعى على نغمات المزمار.
محمد سلام- هنا لبنان