الرئاسة اللبنانيّة تحت أنقاض غزة!
لم يكن ينقص الملف الرئاسي اللبناني إلا ما يحصل في الجوار الفلسطيني، ويقرع أبواب جنوب لبنان، مهدّداً بحربٍ شاملة لا يستطيع أحدٌ أن يتنبّأ بها تعيد الى الأذهان مشهد العام ٢٠٠٦.
كان الملف الرئاسي متعثّراً، حتى قبل عمليّة “طوفان الأقصى”. وكان من المستبعد أن يُنتخب رئيسٌ في هذا العام، بعد تعثّر المبادرة الفرنسيّة واصطدام المسعى القطري بالمواقف الداخليّة. أمّا اليوم، فمن المؤكد أنّ المساعي كلّها ستتجمّد لأنّ الحدث بات في مكانٍ آخر، وسينشغل اللبنانيّون بالهمّ الأمني، وربما لاحقاً بالهمّ الاقتصادي، خصوصاً أنّ إطالة أمد الحرب والتهديد بتدخّل لبنان فيها سيضربان موسم الأعياد الذي يُعتمد عليه بشكلٍ كبير في الدورة الاقتصاديّة، وتشكّل بين ٣٠ و٤٠ في المئة من المدخول السنوي لبعض المؤسسات التجاريّة.
كذلك، سيبرز الى السطح الاهتمام الجدّي بملف قيادة الجيش التي ستشغر في العاشر من كانون الثاني المقبل. علماً أنّ الأيّام القليلة الماضية شهدت اجتماعات بعيدة عن الإعلام شملت معظم الكتل النيابيّة لإيجاد حلٍّ لهذا الاستحقاق، من دون التوصّل الى اتفاقٍ في هذا الشأن.
وتشير المعلومات الى أنّ حزب الله لم يعطِ موقفاً نهائيّاً بشأن هذه المسألة، وهو لا يقبل ولا يعارض بقاء العماد جوزيف عون في موقعه. في حين يعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ المجلس النيابي هو مدخل الحلّ، وهو يريد بذلك الإتيان بمعارضي جلسات التشريع الى “بيت الطاعة” البرلماني لإقرار قانون يسمح ببقاء قائد الجيش. ولا يعارض اللقاء الديمقراطي أيّ صيغة تبقي العماد عون في منصبه. أمّا مسيحيّاً، فيبرز موقفٌ معارضٌ وحيد بشراسة لبقاء عون لرئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل الذي لن يشارك في تأمين تغطية لاستمرار قائد الجيش، من أيّ نوعٍ كانت.
نعود الى الرئاسة. هي دُفنت، حتماً، تحت أنقاض غزة وأحداثها المفاجئة التي لا يعرف أحدٌ كيف ستنتهي. ومن المرجّح أن يتأخر البتّ بهذا الملف طويلاً، من دون أن نستبعد ارتباطه، من الآن وصاعداً، بالحرب الدائرة ونتائجها.
ولكن، من المستبعد أن تكون هذه الحرب عاملاً حاسماً في تحديد هويّة الرئيس، لأنّ القوى السياسيّة المتمسّكة بمواقفها ليست في وارد التراجع تحت تأثير نتائج حرب غزة، ما يعني أنّ هذه الحرب قد تؤثّر في تحديد موعد الانتخاب وليس هويّة الرئيس.
ومن الآن وحتى تنتهي هذه الحرب، ويعود البحث عن هويّة الرئيس، نكرّر ما كان يُقال قديماً: “تخبزوا بالأفراح”…
داني حداد – mtv