محليات

جيش الديليفري…الداتا في عهدة شركات غير منظمة وتسريب معلومات غب الطلب!

بين الأخبار المتداولة عن أن إحدى شركات الديليفري تعمل كغرفة عمليات أمنية للنازحين السوريين، وبعد إسقاط كل السيناريوهات التي تحدّثت عن “مؤامرة” أحاطت بحادث إطلاق النار على مبنى السفارة الأميركية في عوكر، يبقى الخبر اليقين الذي لا يحتاج إلى أدلة وبراهين ومفاده أن طرقات وساحات وأحياء لبنان باتت تحت مجهر جيش الديليفري المنظم، وأن داتا أمن السفارات والوزراء والنواب والمسؤولين الأمنيين كما المواطنين العاديين في عهدة شركات الديليفري غير الشرعية. وما أدراكم وأدرانا أين يتم صرفها ولأية جهة يتم تجييرها.

ظاهرة الديليفري في لبنان ليست حديثة العهد لكنها باتت ناشطة في مرحلة انتشار وباء الكوفيد 19 وخلال الثورة حيث كان يتم إقفال الطرقات مما فرض اعتماد الديليفري كحل ناجع لمسألة شراء الحاجات اليومية من سلع وغذاء وأطباق جاهزة وصولا إلى النارجيلة!.وفي ظل ارتفاع أسعار المحروقات تحول الديليفري إلى ما يشبه الحاجة الأساسية في حياة اللبنانيين علما أن الكلفة تتخطى أحيانا كلفة التنقل بالسيارة للوصول إلى المكان المطلوب.

إلى هنا يبدو الخبر شبه عادي، والإستثمار في شركات الديليفري مربح للغاية. إلا أن حادثة إطلاق النار على مبنى السفارة الأميركية في 20 أيلول الماضي في عوكر من قبل أحد عمال الديليفري، أضاءت على خطورة هذه الظاهرة وتداعياتها على أمن صاحب الطلب كما فتحت صفحة جديدة على كيفية انتشار عمال الديليفري على الطرقات وعلى شرعية عمل هذه الشركات وخضوعها لقانون العمل وسرية المعلومات.

في حادثة إطلاق النار على مبنى السفارة الأميركية أظهرت كاميرات المراقبة  أنّ مطلق النار على بوّابة السفارة الحديدية وصل بنفسه على متن درّاجة نارية رَكَنها على بُعد مسافة قريبة من السفارة ثمّ ترجّل واقترب من المبنى مطلقاً 15 رصاصة من بندقية كلاشنيكوف لينسحب بعدها بهدوء ويعود من حيث اتى، ثم يطبق عليه لاحقا عناصر “شعبة المعلومات” في عملية خاطفة خلال ممارسته الرياضة في نادٍ بمنطقة الكفاءات.

وفي حين لا توجد في سجلّات الشركة حوادث أو شكاوى تذكر بحقّ مطلق النار ويدعى محمد مهدي حسين خليل، إلا أن التحقيق الذي تولاه الجهاز الأمني  كشف أنّه قام سابقاً بإطلاق النار على مبنى مركز الأمن العامّ نهاية العام الماضي من دون التمكّن آنذاك من توقيفه.

لكن ليس في كل مرة تسلم الجرة، كما أنه ليس في كل مرة يمكن تمرير سيناريو أمني مماثل والأرجح أنه يندرج ضمن “تسوية” ما بحسب ما تؤكد مصادر مطلعة لـ “المركزية”. لكن الأهم، تضيف، “أن الحادثة أضاءت على دقة وخطورة مهام عمال الديليفري في لبنان ومدى تعريضها لأمن وسلامة المواطنين من سياسيين ورجال أمن سفارات وأشخاص عاديين”.

الخطر لا يتوقف على سرية المعلومات إنما أيضا على تسريب الداتا من أرقام هواتف وأماكن السكن إلى الشركة التي يفترض أن تكون خاضعة لقانون العمل وقد وقّعت على سرية المعلومات وعدم الإفشاء بها”.

وتضيف المصادر بأن هذا الأمر ينسحب أيضا على عمال “الفاليه باركينغ” الذين يتسلمون السيارات من أصحابها مما يمكنهم من الركوب فيها وتصوير ما في داخلها وسحب ما أمكن من نظام الكومبيوتر لا سيما في السيارات الجديدة”. وتذكّر المصادر بحادثة سرقة أحد عمال الفاليه باركينغ دفتر الشيكات من أحدى السيارات التي تسلمها ليركنها بعيدا من مكان وجود صاحبها.

والسؤال الذي يطرح إزاء واقع مماثل “تحت أي قانون تعمل شركات الديليفري وكذلك العمال الذين يتم التعاون معهم  وغالبيتهم من النازحين السوريين الذين يفترض أن لا يتخطى عدد الوظائف المسموح لهم مزاولتها في مؤسسة  الأربعة ،بحسب قانون العمل اللبناني. والمثير للريبة  ان “طلبيات” الديليفري باتت رائجة حتى في أوساط الشخصيات السياسية والأمنية وكذلك أمن السفارات بدليل ما حصل مع أمن السفارة الأميركية.

من جملة الأدلة التي كشفتها الأجهزة الأمنية خلال التحقيق مع مطلق النار على السفارة الأميركية أنه خضع لدورات عسكرية ولديه أرشيف يتضمن صورا تكشف عن مشاركته  في تدريبات عسكرية وهو قريب لأحد المسؤولين في حزب ممانع. وهذا يعني أنه ليس مجرد عامل ديليفري عادي والأكيد أنه ليس وحده الذي يملك هذا الأرشيف الأمني والعسكري. فهل يجوز تسليم هؤلاء داتا المعلومات؟

” في ظل الفوضى الحاصلة في عمل بعض شركات الديليفري وعدم وجود قانون ينظم عملها يمكن القول أن عمال الديليفري المنتشرين على الطرقات وفي نقاط معينة وتحت الجسور باتوا أقرب إلى مخبرين ويشكلون خطرا على أمن الناس والشخصيات السياسية وعائلاتهم الذين يعتمدون نظام الديليفري في حياتهم اليومية. وإذا عدنا إلى التقرير الأمني في حادثة مطلق النار على السفارة الأميركية نقرأ أنه كان يخبئ البندقية في حقيبة الديليفري وهذا يعني أنه يتقن عملية إعادة تركيب قطعة السلاح وقد اخذ الوقت الكافي لإعادة جمعها”.

المصادر تختم بالتشديد على ضرورة التأكد من شركة الديليفري قبل الإتصال، وتسجيل أية طلبية وإعطاء العامل أو الموظف الداتا الكاملة من رقم الهاتف وعنوان السكن وسواها من المعلومات الشخصية التي يتم جمعها وتحويلها لاحقا إلى “غرف” مجهولة مقابل خدمة “ديليفري” غب الطلب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى