محليات

طبول الحوار تقرع فراغًا

كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:

تعالوا نجلس إلى طاولة حوار، بعدها يفتح باب مجلس النواب وتكون هناك جلسات مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية. معادلة طرحها رئيس مجلس النواب نبيه بري ووقع عليها حليفه الشيعي حزب الله وتوافقت معه كتل فريق الممانعة وبعض المستقلين لكن دونها الكثير الكثير من العقبات لأن دورة الحياة الديمقراطية تفترض ببساطة إنتخاب رئيس للجمهورية أولا بعد مرور عام تقريبا على الفراغ وتشكيل حكومة بعدها يصار إلى عقد طاولة حوار. وفي حين بات مؤكدا موقف الكتلتين المسيحيتين ، القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية المعارض للحوار، لا تزال مواقف باقي الكتل تتفاوت بين مؤيد ومترقب لما سينتج عن زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان. لكن الأكيد أن في حال التأم شمل الأحبة على طاولة حوار فسيكون أقرب إلى حوار الطرشان لأن حبات العقد ناقصة، مما يهدد بانفراطها في أية لحظة.

وإن كانت مواقف كتلة اللقاء الديمقراطي والإعتدال مؤيدة للحوار، إلا أن ثمة ضبابية تلف موقف نواب السنة المعارضين فهل من كلمة سر ستخرج من دار الإفتاء التي كانت وستبقى المرجعية للنواب المسلمين السنة أم أن القرار اتخذ بمقاطعة الحوار؟

 رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي خلدون عريمط يقول لـ”المركزية”: ” في الحقيقة أن القضية في لبنان هي قضية أزمة ثقة بين مكونات المجلس النيابي، والمطلوب الان  إنتخاب رئيس للجمهورية قبل أي شيء آخر. فإذا كان لدينا دستور ونظام ارتضيناه على أثر وثيقة الوفاق الوطني التي أقرّت في الطائف، وهذا التوافق الوطني الذي أصبح دستوراً أظهر بمواد واضحة كيفية انتخاب رئيس للجمهورية وكيفية اختيار رئيس لمجلس الوزراء من خلال الإستشارات النيابية الملزمة؛ وكيفية انتخاب رئيس لمجلس النواب والمجلس النيابي …إذا كانت هذه الأمور كلها واضحة بحسب الدستور، فعلى أي أساس نريد عقد جلسة  او جلسات حوار، سواء كانت هذه الحورات لايام او لاسابيع وحتى لاشهر ، وما هو هدف هذا الحوار الذي نريده؟ هل هو حوار الطرشان الذي سبق  واجري وكانت مقرراته  حبرا على الورق”؟.

إذا قبل الحوار وقبل هذه المتاهات”المطلوب الإلتزام بالدستور والنظام، وانتخاب رئيس للجمهورية والقيام باستشارات نيابيه ملزمة لتشكيل حكومة وطنية؛ لا حكومة مذاهب؛ ولا طوائف ؛ ولا مناطق”. وقد أثبتت عقلية المحاصصة المبنية على قاعدة “هذه لك وهذه لي” أنها لا تبني وطناً.؛ ولا تحصن مجتمعا؛ وعلى كل الكتل النيابية المعنية الإلتزام بالقوانين المرعية الإجراء ،وأن يتّقوا الله في لبنان الذي حولوه من لؤلؤة الشرق إلى مستنقع الشرق  بفسادهم وافسادهم  ومناكفاتهم الصبيانية غير المسؤوله”.

ليس  الرئيس بري وحده الذي ينادي بالحوار اليوم. فالموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان سبقه إلى دعوة الكتل النيابية من خلال رسالة مقتصبة لعقد حوار عند زيارته الثالثة المقررة الأسبوع المقبل. إلا أن الجواب هذه المرة سبق العزل. لا  قالتها غالبية الكتل النيابية . وفي السياق يتابع القاضي عريمط ” فلتفتح أبواب المجلس النيابي وتكون هناك جلسات  متتالية قبل التسويات الخارجية والحوارات والصفقات وانتظار هذا المبعوث أو ذاك. القادم من وراء البحار ؛ الحل بأيدينا.  فلنتقِ الله؛ ونرحم الناس ونوقف المناكفات والحسابات الضيقة، وندخل جميعا في الوطن الذي أحبه الآخرون أكثر من المسؤولين المتربعين على عرشه”.

منذ العام 2006 وطاولات الحوار تنعقد في لبنان من دون التماس أية نتيجة.  فالحوار بين الجدران الأربعة شيء؛ وعلى أرض الواقع شيء آخر؛ والنتيجه باستمرار نكثٌ متواصل بالوعود. فما الذي تغيّر اليوم بعد الحوارات المتعدده السابقة؟

الأفرقاء الذين يرفضون الحوار اليوم ينطلقون من مقاربة تقول أن الحوار يهدف إلى إقناعهم برئيس مرشح من الثنائي الشيعي سواء كان موجها نحو إسم سليمان فرنجية أو سواه؛ مما يؤكد أن ما من أسس واضحة للحوار. ومنهم من يرى أن من يجب أن يقود الحوار هو رئيس الجمهورية، مع تأكيدهم على أن مواجهة التعطيل واستنباط الحلول للأزمات لا تكون من خلال جلسات غير دستورية تحت مُسمّى الحوار بل في المؤسّسات الدستورية وعبر الآليات القانونية التي تترجم بدورات انتخابية مفتوحة تفضي إلى انتخاب الرئيس العتيد.

وبين هذا البعض؛ وذاك بشتى تلاوينه ومواقفه يرفض القاضي عريمط التوقف في كلامه عند مصطلح”موقف النواب المسلمين السنّة. أنا لا أقول نواب السنة أو الشيعة أو الموارنه  او النواب الدروز او الارثوذكس ؛ وارفض مصطلح نواب الطوائف؛إنما مصطلح النواب اللبنانيين، 

وعلى هؤلاء واجب الخروج  من عباءاتهم الطائفية؛  ليدخلوا في رحاب الوطن ويأخذوا قراراً بانتخاب رئيس للجمهوريه في أقرب فرصة قبل انهيار الوطن على رؤوس الجميع”.

ويعود ليسأل “حوار حول ماذا؟ وما الغاية منه في ظل وجود النظام والدستور؛ إلا إذا كانت الغاية منه تعديل بعض الأنظمة والقوانين؛ وهنا لا بد من طرح السؤال التالي: هل الوضع في لبنان يسمح بتعديل النظام أو القوانين؟ فلننتخب أولا رئيسا للجمهورية، وعلى ضوء ذلك تعقد حوارات ولقاءات للنظر في الثغرات إن وُجدت في النظام والقوانين وبإرادة وطنية جامعه؛ لا مذهبية ولا طائفية تجرى المشاورات بعيدا عن وهج فائض القوه والفرض والتعطيل والتسويات الثنائية السرية والمعلنه؛ التي يحلو للبعض التياهي بها” ولبنان بحاجه اليوم لرجال دولة كبار لا  لهواة  وصغار  يتوهمون العملقه على حساب لبنان وشعبه ” يختم القاضي عريمط.

حتى الآن لا حظوظ للحوار ولن يكون بأي شكل  لأن السقف “إما نقنعكم بمرشحنا وإما نقنعكم بمرشحنا..” وهو ما يعني الذهاب إلى الحوار بهدف واحد ألا وهو إقناع فريق المعارضة بخيار فرنجية وليس أيّ أمر آخر وإعطائه ضمانات إذا تطلب الأمر ذلك.
فهل ينتهي الحوار ضمن الكتل وداخل أربعة جدران على إسم مرشح ثالث ورابع للذهاب إلى الجلسات المفتوحة التي وعد بها بري اللبنانيين في النصف الثاني من أيلول؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى