الجيش يكافح وحيداً في مواجهة موجة النزوح الثانية
الاعلان المتكرر لقيادة الجيش عن منع تسلل سوريين عبر الحدود اللبنانية السورية واعادة آخرين تمكنوا من التسلل، حيث الارقام التي تقدّر بالمئات لا بل الالاف، تشي بخطير كبير يحيق بلبنان جراء موجة النزوح التي تحمل في طياتها أخطارا جسام.
ويقول مصدر وزاري معني لوكالة “اخبار اليوم” ان “موجة النزوح التي نشهدها حاليا هي الثانية بحجمها ومخاطرها التي يشهدها لبنان بعد الموجة الاولى عند اندلاع الحرب السورية، وهي ناتجة عن سببين رئيسيين:
الاول: عودة الاحتدام الى الساحة السورية، لا سيما في شمال وشرق سوريا وصولا الى الجنوب، حيث حشدت الولايات المتحدة الاميركية اكثر من 3 الاف عسكري اميركي بكامل تجهيزاتهم العسكرية في منطقة شرق الفرات، قابلها حشود للجيش السوري والقوات الحليفة، ترافق ذلك مع معارك دامية جرت بين العشائر العربية وقوى قسد الكردية اسفرت عن عشرات القتلى ومئات الجرحى، مع تحريك “داعش” الارهابي مجددا الذي نفذ عمليات ارهابية كتلك التي طالت العاصمة السورية دمشق لا سيما مرقد السيدة زينب وهو مزار مقدّس عند الشيعة الامامية، مع الحديث عن تسلل دواعش الى لبنان لتنفيذ عمليات ارهابية، وحادثة حي السلم في ضاحية بيروت الجنوبية دليل حسي على ذلك، مع التأكيد ان الدواعش يتسللون عبر موجات النازحين.
الثاني: تفاقم الازمة الاقتصادية والمعيشية في سوريا، نتيجة الحصار المطبق عليها والعقوبات القاسية التي تقيّد اي امكانية لمساعدتها، مع انهيار تدريجي لليرة السورية، ومنع الحكومة السورية من استثمار مواردها الطبيعية الزراعية والصناعية والنفطية الخاضعة للاحتلالين الاميركي والتركي وللمجموعات الارهابية، الامر الذي يدفع بعائلات سورية للنزوح باتجاه دول الجوار، وكون دول الجوار تحكم رقابتها على الحدود، وبالتالي يبقى لبنان هو الخاصرة الرخوة نسبيا التي يمكن التسلل عبرها، حيث تنشط عصابات تهريب البشر وغير البشر مقابل مبالغ كبيرة”.
ويوضح المصدر انه “امام هذا الواقع، يبذل الجيش اللبناني جهودا جبّارة في محاولة لضبط كامل الحدود، وهو يكافح وحيدا موجة النزوح الثانية، وهذا امر صعب مسكه بشكل محكم نظرا لوعورة الحدود وطولها، اضافة الى الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان وتنعكس على كل مؤسسات الدولة، الامر الذي يحتاج الى تعاون من كل القوى الامنية المفترض ان تقوم بدورها في المساعدة على عملية ضبط الحدود ومنع تسلل النازحين السوريين الى لبنان لفرض امر واقع لا طاقة للبنان واللبنانيين على تحمله”.
ما المطلوب على صعيد السلطة اللبنانية؟، يؤكد المصدر ان “المطلوب هو ما كان يجب ان تقوم به السلطة اللبنانية ممثلة بالحكومة، وهو فتح قنوات التواصل مع الحكومة السورية على أرفع المستويات، بالاستناد الى اتفاقيات التعاون والتنسيق الموقعة بين البلدين، والذهاب الى اجراءات ثنائية لبنانية وسورية تقوم على ركيزتين اساسيتين:
اولا: ايجاد آلية تنسيق بين القوى العسكرية والامنية المنتشرة على جانبي الحدود، هدفها الاساسي الضبط الكامل لهذه الحدود بما في ذلك من مصلحة مشتركة للبلدية، وهذا الامر ممكن اذا انوجدت الارادة السياسية اللبنانية من خلال الحكومة.
ثانيا: انعقاد عاجل للمجلس الاعلى اللبناني – السوري على مستوى رئيسي الحكومتين نظرا لخلو سدة الرئاسة في لبنان، والبحث في آلية عملية وفق خطة محكمة لبدء اعادة النازحين السوريين في لبنان الى سوريا، على ان تكون المرحلة الاولى والعاجلة اقامة مخيمات للنازحين في المنطقة العازلة بين لبنان وسوريا ولا مانع ان تكون تحت اشراف ثلاثي مشترك اممي ولبناني وسوري، يتم تجميع النازحين فيها وفق شروط لائقة انسانيا، بانتظار نضوج ظروف المرحلة الثانية وهي العودة النهائية الى سوريا”.
ويعتبر المصدر “ان استمرار تعاطي المستوى السياسي – اللبناني بخفة مع هذا الملف الذي يهدد الديموغرافيا اللبنانية وحتى الكيان اللبناني، سيوصلنا الى مرحلة يصبح فيها النازح السوري هو صاحب القرار على الارض بقوة العدد الذي صار يقارب الثلاثة ملايين لان المعلن شيء والحقيقة شيء آخر، ناهيك عن الخطر الحقيقي من استخدام جزء من النازحين في عملية زعزعة الاستقرار الامني والسلم الاهلي”.