لودريان يسقط في “امتحان” المعارضة… الإستسلام أو حوار بمن حضر
كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
أجيب خطيأً على رسالة لودريان…لا أجيب!. الرسالة الفرنسية “تضرب” الأعراف الدبلوماسية… لا “تضرب”!. تطعن في السيادة اللبنانية…لا تطعن!.
على وتيرة هذه التباينات راوحت المواقف على رسالة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان التي سلمها لرؤساء الكتل النيابية ومجموعة من النواب وطلب تسليم الأجوبة قبل 31 آب الماضي. في أي حال المهلة انقضت والأجوبة وصلت من لحظة تسلم النواب الرسالة التي أثارت امتعاضاً سياسياً واسعاً كونها شكلت سابقة من نوعها تتعارض مع مبدأ السيادة الوطنية وأبسط القواعد الديبلوماسية. والأجوبة وإن اختلفت طريقة “تقديمها” إلا أنها تجمع على رفض الخضوع لورقة الإمتحان التي تتجاوز الأصول الديبلوماسية.
في الظاهر، تؤكد مصادر “المركزية” أن لودريان لم يقصد خرق الأصول والأعراف الديبلوماسية ولعله أراد أن تكون الأجوبة خلال زيارته الثالثة المقررة-هذا إذا لم تلغَ- موثقة ليصار إلى طرحها على طاولة الحوار المقررة، إضافة إلى توضيح المواقف بشكل مكتوب وثابت، ما يسهل عملية التواصل بين الأفرقاء اللبنانيين، ويوضح أكثر خريطة الطريق”.
وتتساءل المصادر عن جدوى الزيارة المقررة في ظل رفض قوى المعارضة والتغييريين والسياديين تعبئة”الإستمارة” الفرنسية. وما يعزز من شكوك المصادر دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس في كلمته في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر النواب إلى عقد جلسات حوار على مدى 7 أيام تليها جلسات انتخاب مفتوحة لرئيس الجمهورية وهذا خرق فاضح للدستور. فهل جاءت هذه الدعوة-المبادرة لجس النبض وتعبيد الطريق أمام زيارة لودريان المرتقبة أم لقطعها نهائيا؟ تسأل المصادر.
سؤالان رئيسيا طرحهما لودريان في ورقة الإمتحان بعد العرض المسهب الذي قدمه كخلاصة لزيارته لبنان بين الخامس والعشرين والسابع والعشرين من شهر تموز، “بصفته موفداً خاصاً لرئيس الجمهورية الفرنسية من أجل لبنان” بحسب ما ورد. و”بشكل رسمي” أصر أن تكون الإجابات خطيّة وموجزة قدر المستطاع على السؤالين التاليين: ما هي بالنسبة إلى فريقكم السياسي المشاريع ذات الأولوية المتعلقة بولاية رئيس الجمهورية خلال السنوات الست المقبلة؟ وما هي الصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلي بها من أجل الإضطلاع بهذه المشاريع؟”.
الإجابات التي كان يتوقع لودريان تسلمها من السفارة الفرنسية بحسب ما ورد في الرسالة، يفترض أن يكون “حفظها” قبل أن يقوم بمهمته الثالثة في بيروت المقررة في أيلول الجاري. وموقف القوى المعارضة لم ولن يتغير إذا ما الجدوى من الخضوع لامتحان؟
وفي جردة على نتائج الإمتحان يتبين التالي: كتلة الجمهورية القوية ، نواب مستقلون وسياديون رفضوا الخضوع للإمتحان كون “الرسالة تضرب في شكلها الأعراف الدبلوماسية، وأصول التعامل بين دولتين مستقلتين ذات سيادة. كما سبق أن حصل لودريان على مواقف بشأن السؤالين خصوصاً في زيارته الثانية إلى بيروت وأصبح على بيّنة من رأي الكتل السياسية من أن هناك جهة تخطف الدستور وتمنع تطبيق المواد المتعلقة بآلية انتخاب الرئيس، وتريد أن تفرض رئيساً على اللبنانيين”.
موقف تكتّل “الجمهورية القوية” عبر عنه النائب غيّاث يزبك في حديث صحافي بحيث أكد إنّ “التكتّل اتّخذ قراراً لجهة عدم الرّد على رسالة لودريان، وموقف المعارضة يأتي بمثابة ردّ موحّد، يشمل إجابات عن كلّ الأسئلة”، موضحاً بأن لقاء لودريان ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع “بيّن وجهات النظر بشأن المواصفات، حينما تمّ التأكيد على مواصفات البيان الخماسيّ الصادر عن اجتماع الدوحة”.
ثمة نواب أجابوا على صفحاتهم بالمباشر. النائب ميشال ضاهر كتب على منصة “إكس” “لن أجيب خطياً على رسالة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، إحتراماً لمجلس النواب والناخبين الذين انتخبوني وكل اللبنانيين. عملية انتخاب رئيس الجمهورية وبناء الدولة واصلاح المؤسسات يعرفها جيداً لودريان. واذا لم يقدر الفرنسيون على تنفيذ هذه المهمة، فمن الاسلم عدم تضييع كل هذا الوقت وهدره، مع احترامي الشديد لشخصه”.
بدوره سلم حزب الوطنيين الاحرار رسالة رئيس الحزب النائب كميل شمعون الجوابية على الاسئلة وفيها رده على المواصفات السّيادية والإصلاحية التي يجب ان يتمتع بها الرئيس العتيد في هذه المرحلة الاستثنائية، التي تتطلب تضافر جهود الجميع لانقاذ لبنان.
تبعا لذلك، يتمنى نواب القوى المعارضة على لودريان في زيارته الثالثة “أن يقنع “حزب الله” بالتخلي عن مرشحه سليمان فرنجية، والبحث عن مرشح آخر، يلتزم إنقاذ لبنان ويؤسس لحوار يقوم به الرئيس المنتخب المؤتمن على تطبيق الدستور، فهو الوحيد الذي يرعى النقاش بين اللبنانيين حول الملفات الأساسية، وفي حال أصرّ الحزب على موقفه، على الموفد الرئاسي الفرنسي أن يعلن ذلك”.
أما الحزب التقدمي الاشتراكي، فتشير مصادره إلى حرصه على عدم زعزعة العلاقة مع الفرنسيين على أن الجواب الخطي لم يخلُ من ملاحظات كثيرة على أداء باريس في ما خصّ الملف الرئاسي.
كل المؤشرات تدل على أن لا اختراقات تذكر في الأفق مع حسم ٣١ نائبًا من المعارضة خيارهم بالمواجهة واتخاذهم موقفًا حاسمًا لانتخاب رئيس للجمهورية ورفض الحوار مع حزب الله والمعطلين، وتمسكهم بحصر السلاح بيد الدولة، وأولوية الإنقاذ الاقتصادي والإصلاحات والدفاع عن الحريات… فإمّا أن يعلن لودريان استسلامه وينعى مهّمته، أو ان يقرّر أن يكمل في اتجاه إطلاق حوار بمن حضر. وكلا الخيارين يؤديان إلى النتيجة ذاتها ..الفشل.