عن عشاء هوكستين و”القائد”… ورسالة مبطنة
تساءل كثر حول العشاء الذي جمع قائد الجيش العماد جوزف عون مع المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكستين في ختام اليوم الاول من زيارته لبيروت، بعدما نشرت السفارة الاميركية في صورة عبر منصة “اكس” وكتبت: “عقد عشاء عمل مثمر مع قائد الجيش اللبناني، إن تفاني الجنود ذوي الكفاءة العالية أمر بالغ الأهمية لأمن لبنان واستقراره. ملتزمون بمواصلة الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة ولبنان”. ثمة من قرأ فيه دعماً أميركياً رئاسياً لقائد الجيش، واعتبره آخرون رسالة مبطنة الى معارضي انتخاب القائد، خصوصا ان السفارة الاميركية تعمدت نشر الخبر مع الصورة التي تظهر جمعة عائلية حول مأدبة عشاء، فيما ذهب البعض الى تصنيفه في خانة اطلاق اشارة الضوء الاخضر الاميركي في الملف الرئاسي انطلاقا من رمزية العشاء.
بعيدا من التحليلات والقراءات في الخلفيات والابعاد، تؤكد اوساط سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان العشاء كان جد عاديا لم يتطرق الى ملفات السياسة ولا الى ترسيم الحدود خلافا لما اشيع. وقالت: الدعوة الى العشاء كانت موجهة الى هوكستين في زيارته السابقة للبنان الا انه غادر انذاك ولم تسنح له الفرصة، فقرر تلبيتها امس. وتضيف: ليس خفيا مدى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة الاميركية للمؤسسة العسكرية كما سائر المؤسسات الامنية في المحنة التي تمر بها البلاد، واضعف الايمان ان يدعو قائد المؤسسة مسؤولا على مستوى هوكستين الى عشاء. معلوم ان هدف الزيارة الاميركية تكريس الاستقرار والتهدئة في لبنان لا سيما جنوبا، وتثبيت الوقائع القائمة اثر توقيع اتفاق ترسيم الحدود وانطلاق
عمليات التنقيب عن النفط في البلوك رقم 9، وبدء الاستعدادات لطرح دورة تراخيص جديدة للاستثمار في البلوكين 8 و10 ، وتبعا لذلك، يصبح اللقاء مع قائد الجيش بحكم الامر الواقع، لا سيما ان الولايات المتحدة تشكل الداعم الاكبر للمؤسسة في مدها بالعتاد والحاجيات الضرورية لاستمرار صمودها في لحظة تلقى على عاتقها كل يوم مهمة اضافية، وآخرها مواجهة موجة النزوح السوري غير الشرعي بفعل اشتداد الازمة الاقتصادية والاجتماعية في سوريا، ما يوجب نشر المزيد من العناصر على الحدود الشمالية والشرقية لمكافحة التهريب والتسلل غير الشرعي ومدها بالعديد والعتاد، علما ان العماد عون رفع الصوت منذ ايام امام عدد من النواب زاروه مطالبا بدعم الجيش ومده بالحاجات الضرورية لا سيما المحروقات والغذاء وغيرها، وقد تجاوبت سريعا قطر فأعلنت عن تزويد الجيش اللبناني بالوقود لمدة 6 أشهر بقيمة 30 مليون دولار.
وفي حين تقدم واشنطن دعما لامحدودا للمؤسسة العسكرية تعبيرا عن ثقتها بها وبقائدها وحسن ادارته، ما اسهم في صمودها، تجدد واشنطن من خلال زيارة هوكشتاين للقائد تأكيدها انه المثل الصالح لكيفية ادارة سائر مؤسسات الدولة في لبنان بعدما تهاوت بفعل استشراء الفساد والمحسوبيات، والمطلوب اعتماد هذا النموذج الوطني في مجال اعادة بناء الدولة وانقاذها. وتستغرب الاوساط كيف ان الدولة تضع عراقيل امام قوات الطوارئ الدولية وتطالب بحصر مهامها عوض اطلاق يدها لفرض الامن وضبط الاوضاع الحدودية، في وقت تتأتى المساعدات عبر مجلس الامن.
احترام كبير تكنّه واشنطن لقائد الجيش اللبناني، هو الاكبر على هذا المستوى على الارجح، وتقدير تترجمه بمد المؤسسة بالمساعدات لتبقى ضابطة للاستقرار الضروري في زمن انهيار الدولة ورغبة غير معلنة حتى الساعة بوصول رئيس على غراره، الا ان اللحظة لم تحن بعد للبوح بالمكنونات كما فعلت ربيبتها قطر، وحتى ذلك الحين ستبقى اللقاءات ومآدب العشاء محصورة نقاشاتها بالمساعدات العسكرية للجيش.