محليات

شيخ العقل: إسحبوا هذا المشروع فوراً!

دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى النواب “المتحمّسين لمشروع الغاء العقوبة عن الشاذّين الذي يطرحه مشروع القانون المقدم بهذا الخصوص، سحبه فوراً من المجلس النيابي ومن التداول، كونه يمثل نوعاً من أنواع الترويج للمعصية وتسهيلاً لانتشار الرذيلة وإباحة للمحذورات واستبداله بآخر بنّاء في التثقيف والتربية والمعالجة”.

كلام الشيخ أبي المنى جاء خلال رعايته احتفال تخرج الدفعة الاولى من الطلاب والطالبات في كلية الامير السيد عبدالله التنوخي الجامعية للعلوم التوحيدية في عبيه، بحضور الشيخ الجليل أبو محمود سعيد فرج وسماحة الشيخ القاضي نعيم حسن ومجلس أمناء الكلية.

وبعد تلاوة للشيخين عادل أبو سعيد ويحيى عبد الخالق وتقديم من الشيخ مجد شهيب، وكلمة رئيس اللجنة الدينية في المجلس المذهبي المشرف المسؤول على الكلية الشيخ هادي العريضي، مركّزاً فيها على” أهمية العلم في نواحي الحياة ومسيرة تحقيق حلم إنشاء معهد للدراسات والبحوث التّوحيدية من المراحل الاولى ولغاية التأسيس”. وكلمة عميد الكلية الشيخ الدكتور سلطان القنطار مشيراً فيها الى “المناهج والرؤى التطويرية وورش العمل التعديلية بهذا الخصوص”، وايضاً كلمة باسم الطلاب للشيخ هاني القنطار، القى سماحة شيخ العقل ختاماً كلمة قال فيها: “بسم الله الرحمن الرحيم​

الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيِّد المرسَلين وعلى آله وصحبه الطاهرين وعلى أنبياء الله الطيّبين،المشايخُ الأفاضل، الأخوةُ والأبناء الطلاب، أيُّها الأحبّة، إنها لَفرحةٌ عامرةٌ اليومَ أن نخرّجَ مجموعةً من الطلاب والطالبات الحائزين على الشهادة الجامعية في العلوم التوحيدية من كلية الامير السيد الجامعية للعلوم التوحيدية في عبيه، هذه الكليّةِ الحلُمِ المجسَّدِ واقعاً، والذي كان قد راود الكثيرَ من أعلام الطائفة من مشايخَ أجلّاء وقادةِ مجتمعٍ ومؤسساتٍ تربوية، وفي مقدّمتهم المفكّرُ العرفاني كمال جنبلاط الذي أشار إلى ذلك في كلمته الافتتاحية عند تأسيس العرفان، مشيراً إلى دار الحكمة في القاهرة عند انطلاقة الدعوة إلى مسلك التوحيد، وآملاً أن تكونَ العرفانُ على شاكلتها، وهو ما كان موضعَ أملٍ لدى نخبةٍ من المشايخ والمثقفين في الطائفة، أمثالِ الدكتور سامي مكارم الذي كنَّا قد أعددنا وإيَّاه مشروعاً مماثلاً في مؤسسة العرفان التوحيدية إلَّا أنّه لم يرَ النور، وقد أشار إلى ذلك الأستاذ وليد جنبلاط في كلمته منذ سنوات في احتفال العرفان المركزي حين قال ما معناه: إنّ العرفانَ حقَّقت قفزةً تربوية مميّزة وتفوُّقاً في مدارسِها، وهكذا فعلت مدارسُ الإشراق، لكنَّ هذا الحُلُمَ لم يتحقّقْ إلّا في عبيه، وفي هذه الكليّة بالذات، برعاية سماحة الشيخ نعيم حسن؛ شيخِ العقل ورئيس المجلس المذهبي آنذاك، وبهمّة اللجنة الدينية برئاسة الشيخ هادي العريضي، وبتعاوننا جميعاً، وقد كنتُ في تلك المرحلة رئيساً للجنة الثقافية، وضمن إطار المجلس المذهبي مجتمِعاً، وها هي النتيجة خطواتٌ ناجحةٌ في طريق الصعود نحو تحقيق الغاية من إنشاء هذه الكلية، بتخريج نخبة من الطلاب والطالبات يحملون بيدٍ شهادةَ الالتزام الديني في مسلك التوحيد من مشايخهم ومجالسهم وخلواتهم أولاً، وشهادةَ العلوم التوحيدية الأكاديمية من جامعتهم باليد الأخرى ثانياً، ودائماً ببركة روح سيدنا الأمير عبدالله جمال الدين التنوخي الذي على اسمه الجامع وعلى مقربة من ضريحه المبارك وبوحيٍ من سيرته العطرة وفكره التوحيدي ورسالته العرفانية تحقق هذا الحلُمُ وكانت هذه الكليَّةُ محطَّ الأملِ والثقة، وحافظةَ العهدِ والأمانة. إن شهاداتكم أيها الأخوةُ والأبناء الأعزّاء، بقدر ما هي أوسمةُ فخرٍ لكم وعلاماتُ استحقاق لما بذلتموه من جهد واهتمام، لكنّها مسؤوليةٌ تلقى على عاتقكم، كما على عاتقنا وعاتق اللجنة الدينية وإدارة الكلية، فالمجتمع ينتظرُنا والحاجةُ الى التثقيف الديني كبيرةٌ وملحّة، وإننا نعوّل عليكم في الانخراط معنا في مهمة التوعية والإرشاد والتعليم، في مواجهة عالَم التحلُّل والتخلّي عن الإيمان والقيم، وعالَم الجهل والتطرُّف والتكفير والتديُّن الأعمى”.

وتابع: “أيُّها الأخوةُ، أيَّتها الأخوات، إنّ أمامنا العديدَ من التحدّيات، لعلّ أخطرَها تحدّي الانجراف في تياراتٍ عقائديةٍ غريبة عن توحيدِنا، وتحدّي الإلحاد أو الدعوة إلى اعتناق مذاهبَ فكريةٍ مُضلِّلة، وتحدّي التبشير لتغيير الدين من قِبل بعض المجموعات المتطرّفة، إضافةً إلى تحدّي الترويج للشذوذ وهدم القيم وتفتيت الأسرة والاعتداء على نظام الخالق عزّ وجلّ، وهل أدلُّ على ذلك من مشروع قانونٍ مقدَّمٍ للمجلس النيابي لإلغاء تجريم إقامة العلاقات غير الطبيعية، والذي رفضنا السجالَ والمبارزةَ حوله بالكلام، لأن الأمرَ محسومٌ عندنا من الأساس، ولا داعٍ لتأكيده في كلِّ مرّةٍ وكأننا في موقف الهجوم أو الدفاع. إن هذا المشروعَ غيرُ مقبولٍ إطلاقاً في مجتمعِنا القائم على ركائزَ ثابتة؛ ركائزِ الإيمان والقيم والوطنية، كونه يُسهمُ في هدم تلك الركائزِ التي نَبني عليها وجودَنا ونعزّزُ بها تماسكَنا ونحقّقُ من خلالها دورَنا الاجتماعيَّ والوطنيّ، فلا يجوزُ التغاضي عن هذه الانحرافات لأنّ التغاضيَ يؤدّي إلى طغيان تيّارِ التفلُّت الأخلاقي، وهو ما لا يُمكنُنا استساغتَه في مجتمعنا التوحيديَ المعروفيّ مهما كانت الدوافعُ والمبرّرات. إن الدعوة لتشريع قوانينَ مناقضةٍ لآداب الدين وأخلاقياته تحت شعار الحرية تنطوي على إهانة للدين ولمفهوم الحرية، ونحن، وإن كنّا لا نتصدّى لحرية الناس في تحديد خياراتهم الاجتماعية والدينية والسياسية، لكننا لا نَسكتُ أمام موجات التحرُّرِ المتفلِّت من الوعي، ولا نعتبرُها حريةً بل هي عندنا بمثابة الفوضى الهدّامة للإنسان الفرد وللعائلة وللمجتمع، وبالتالي للوطن. فالتطوُّرُ ليس نقضاً للقيم، والتقدُّمُ ليس دوساً على الإيمان والمبادئ، والحرية ليست رحلةَ استجمام في عالم الإباحة والفساد. إن الغاءَ العقوبة عن الشاذّين الذي يطرحُه مشروعُ القانونِ المقدّم، وإن يكنِ التبريرُ له أنه ليس تشريعاً للعلاقات غير الطبيعية، بل مجرّدَ إلغاءٍ للتجريم والعقوبة، إلّا أنه بنظرنا يشكّلُ خطوةً نحو ذلك المبتغى، وفي هذا الأمر تسهيلٌ لانتشار الرذيلة، وإباحةٌ للمحذورات ومخالَفةٌ فاضحة لغاية الخالق من خلقه، وهو ما نبّهت إليه الأديانُ جميعُها وما أكّد عليه العقل البشري الأرفع وحكماءُ الكون ومعلمو العالم. لذا، فإننا نحثّ النوّابَ المتحمّسين لهذا المشروع لسحبه فوراً من المجلس النيابي ومن التداول، كونَه يمثِّلُ نوعاً من أنواع الترويج للمعصية، وهذا ما ترفضه كلُّ العائلات الروحية، على أنه يمكنُ استبدالُ هكذا مشروعٍ هدّامٍ بآخرَ بنّاءٍ يدعو للبحث فقط في أساليب المعاقبة لتكون نوعاً من التثقيف والتربية والمعالجة، وصولاً إلى العقاب إذا لم يفلحِ الأمر، لأنّ في القِصاص حياةً للناس، لقوله تعالى: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.

أضاف: “إننا، ومن هذا الصرح التربوي الدينيّ الأكاديميّ، نؤكِّدُ على موقفنا المبدئي في الدفاع عن مكارم الأخلاق، ونحثُّ العقلاءَ والمسؤولين لكي يناضلوا من أجل الارتقاء بالمجتمع، لا العكس، ومن أجل تطوير الدولة، لا لهدمِها، وأن يُجاهدوا للحفاظ على إرث الآباء والأجداد، لا أن يشرّعوا لما يَنالُ من إنسانية الإنسان وما يقوّضُ أُسسَ العائلة والمجتمع والوطن، وأن يتكاتفوا للتغيير الإيجابي من أجل كرامة الإنسان والوطن، لا من أجل هدفٍ بَخسٍ لا يستحقُّ النضالَ والجهاد. أما المجلسُ المذهبي وبقدر ما فيه من التنوّع المفيد، فإنّه واحدٌ موحَّد ومسؤول معنا، بجميع أعضائه، عن أمانة الدين والمجتمع والوطن، ولا نريدُه إلّا صمّامَ أمانٍ للركائز التي ذَكرنا، وإنها لمسؤوليةٌ مشتركة نرعاها في مشيخة العقل والمجلس المذهبي في مواجهة تلك التحدّيات على أنواعِها، وهذا هو واجبُنا ودورُنا، وتلك هي رسالتُنا، نتعاونُ ونتكاملُ في حملها مع قادة المجتمع ومعَ المشايخ الأجلاء ومع المثقفين الراسخين في العلم، لأنّ هذه المهمَّةَ الشريفة التي تتطلبُ منّا التضحيةَ والبذلَ والرعايةَ والالتزامَ والانفتاح، وما اعتزازُنا بهذه الكليَّة إلَّا لاقتناعنا بدورِها الأساسيّ في التأهيل والمواجهة، وما اختيارُنا لمجلس الأمناء المطعّمِ حديثاً بالشيخين الكريمين الأستاذ الجامعي الدكتور سليمان قريشة والخبير المالي الشيخ بسام الشامي، إضافةً إلى مستشارَينا الفاضلَين الشيخ عماد فرج رئيس اللجنة الثقافية وفضيلة القاضي الشيخ غاندي مكارم، ومع الدكتور أسعد البتديني، وإلى جانب الشيخ هادي العريضي رئيس اللجنة الدينية المجاهدِ الأوّل، ومقرّرِها الشيخ سلمان عودة، ووكيل مقام الأمير السيد الشيخ محمود فرج ابنِ هذا البيت التوحيديِّ القدوة، وبإدارةٍ راقية ومستوىً علميٍّ ودينيٍّ رفيع للشيخ الدكتور سلطان القنطار، ليس ذلك إلّا تأكيدٌ منّا على احتضان الكليّة والسيرِ بها الى الأمام، تقدُّماً مطَّرِداً ومسافرةً دائمة في درجات العلم والتعليم وصون التعاليم”.

وختاماً توّجه الشيخ ابي المنى للطلاب والطالبات: “ها أنتم وأنتنَّ أيها الخريِّجون، أيَّتها الخرِّيجاتُ، تنخرطون معنا في هذه المهمَّة التوحيديةِ الشريفة، فنحن بحاجةٍ إليكم والمجتمعُ ينتظرُنا، والآمالُ كبيرةٌ وجديرةٌ بالاهتمام والمتابعة، فعسى أن نوفَّقَ للقيام بهذا الواجب ولتحقيق تلك الغاية، نحن وإيَّاكم واللجنة الدينية وإدارة الكُليّة واللجنة الثقافية والمجلس المذهبيّ والإخوة والأصدقاء المخلصين، والله يوفِّقُ مَن سعى في مرضاته، وهو المُعينُ النصير، وبه المستعان

Related Articles

Back to top button