كتب داني حداد في موقع mtv:
يجلس وسيم منصوري على كرسي حاكم مصرف لبنان بالإنابة في مبنى تلوّنت جدرانه بالشعارات والشتائم. هو يدرك أنّه يحمل كرة نار، بل كراتٍ آخرها ملف الكهرباء، أمّا قاذفوها فكثيرون، بدءاً من الحكومة وليس انتهاءً بالمجلس النيابي. ولكنّه يدرك أيضاً أنّ عليه، تحديداً في هذه المرحلة، أن يتسلّح بالحكمة والقانون معاً. واحدة منهما لا تكفي.
فاجأ منصوري كثيرين بزيارته الى منزل السفير السعودي في لبنان وليد بخاري. تشير المعلومات الى أنّ اللقاء سبقته دعوة، وتخلّلته دعوة أخرى. الثانية تلقّاها منصوري لزيارة المملكة العربيّة السعوديّة، من دون تحديد موعدٍ لها، لكنّها قريبة وفق المصادر.
همّ منصوري في اللقاء كان تأمين دعمٍ ماليّ لرواتب الأجهزة الأمنيّة. موقف السعوديّة الذي عبّر عنه السفير كان إيجابيّاً، ولكنّ المسار الذي حدّدته المملكة واضح: انتخاب رئيس، تشكيل حكومة وتطبيق الإصلاحات، وبعدها خذوا ما يُدهش وما يريح البلد المنهار اليوم.
يضع منصوري نصب عينيه عدم المسّ بودائع الناس. هو نجح، منذ استلامه مهامه، في ضبط سعر الليرة، ومنعَ تفلّتها امام الدولار، ولا يبدو انه سيسمح بضخّ كميات كبيرة من العملة الوطنية في السوق، كي لا يؤدي المسار الى انخفاض سعر الليرة مقابل الدولار.
من هنا، تشير المعلومات الى أنّ منصوري يسعى لدفع رواتب موظفي القطاع العام بالدولار، وتأمين حاجات المؤسسات العسكرية والأمنيّة. هاتان أولويّتان، ومعهما دعم ادوية الامراض المستعصية. أمّا تأمين الدولار لمؤسسة كهرباء لبنان فليس من مسؤوليّته، إذ أنّه ليس في وارد إدخال المصرف المركزي في هذه المرحلة بنزيفٍ لا تُحمد عقباه ماليّاً.
تعلّم منصوري، كما يبدو، من “كيس” غيره. هو على يقين بأنّ الحكومة قادرة حالياً على تأمين الاموال المطلوبة للكهرباء من SDR، ثم القيام بخطة اصلاحية عبر تشريع نيابي مُنتج وفعّال، يتيح ترشيد الانفاق وتأمين ايرادات لاستخدامها في تمويل الدولة ومؤسساتها. من هنا، أكّد وكرّر أمام كثيرين: لن أصرف دولاراً واحداً من دون تشريع الاصلاحات المطلوبة. وحدهما ضبط الجمارك والضرائب على القيمة المضافة يتيحان تأمين ايرادات وازنة لخزينة الدولة.
وتتحدّث مصادر دبلوماسيّة عن متابعة دقيقة لعمل منصوري، من بعض السفارات وعلى رأسها سفارة الولايات المتحدة الأميركيّة. كانت لافتة الإشادة به في مقال كتبه دايفيد هيل، الشخصيّة الدبلوماسيّة الأميركيّة التي تعرف لبنان جيّداً. وهو طالب، في المقال، بمساعدة الحاكم بالإنابة ودعمه من قبل الولايات المتحدة الأميركيّة لما يشكّله من فرصة للنهوض.
تسمع من القوى السياسيّة، حتى الآن، علامات رضى على أداء حاكم مصرف لبنان بالإنابة. هو يبالغ في اعتماد الشفافيّة. ويصرّ، مع نوّابه، على تطبيق القانون. ويحرص على تأمين غطاءٍ تشريعي لما يقوم به. والأهمّ أنّه يعرف أنّ المهلة التي سيتولّى خلالها الحاكميّة غير محدّدة. قد تكون أشهراً قليلة أو سنوات. فإمّا أن يخرج من موقعه ناجياً وناجحاً، ومعه البلد، وإمّا محترقاً.
يراهن عارفوه على نجاحه…