هذا ما فعله الانفجار بـ 8000 مصاب في جمهورية «الفشل»!
“تشرنوبل” و”ليتل بوي” ومرفأ بيروت ثالثهما.. بالأرقام هذا ما فعله انفجار “بيروتشيما” بـ 8000 مصاب في جمهورية “الفشل”!!
يعتبر انفجار بيروت او كما أطلق عليه مصطلح “بيروتشيما” شبيها بما جرى لمدينة هيروشيما نتيجة الانفجار النووي. ففي 4 آب 2020، انفجرت كمية تقارب الـ 2750 طنا من نيترات الامونيوم المخزنة في مرفأ بيروت، والانفجار حدث على مرحلتين في العنبر رقم 12، نتجت Lنه سحابة دخانية ضخمة على شكل سحابة الفطر ترافقت مع تيارات صادمة هزت العاصمة وضواحيها. حتى ان ارتدادات هذا التفجير عدا انها بلغت كل المناطق اللبنانية، أيضا وصلت الى قبرص والدول المجاورة.
الانفجار يكفي لتوفير الطاقة لـ 100 منزل لعام كامل
وبحسب تقرير أعده مهندسون في جامعة “شيفيلد” البريطانية يوازي الانفجار ما بين 500 و1100 طن من مادة “تي ان تي” وهذه الكمية تعادل خمس حجم القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما. لذلك اعتبر على انه أكبر انفجار غير نووي في التاريخ كما ان حجم الطاقة التي ولدها الانفجار بحسب الخبراء يكفي لتوفير الطاقة لأكثر من 100 منزل على مدى عام كامل.
وفي هذا السياق، قام المهندسون في الجامعة بفحص اشرطة فيديو تعود للانفجار الذي أدى الى مقتل 240 شخصا، واصابة أكثر من 8000 بإعاقات متفاوتة وجروح بالغة، والضرر الذي لحق بالممتلكات قدر بحوالى الـ 15 مليار دولار اميركي، الى جانب الخسائر الاقتصادية وتشرّد ألوف الاشخاص الذين اجبروا على ترك منازلهم المتهدمة.
يومذاك، أكد وزير الداخلية محمد فهمي ان التحقيق في انفجار مرفأ بيروت سيكون شفافا ولن يستغرق أكثر من 5 أيام وسيُحاسب الفاعلون وأيضا المتورطون. لكن مضت 3 سنوات ولا يزال أهالي الضحايا ينتظرون اصدار القرار الظني والنتيجة حتى الان صفر. لكن النظام السياسي الفاسد لا يفوّت فرصة للإطاحة بالتحقيق المحلي ويعمل على تعطيله بشتى الوسائل للإفلات من العقاب. واللبنانيون والأهالي المفجوعون والجرحى والمنكوبون لا يريدون يوم عطلة في 4 آب، وطابعا بريديا تذكاريا، وانما الحقيقة ولا شيء سواها.
انفجار المرفأ في السينما العالمية
على خطٍ موازٍ، تحول انفجار مرفأ بيروت الى مادة بصرية حية لإنتاج الأفلام الضخمة من باب توظيف الفيديوهات التي وثقت عبر كاميرات الهواتف والمصورين لتكون جزءا من المؤثرات البصرية الخاصة للانفجارات النووية. لذلك أطلق الأسبوع الماضي الفيديو الترويجي لفيلم “ذا كرياتور” ويشتمل على محاكاة لانفجار نووي مبنيّ على مشاهد حقيقية من 4 آب 2020.
وفي هذا الإطار، انتشرت اللقطة على منصة “ريديت”، وأعادت مجموعة “كوريدور كرو” المختصة بالمؤثرات البصرية تفصيلها وتجزئتها. وبيّنت التنقيحات الإضافية التي غطت المباني الحقيقية مثل مبنى “مؤسسة شركة كهرباء لبنان” مع الإبقاء على التسونامي الذي أعقب الانفجار.
ويعتبر التصميم الثلاثي الابعاد للتفجيرات صعب، لكن توظيف مأساة بهذا الحجم الى جانب الاذى الذي لحق بالبشر والحجر ضمن سياق ترفيهي وربحي هو امر مرفوض وبعيد عن الأهداف الإنسانية مهما اختلفت غايات المشرفين على هذا النوع من الاعمال وهذا جعل المشاهد الحية لانفجار 4 آب مادة دسمة مناسبة لعالم السينما.
والسؤال الذي يطرح نفسه: اين الحقوقيون اللبنانيون من احقية ملكية المشاهد الأساسية لانفجار مرفأ بيروت؟
في سياق متصل، رأى الدكتور سام ريغي الخبير في تأثير الانفجارات بجامعة شيليد، “ان فريق البحث أراد استخدام البحث للحصول على معلومات يمكن ان تساعد على انقاذ الأرواح في حال حصول انفجار مشابه. أردف، بحسب تحليل قوة الانفجارات التي تُنتج حوادث مثل الذي حصل في مرفأ بيروت، يمكن تطوير توقعات دقيقة لكيفية تعرض الأبنية لأضرار ونوع الجراح التي يمكن ان تصيب الناس على مسافات مختلفة البعد عن موقع الانفجار”.
لذلك قدر الخبراء حجم أسوأ انفجار تشهده بيروت في وقت السلم بما يوازي 200 الى 300 طن من المواد شديدة الانفجار، ليندرج في قائمة الانفجارات الكبرى التي عرفها العالم، وقتلت الالاف من البشر بعد كارثة “تشرنوبل” و “ليتل بوي”.
اوجاع لا تنتهي!
في سياق متصل، احصت الديار إصابات الجرحى الذين أصيبوا في انفجار مرفأ بيروت ووثقت النتائج بحسب المستشفيات التي كانوا فيها والنتيجة أتت على الشكل الآتي: 30% تعرضوا لبتر الأطراف (يد، رجل الخ)، 1% أصيبوا بالعمى بشكل كامل، و10% خسروا الرؤية في احدى العينين، 2% تعرضوا لشلل، و40 % باتوا يعانون من امراض مزمنة مختلفة مثل: السكري، الضغط، فقدان السمع، امراض القلب وغيرها من الادْوَاء الى جانب الامراض العصبية والنفسية.
4 آب يوم لا يُنسى!
لهذا اليوم ذكريات اليمة وبشعة كوجوه الذين كانوا سببا في كارثة لم ينشف رمادها منذ 3 سنوات، وفي هذا السياق، تحدث السيد مروان شمعوني لـ “الديار” عن مأساته في ذاك اليوم المشؤوم، فقال: “بعد أسبوع إجازة، عدّت الى عملي الذي يختص بالسفن في مرفأ بيروت، لم أكن اعلم ان مكروها ما سيقع بالقرب مني وسأكون واحدا من المصابين. لا أستذكر حقيقة ما حدث وجل ما اعرفه ان الله أرسل لي شخصا بدأ يساعدني بضبّ جلد رأسي المقشوط عن العظم واللحم وجزء منه كان مفتوحا وظاهرا، وتعرضت لالتواء في فقرات الرقبة لان الضربة كانت قوية جدا، وبدأت رحلتي مع العلاج والمصاريف الباهظة، لكن أصحاب الايادي البيضاء دعموني كثيرا. أضاف، عملي بخطر لأنه يتطلب مجهودا بدنيا كونه يتعلق بشد الحبال وهذا الامر لم اعد اقوى عليه. لافتا الى ان الدولة لم تتكفل برعايتي او تقدم أي تعويض يساعدني لمتابعة علاجي”.
اما السيد جوزاف الغفري فاختصر معاناته بالقول: “بُترت رجلي، وخضعت لتركيب ساق اصطناعية بديلة حتى أتمكن من التنقل. لكن المشكلة تكمن في عملية الكشف على الطرف بصورة مستمرة وهذا الامر لا اقوى عليه ماديا، كما ان المستلزمات الطبية التي احتاج اليها أصبحت بالفريش دولار، وبات الأطباء يتمنّعون عن تخفيض الأسعار او تقديم المساعدة الجزئية لجرحى انفجار مرفأ بيروت، وختم قائلا: في جمهورية المافيات المواطن متروك لمصيره”.
في الخلاصة، لا نريد في 4 آب يوم عطلة او حداد وطني، وتعطيل رسمي للمؤسسات وانما اظهار الحقيقة من خلال التحقيق الجنائي في أكبر انفجار شهده العصر الحديث!
المصدر: الديار