لبنان بين الملفات الساخنة ونار المخيمات
ما إن أنهت الفصائل الفلسطينية الأحد المنصرم توصلها إلى إتفاق لـ “تشكيل لجنة” من الأمناء العامين للفصائل لإستكمال الحوار بغية إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة، وطلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس من اللجنة “الشروع فوراً في العمل لإنجاز مهمتها والعودة بما تصل إليه من اتفاقات أو توصيات”، إندلع الرصاص في مخيم عين الحلوة وقتل نائب قائد الأمن الوطني الفلسطيني في لبنان، العميد أبو أشرف العرموشي بمنطقة صيدا، وأربعة آخرون على أيدي مسلحين.
ومن هذا المنطلق، يربط مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب التقدمي الاشتراكي الدكتور بهاء أبو كروم بين توقيت ما يحصل والإجتماع في مصر الذي خصص لـ “توحيد المشروع الفلسطيني ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي” على حد تعبيره.
ويرى أبو كروم أن “الحادثة “مفتعلة” وإستهدفت المسؤولين عن الحفاظ على أمن المخيم وكانت بحجم كبير بحيث شكلت تهديداً لأمن وإستقرار المخيمات الفلسطينية”، مشيراً الى أن “كل الفصائل تداعت فوراً للتهدئة والسيطرة على الأوضاع لمنع أي تفلّت، كما أن هناك جهوداً تبذل بين كل الأطراف الفلسطينية واللبنانية، المرجعيات والقيادات الأمنية والسياسية خصوصاً في منطقة صيدا لتطويق ذيول الحادث ومحاسبة المتسببين به”.
ويشدد أبو كروم على “ضرورة الحزم مع هذه المعطيات لأنه لا يجوز ترك الأمور رهناً لمن يريد أن يستهدف أمن وإستقرار المخيم”، لافتاً الى أنه كما يبدو “أن الجهود التي تبذل توصلت الى وقف إطلاق النار والمساعي مستمرة”.
ويشدد أبو كروم على “ألا يكون هناك تداعيات سياسية، بحيث أن الاستقرار في المخيمات الفلسطينية هو جزء من إستقرار البلد، والقوى الأساسية الفلسطينية تعمل بشكل موّحد بالتنسيق مع الدولة اللبنانية والأجهزة الأمنية في لبنان لمعالجة التداعيات والعمل على التهدئة، وبالتالي من الواجب رفع مستوى التنسيق لعدم السماح لأي فئة خارجة عن القانون بإستهداف الأمن وجر المخيمات الى توتر”.
ويضيف أبو كروم: “نحن مع الجهود التي تبذلها القوى الفلسطينية الشرعية والأحزاب وهيئة العمل المشترك التي تشكل لقاءً ما بين الفصائل والقوى الفلسطينية وعلى تنسيق دائم مع مؤسسات الدولة اللبنانية، وثمّة جهات موجودة في المخيم ليست على تواصل مع الدولة وبالتالي يوجد وضع خاص داخله وهذا الأمر لا بد من معالجته.
ويشدد أبو كروم على أن الجزء الأهم من معالجة الحادثة هو “التنسيق الدائم وتسليم المتسببين الى الدولة اللبنانية كمرجعية وحيدة عن الأمن”، مضيفاً: “أن الفصائل الفلسطينية دائماً ما تعود الى الدولة اللبنانية في محاسبة وتسليم المطلبين”.
ويختم أبو كروم: “نحن كحزب تقدمي إشتراكي نتابع الجهود مع الأخوة في السفارة الفلسطينية ومع المنظمات والقوى السياسية اللبنانية والفلسطينية ونحاول أن نساعد في إطار التهدئة وعدم السماح بانجرار المخيمات الى التوتر”.
قد يكون لبنان الجسم الأكثر إستقطاباً وخاصرة حاضرة لإلتقاط الرسائل، إنما التعويل دائماً على حكمة مختلف الأطراف على تقييد أي مآرب ومخططات تستهدف القضية الفلسطينة وتنزع فتيل أي تداعيات سياسية داخلية، فلسطينية أو لبنانية.
مخاطر أمنية: من جهتها، أشارت “الجمهورية” الى ان الملف الأخطر في ظل الخواء السياسي، تَبدّى في العبث الأمني، الذي أطلّ في توقيت مريب من مخيّم عين الحلوة. واللافت في هذا السياق، المخاوف من ان يكون هذا الاشعال فصلا من مسلسل تخريبي، تتمدّد شراراته وتداعياته الى خارج المخيم وسائر المخيمات الفلسطينية، وبالتالي خلق وقائع امنية جديدة يصعب احتواؤها.
ولاحظت مصادر متابعة ان خطورة هذا الاشعال تكمُنُ في أنّه لا يبدو منعزلا عن تطورات تتسارع في الفترة الاخيرة، عكست ما يبدو انه إيقاظ متعمّد للخلايا المتطرفة، الذي لوحِظ ان حركتها قد تزايدت وتكثفت في الفترة الاخيرة وخصوصا في سوريا، وتُرجِم ذلك في تفجيرات في اكثر من مكان، كان آخرها التفجير الارهابي الذي طال مشاركين في احياء مجالس عاشوراء في مقام السيدة زينب في سوريا.
واعربت المصادر عن خشيتها من أن يكون ذلك مؤشراً على دخول المنطقة من جديد الى مدار التوترات، وبالتالي فلتان الخلايا الارهابية، جراء تعثّر ما قد شاب محاولات اطفاء هذه التوترات سواء وخصوصا في اليمن، حيث يبدو ان الآمال بانفراجات قد بدأت تتضاءل، كما ان خطوات الانفتاح على سوريا وكذلك على ايران تشهد بطئا ملحوظا خلافا لما كانت عليه في بداية ما سميت التحوّلات الجذريّة في العلاقات بين دول المنطقة.
واكدت مصادر امنية لبنانية لـ”الجمهورية” أن اغتيال قادة فتح في عين الحلوة، سواء في توقيته، او مكانه او الطريقة العلنية والمكشوفة التي تمّ فيها، ليس عملية عابرة، بل انه ينطوي على ارادة تفجير واضحة، وهو الامر الذي يستوجب أخذ الحيطة والحذر من نوايا مُبيّتة لتفجير اوسع في مخيم عين الحلوة، وابعد منه، عبر تحريك الخلايا الارهابية من جديد سواء في داخل المخيمات الفلسطينية او خارجها في مناطق لبنانية معيّنة، بهدف زعزعة الامن واشاعة اجواء الفتنة.