محليات

سامي الجميّل: متخوّف من تفكك المعارضة وتكرار الخطيئة

حمّل رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل “حزب الله المسؤولية عن الأزمات السياسية والشغور الرئاسي، بسبب استخدامه منطق الاستقواء والهيمنة”، مؤكدًا “الاستمرار في المواجهة، لأن الرضوخ يعني تسليم البلد له”.

وتخوف الجميل في حديث إلى صحيفة “القبس” الكويتية، من “تفكك المعارضة، وتكرار الخطيئة السابقة”، موضحا “أهمية التنسيق الدائم بين أطرافها، والعمل على وضع تصور مشترك للمرحلة المقبلة”.

وسأل ردا على الدعوات بشأن الحوار: “هل تقبل أي دولة في العالم أن تحاور ميليشيا مسلحة تقرر عنها مصير الدولة والشعب؟”.

وسئل: مجلس شورى الدولة أصدر قراراً بإلزام وزير المال تسليمكم تقرير التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان فهل ذلك انتصار لكم أم للمعارضة أم للرئيس ميشال عون الذي خاض معركة التدقيق الجنائي؟

أجاب: “القضاء انتصر للشعب اللبناني لأن أموال مصرف لبنان هي أموال اللبنانيين، ومن حقهم أن يعرفوا كيف أُنفقت أو أُهدرت. القرار انتصار لمنطق المحاسبة، ولقدرة المجلس النيابي على القيام بدوره الرقابي والتشريعي، وأثبت أن بعض القضاة يملكون الجرأة للذهاب في قناعاتهم حتى النهاية”.

سئل: ما هو المسار الذي ستسلكه هذه القضية بعد قول القضاء كلمته؟ وهل تعتقد أن الوزير سينفّذ هذا القرار؟

اجاب: “نحن بانتظار أن يلتزم الوزير بالتنفيذ، بعدما تم إبلاغه بالقرار القضائي. أما في حال تمنّعه عن تسليمنا تقرير شركة التدقيق الجنائي فسنطالب بغرامات إكراهية، كما سنواصل الضغط عليه”.

اضاف: “في الحقيقة لا أعتقد أن وزير المال سيرضخ، لكننا مستمرون في هذه المعركة، لأن من حقنا أن نعرف أين أُهدرت أموال اللبنانيين. وأذكر أننا منذ لحظة المطالبة بالتدقيق الجنائي -نعترف أنه من الإنجازات التي قام بها الرئيس ميشال عون- كنا من الداعمين لهذا المسار، وطالبنا بأن يشمل التدقيق كل الوزارات والإدارات الرسمية، للكشف عن كل الصفقات، التي كانت تجري فيها”.

سئل: لبنان في شغور رئاسي منذ 9 أشهر وحكومة تصريف الأعمال مُتَنازع على صلاحياتها والمجلس النيابي شبه معطل، ألا تكشف هذه الأزمات خللاً عميقاً في النظام يتطلب الذهاب إلى عقد اجتماعي جديد؟

اجاب: “كل هذه الأزمات ليست وليدة خلل في النظام السياسي. قد يكون النظام مسؤول عن 20 في المئة من مشاكلنا. ليس النظام السياسي ما يمنع انتخاب رئيس جمهورية، بل محاولة “حزب الله” فرض هيمنته على باقي المكونات اللبنانية. منطق الاستقواء والهيمنة هو الذي يمنع البرلمان من الانعقاد، وإلا كنا عقدنا دورات متتالية، وانتخبنا رئيس جمهورية”.

اضاف: “حزب الله يضرب مبدأ المساواة بين اللبنانيين، هو من يقرر عنهم، وهو من يمتلك القدرة على تعطيل الاستحقاقات الدستورية، وعلى جر البلد إلى حرب، فيما الآخرون تحت سقف القانون. نحن اليوم أمام خيارين: إما الرضوح أو المواجهة، فبمجرد أن نسلم لمشيئة “حزب الله” سيُصار إلى انتخاب رئيس جمهورية، لكن في المقابل نكون سلمنا البلد إلى “حزب الله” ووضعناه في محور الممانعة، وهذا ما لن يحصل”.

سئل:  هل أثمرت مواجهة “حزب الله” توحيد المعارضة على مرشح رئاسي؟

اجاب: “توحدنا بداية على دعم ترشيح النائب ميشال معوض للرئاسة، وهو من يمثل تطلعاتنا السياسية، ولنبرهن عن حسن نية ونكسر الجمود الحاصل، تراجعنا عن معوض، ودعمنا الوزير السابق جهاد أزعور، باعتباره مرشحاً توافقيا”.

اضاف: “سياسة الانفتاح على الفريق الآخر ومد اليد ووجهت بالتخوين والتعطيل، وبمزيد من الاستقواء والفجور السياسي. هم مستمرون في هذا المنطق حتى هذه اللحظة، حيث تتحفنا قيادات “حزب الله” بتصاريح يومية، تتهمنا بتنفيذ أجندات صهيونية وغربية”.

سئل: تقاطعتم كقوى معارضة مع “التيار الوطني الحر” على تأييد جهاد أزعور، فهل ما زال هذا التقاطع قائماً؟ النائب آلان عون صرح بأن أزعور كان محاولة لم تصل إلى نتيجة، فهل هذا مؤشر للانسحاب من هذا التقاطع؟

اجاب: “لا يزال جهاد أزعور مرشحنا، بتأكيد من كل الأفرقاء الذين دعموا هذا الترشيح، وقد تبلّغت رسميا من “التيار الوطني الحر” بأنهم مستمرون في هذا الخيار، كما من باقي الأحزاب ومن النواب المستقلين والتغييريين”.

سئل: بيان اللجنة الخماسية من أجل لبنان التي اجتمعت في الدوحة، يلاقي إلى حد كبير مطالبكم، وهو أغفل الدعوة إلى الحوار كشرط لانتخاب رئيس للجمهورية وشدد على الاحتكام إلى الدستور لانتخابه، لكنه دعا في المقابل إلى انتخاب رئيس يوحّد اللبنانيين، فما رأيك؟

اجاب: “نحن أيضاً نريد رئيساً يوحّد اللبنانيين. جهاد أزعور ليس محسوباً على أحد، وأيّده “التيار الوطني الحر”، حليف “حزب الله”. وبالتالي، هو قادر على جمع اللبنانيين. المشكلة أن “حزب الله” يريد رئيساً مطواعاً، لا رئيساً يوحّد اللبنانيين”.

سئل: التقيتم الموفد الرئاسي الفرنسي في بيروت، فهل سمعتم منه أي جديد يخص الملف الرئاسي، علماً بأن الخارجية الفرنسية اعتبرت أن مهمته هي البحث عن حل توافقي؟ وهل يعني ذلك أن المرحلة السابقة طويت، وأن البحث جار عن خيار ثالث؟

اجاب: “التقيت لودريان، وأفضل أن تبقى المداولات بيننا سرية. كمعارضة، دعمنا الوزير السابق جهاد أزعور، باعتباره خيارا ثالثا، وليس مرشح مواجهة. فليطرح الثنائي الشيعي اسما توافقيا كما فعلنا”.

سئل: بيان اللجنة الخماسية أيضا ذكر بتنفيذ اتفاق الطائف، فهل حزب الكتائب لا يزال مقتنعا بمرجعية الطائف؟

اضاف: “الدستور اللبناني هو النص الأعلى الذي ينظم الحياة السياسية. صحيح أن النظام بحاجة إلى تطوير، لكن من ضمن الآليات الدستورية. والدستور يتضمن في جوهره آليات التعديل”.

سئل: هذا يستوجب حوارا لبنانيا – لبنانيا، فهل أنتم مع عقد هذا الحوار؟

اجاب: “نعم، إنما ليس بغياب رئيس الجمهورية”.

سئل: هل سيكون للبنان رئيس في المدى المنظور؟ “حزب الله” يقول لكم “لا تجرّبونا.. نَفَسنا طويل”؟

اجاب: “ونحن نَفَسنا أطول. بالنسبة لنا، ليس وارداً عندنا الخضوع لمنطق الابتزاز والتهويل والتخوين، هل المطلوب أن نقر بمرجعية “حزب الله”؟ هل توافق كل الدول التي تعطينا دروسا بضرورة الحوار أن تحاور ميليشيا مسلحة، وأن يقرر فريق فيها مصير الدولة والشعب؟”.

اضاف: “أما عن انتخاب رئيس في المدى المنظور، فنعم، سيكون لدينا رئيس جمهورية عندما يقرر “حزب الله” وقف التعاطي بمنطق الفرض والهيمنة على البلد. عندما يستخدم الأطر الديموقراطية، وليس القوة في فرض خياراته على باقي المكونات اللبنانية”.

سئل: كيف تقيّمون السياسة الفرنسية؟ وما رأيك بتصريح السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو حين توجهت بكلام غير مسبوق إلى اللبنانيين، وتحديداً القوى المسيحية؟

اجاب: “لم أسمع تصريح السفيرة الفرنسية. الفرنسيون يسعون إلى إيجاد حلول للمأزق السياسي. المشكلة تكمن في أنهم ينطلقون في محاولاتهم هذه من تجربة الـ2016 (انتخاب الرئيس ميشال عون) التي استعمل فيها “حزب الله” الأدوات نفسها التي يلجأ إليها اليوم، أي التعطيل، معتقدا أن الجميع سيخضعون لإرادته في نهاية المطاف”.

اضاف: “المعادلة الفرنسية تقول “لماذا إضاعة الوقت؟ فليذهب اللبنانيون إلى هذا الخيار”. الفرنسيون يستنسخون التجربة السابقة، ونحن نؤكد لهم أن هذا الأمر لن يتكرر، على أمل أن تبقى المعارضة متماسكة وثابتة على هذا الموقف”.

سئل: هل تتوجس من تضعضع المعارضة أو انقلاب أحد الأطراف على هذه المواقف؟

اجاب: “لدينا تجربة مرة في هذا الخصوص. عام 2016 عارضنا كلنا انتخاب ميشال عون، وفي نهاية المطاف بقينا وحدنا في المواجهة. اليوم نفتح صفحة جديدة، ولدينا فرصة لتوحيد المعارضة، على أمل ألا يرتكب أحد أطرافها الخطيئة السابقة نفسها”.

سئل: بالمناسبة كيف أصبحت العلاقة مع حزب “القوات اللبنانية”؟ ولماذا لم تلتق رئيس الحزب سمير جعجع بعد؟

اجاب: “نحن على تواصل دائم في كل المواقف، اللقاءات غير مهمة، إنما التنسيق قائم، ونسعى إلى وضع تصوّر مشترك للمرحلة المقبلة”.

سئل: لماذا نشهد توترا دائما على جبهة المعارضة وبعض التغييريين، مع العلم أنكم كحزب الكتائب كنتم الأقرب إلى الجموع المنتفضة في 2019؟

اجاب: “مشكلة قوى التغيير ليست مع حزب الكتائب، فنحن على تنسيق دائم، بل مع بقية الأفرقاء، وهذه العلاقة تحتاج إلى بناء ثقة”.

سئل: تخوفتم من عودة الاغتيالات، وحمّلتم “حزب الله” المسؤولية، فما الذي استدعى هذه المخاوف؟

اجاب: “التهديد الأمني موجود دائماً. وصلتنا إشارات دفعتني إلى التحذير من عودة الاغتيالات قبل وقوعها”.

سئل: على ماذا سيرسو مصير الحاكمية في ظل هذا الانهيار الاقتصادي المتمادي؟

اجاب: “لدينا 3 خيارات: إما التمديد لسلامة، أو تسلّم نواب الحاكم مهامه، أو تعيين الحكومة حاكماً جديداً. وهذه الخيارات تشبه طريقة تخيير أحد ما بشأن الطريقة التي يفضّل أن ينتحر بها. لسنا مضطرين للذهاب نحو حلول انتحارية بينما الحل موجود. حل يسمح بتعيين حاكم جديد، بتشكيل حكومة مكتملة الصلاحيات، باستنهاض البلد ورد الأمل للبنانيين: انتخاب رئيس للجمهورية”.

سئل: لماذا لم تنسحب التفاهمات الإقليمية السعودية – الإيرانية أو الخليجية – السورية على لبنان؟

اجاب: “لأننا لم نصل بعد لمرحلة التفاهمات. هي محاولات لوقف التشنّج، وليست حلولاً لمشاكل المنطقة. في لبنان لدينا مشاكلنا الخاصة غير المرتبطة بأي بلد آخر، مشكلتنا في ميليشيا مسلحة تهيمن على قرار البلد”.

وردا على سؤال بشأن الأمور المطلوبة من لبنان لإعادة علاقاته مع الدول العربية إلى سابق عهدها، قال: “حزب الكتائب تربطه علاقات تاريخية بالدول العربية، خصوصاً دولة الكويت الصديقة، التي كانت دائماً منحازة إلى جانب الشعب اللبناني، وأفضالها كثيرة على لبنان”.

اضاف: “حزب الله خرّب العلاقة مع الأشقاء العرب، ونتمنى أن تعود العلاقات بين لبنان وأشقائه العرب إلى سابق عهدها، ونسعى بكل جهدنا لترتيب هذ العلاقات، مدركين أن لبنان لا يمكن أن يتنفّس اقتصادياً وحتى سياسياً من دون التفاعل مع محيطه العربي”.

وعن التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، قال: “من دون تحقيق دولي لن نصل إلى الحقيقة. كل الاغتيالات التي حصلت هناك جريمة واحدة، وصل فيها التحقيق إلى نتيجة، هي اغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري. وما كنا لنعرف الحقيقة لولا المحكمة الدولية. في دولة اللاقانون والميليشيا والأجهزة الأمنية المتضاربة لا يمكن الوصول إلى أي نتيجة إلا عبر تحقيق دولي. وهناك دعم دولي لهذا الموضوع، ونأمل أن ننتقل إلى إقرار آليات دولية للتحقيق”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى