هل من مصلحة الأميركيين عرقلة الحل في لبنان؟
لا يزال الحل في لبنان بعيداً، هذه هي الخلاصة التي يصل اليها جميع المطلعين على تطور مسار التسوية الاقليمية والمساعي الدولية تجاه الإستحقاق الرئاسي، خصوصا أن الحراك الفرنسي المستمر لا يوحي بأنه سيحقق أي خرق جدي أو سيوصل الى انهاء الفراغ الدستوري في موقع رئاسة الجمهورية. من هنا باتت المراوحة سيدة الموقف بإنتظار تطور إقليمي كبير أو تبدل جدي في موقف إحدى الدول المؤثرة.
من الواضح أن الفرنسيين لا يزالون متحمسين لمبادرتهم الأولى، لا بل يعملون على إيجاد المخارج وتأمين التسهيلات للوصول الى توافق لبناني شامل عليها، لكن الموقف الفرنسي لا يحظى بإعجاب حقيقي من باقي الدول المهتمة بالشأن اللبناني، فلكل دولة اعتباراتها وأولوياتها وأهدافها، وإن كان هناك إجماع على فكرة منع الفوضى والإنهيار الكامل.
وفي الوقت الذي يصر فيه الإيرانيون على عدم الدخول في أي تفاوض ثنائي او جماعي حول لبنان على إعتبار أن “حزب الله” هو المخول التباحث حول تفاصيل الحل مع أي دولة ترغب بالوصول الى تسوية، تعمل بعض الدول على تدوير الزوايا وعدم عرقلة التسوية من دون ان تقوم بأي جهود لترجيح كفة هذا الفريق على ذلك، مثل المملكة العربية السعودية.
لكن، في الأيام الماضية بدأ الحديث الجدي عن أن الولايات المتحدة الاميركية لا تريد الحل في لبنان لا بل تعمل على عرقلته، خصوصا أن واشنطن ترى ان التسوية في لبنان، كما في أي دولة أخرى في الشرق الأوسط، ستكون على حساب مصالحها الإستراتيجية، لأنها منشغلة في مناطق اخرى من العالم في الوقت الذي تعمل فيه القوى الإقليمية على تحصين مصالحها من دون الإلتفات الى التفاصيل.
بالنسبة للاميركيين، يعتبر لبنان ساحة من ساحات الصراع، كغيره من دول المنطقة، وبالرغم من أن التوجه العام هو عدم الذهاب الى المواجهة او التفجير الكامل، إلا توقيت التسوية لم يحن بعد، بل يحتاج الى لحظة تتمكن فيها واشنطن من التفرغ للدخول بالتفاصيل كي لا تكون التسوية مساهمة عملية في إخراجها تدريجيا وتقليل حجم نفوذها في هذه الدولة.
لذلك فإن ما قيل عن عدم حماسة الاميركيين للمبادرة الفرنسية وللحراك الجدي الذي يسعى المبعوث الفرنسي ووزير الخارجية السابق جان إيف لودريان للقيام به، قريب من الصحة، من دون ان يعني ذلك سحب التكليف الاميركي لباريس بالملف اللبناني، لان ذلك سيعني فوضى سياسية كاملة، وسيؤدي الى ترك الساحة من دون أي ضابط إيقاع، فالعودة الاميركية المحدودة الى التفاصيل اللبنانية لا يمكن ان تكون كاملة الاوصاف في هذه اللحظة بالذات.