بيروت تحت تأثير بيان “مجموعة الخمس”
أشارت “الراي” الكويتيّة الى ان مع معاودة الحاضنة الدولية – العربية للوضع اللبناني «شدّ الحبل» حيال الملف الرئاسي بعدما «أرختْه» باريس أكثر من اللازم تحت عنوان «الحلّ الممكن» القائم على «توازنِ المقايضة» بين رئاستيْ الجمهورية (لحزب الله) والحكومة (لخصومه)، دَخَلَ المسارُ الخارجي للأزمة المستصعية في «بلاد الأرز» مرحلةً انتقاليةً بإمتياز سيشكّل الداخلُ نقطةَ ارتكازٍ رئيسيةً فيها على قاعدة أن «اللبْننة» تبقى اللبنة الأساسية لأي حلّ يتعيّن أن يرُاعي «قواعدَ سلوك» سياسي حدّدتْها العواصم الراعية للوطن الصغير بوصفْها القاطرة لأي عملية خروج من الحفرة المالية.
وفيما طوى اجتماعُ «مجموعةِ الخمس» حول لبنان في الدوحة صفحةَ تَفَرُّد فرنسا بمبادراتٍ ليس «على الموجة نفسها» مع شركائها الأربعة الآخَرين أي الولايات المتحدة، السعودية، مصر وقطر، لتُدشَّن مرحلةٌ من التنسيق والتناسق في الخطوات وفق المسلّمات السياسية التي رَسَمَها بيانُ اللقاء الخماسي في الدوحة بمرجعياته الدستورية والسيادية كما ذات الصلة بالشرعية الدولية وقراراتها الناظمة للوضع اللبناني، فإنّ هذه المجموعة بدت كأنها «قالت كلمتَها» الاثنين ومشتْ إلى أسابيع (حتى أيلول على الأرجح) قبل تحديد الخطوة التالية في ضوء تكريسها واقعياً انتهاء صلاحية تبنّي باريس لخيار زعيم «المردة» سليمان فرنجية (يدعمه حزب الله وحلفاؤه) ومحاولة موفدها جان إيف لودريان تسويق فكرةِ حوارٍ لبناني كـ «بدَل عن ضائع»، ومعاودتها ضبْط الملف الرئاسي وفق اللعبة الدستورية وتوازنات البرلمان، مع إشهار عصا العقوبات على مَن سيتمادون في عرقلة انتخاب رئيس جديد.
وكان بارزاً غداة اجتماع الدوحة أن يعود لودريان إلى السعودية للمرة الثانية في أسبوع، حيث إلتقى في جَدة وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان قبل أن يعود الى باريس، هو الذي كان استُقبل في 11 تموز من المستشار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء السعودي نزار العلولا (ترأس وفد المملكة إلى اجتماع مجموعة الخمس)، وهو ما اعتُبر في إطار ترجمة مرحلة «إعادة ضبْط» الحركة الفرنسية على إيقاع التنسيق الذي أُعطيت إشارته من العاصمة القطرية يوم الاثنين.
وخلال اللقاء مع فيصل بن فرحان، بحضور العلولا، جرى «عرض للعلاقات الثنائية بين المملكة وفرنسا، وسبل تكثيف التنسيق المشترَك في العديد من المجالات، بالإضافة إلى مناقشة آخر تطورات الملف اللبناني، والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية والجهود المبذولة في شأنها».
وفي المقلب اللبناني، بقيتْ بيروت تحت التأثيرِ المكتومِ لبيانِ «مجموعة الخمس» وسط تريُّث من «حزب الله»، أقرب إلى «لا تعليق» حتى الساعة، في المقاربة العلنية لِما خلص إليه الاجتماع وذلك ارتكازاً إلى موقفٍ حاسم بتبنّي فرنجية كخيارٍ ثابت، المتحرّك الوحيد فيه هو مَن يقترب ويبتعد منه بين الآخَرين.
وترى أوساط سياسية أن لعبة عضَّ الأصابع الداخلية حيال الأزمة الرئاسية تَمْضي نحو فصول أكثر اشتداداً، في حين تعيش البلاد حبْس أنفاس بإزاء موعد الأول من آب، وهو تاريخ انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي يشهد سباقاً في الطريق إليه بين:
– تلويح بالإستقالة من نوابه الأربعة اعتُبر ظاهرياً محاولةً لإشراك البرلمان والحكومة في تغطيةِ أي استمرارِ بإستخدام الاحتياطي الالزامي أي بقايا الدولارات سواء لتمويل الدولة أو لزوم منصة «صيرفة»، وهو المسار الذي يرفضونه أصلاً، في حين أن القطبة التي لم تعد مخفية في استقالتهم الجَماعية في حال حصلت تتمثل في الرغبة بجعل المسؤولية عن إدارة «كرة النار» النقدية بعد سلامة تتوزَّع على الأربعة معاً (إذ سيكلَّفون الاستمرارَ بتسيير المرفق العام)، عوض أن تقع فقط على النائب الأول وسيم منصوري (تنتقل إليه صلاحيات الحاكم وفق قانون النقد والتسليف).
– وبيّن سيناريو لن يَسقط نهائياً إلا عشية 1 آب حين يتأكد للجميع إذا كان سلامة سيغادر حاكمية «المركزي» بعد 30 عاماً فيها، وهو ما يرجّحه العديد من الأوساط، أم ستصحّ المخاوف من «شيء ما» ما زال يُطبخ لتمديدٍ تقني له خشية التفلّت الكامل للدولار الأسود، وفق ما أشّرت إليه هزّة الويك أند الأخير حين قفز في ساعات بنحو 10 آلاف ليرة وهدأ بإشارة من سلامة، ولا سيما في حال أصرّ نواب الحاكم على «دفن» صيرفة بنسختها الحالية والذهاب نحو صيغة أكثر شفافية تعني تحرير سعر الصرف بالكامل وتوحيده.