محليات

خفايا التصعيد في الغجر… الرابحان إسرائيل و”حزب الله” والخاسر الأكبر لبنان

طغت قضية الغجر والتصريحات الإعلامية التي ترافقها على المشهد العام في البلد، تخوفاً من انزلاق لبنان إلى أتون مواجهة تعيده إلى أعماق العصور الحجرية.

نصبُ “حزب الله” الخيمتين في شبعا، يمكن من الناحية النظرية قراءته على أنه تصعيد بوجه إسرائيل على قضمها، كما قيل، جزءاً من القسم اللبناني من قرية الغجر. لكن من السذاجة الاعتبار أن ما يفعله “الحزب” أو إسرائيل في العلن هو ما يبطنانه. فالاثنان كما دلّت الأحداث والتجارب منذ 2006 إلى اليوم تجمعهما مصالح متقاطعة إلى حدّ التماهي وتقديم خدمات سياسية في أحيان كثيرة.

تتزامن كل هذه التطورات مع اقتراب موعد التجديد لليونيفيل، والدعوات التي درجت عليها بعض الدول وتحديداً أميركا وإسرائيل عن توسيع مهام القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان.

كما أتى توقيت نصب الخيمتين في شبعا والتصعيد الحاصل مع مفاوضات أميركية – ايرانية تدور في عمان، هدفها كما يبدو استمالة ايران إلى الجانب المعادي أو أقله المحايد عن روسيا، وسط حديث عن وجود استعداد لبناني رسمي للبدء بترسيم الحدود البرية كما صرّح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس.

تصريح لبنان الرسمي مستند إلى تطورات سياسية تدور في أروقة “حزب الله” ووفق أجندة طهران الديبلوماسية كما يبدو وللأسف، وليس انطلاقاً من مصلحة لبنان الرسمي.

الخبير العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب، يرى أن التنازل الذي حصل في الترسيم البحري مع اسرائيل قد يتم براً، مذكّراً أن “حزب الله” الذي يسيطر على منطقة الجنوب، والذي أرسل مسيّرات فوق كاريش مهدّداً، وافق على الترسيم مع إسرائيل، وتم الوصول إلى اتفاقية لبنانية إسرائيلية موثقة في الأمم المتحدة بناء على طلب إسرائيل وموقّع عليها من جانب الحكومتين اللبنانية والإسرائيلية.

ملاعب، وفي حديث لـ”النهار” أجرى قراءة إقليمية ودولية ترتبط بما يحصل على الساحة اللبنانية وتحديداً في قرية الغجر، فاعتبر أن المفاوضات بين أميركا وإيران في عُمان قد تخلص إلى نتائج إيجابية لصالح الطرفين. فالأميركيون يحاولون تطويق روسيا من الجهات كافة، من ناحية بحر البلطيق، يوجد أستونيا، لاتفيا وليتوانيا، وهم يدورون في الفلك الأميركي وعلى أرضهم نحو 7 آلاف عسكري من الناتو، علماً أن اجتماع الناتو المقرر اليوم هو في ليتوانيا. ولجهة فنلندا والسويد، الأولى دخلت في الناتو والثانية تتحضر للدخول. فيما هي مطوقة من ناحية بولندا وألمانيا، لتبقى النقطة الأهم هي إيران. إذ هناك محاولات لإقناع إيران بالتخفيف من تواصلها مع روسيا مقابل مكاسب مالية قد يكون أهمها الإفراج عن الـ20 مليار دولار المحتجزة بفعل العقوبات.

هذا الواقع الإقليمي الدولي، يفرض على إيران تقديم تنازلات مقابلة، إرضاء لأميركا وإسرائيل أيضاً التي تتوجس من أي مفاوضات أميركية إيرانية. وبالتالي، قد تكون قصة ترسيم الحدود البرية هي ورقة الضمانة أو رسالة طمانة تقدمها طهران إلى تل أبيب.

ويشدد ملاعب على أن قرية الغجر هي قرية سورية وليست لبنانية، ولا شيء اسمه “الجزء اللبناني من قرية الغجر”، إلا أن التمدّد السكاني لقرية الغجر في خراج بلدة الماري قرب حاصبيا، جعل من البعض الادعاء بأن قرية الغجر لبنانية، فيما كان المطلوب من الدولة اللبنانية من الأساس عدم السماح لسكان الغجر بالتمدد نحو بلدة الماري.

وفيما هو معلوم أن اسرائيل قضمت نحو 500 ألف متر من قرية الماري أو ما يُسمى الجزء اللبناني من قرية الغجر، من المتوقع، بحسب ملاعب، أن تنسحب إسرائيل لاحقاً من هذه المنطقة بفعل مفاوضات سرية تحت الطاولة، تجعل من “الحزب” بطلاً ويظهر بأنه استطاع إرغام اسرائيل على الانسحاب من المناطق التي احتلتها، وتنال اسرائيل في المقابل تكريس الخط الأزرق بكل نقاطه كخط ترسيم مع لبنان، ومن ضمنها النقاط الخمس التي اعترض عليها لبنان بسبب الإجحاف الذي يلحق به.

وعما اذا كان الترسيم البري للحدود يسحب من “حزب الله” ذريعة بقاء سلاحه، يؤكد ملاعب أنّ “كل شيء مرهون بالتوافق بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، واذا حصل التفاهم بين البلدين، فمصلحة إيران هي أولاً”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى