173 يوما على اعتصام صليبا وخلف… لا إحساس ولا تغيير!
كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
بثقة العارف بنتائج التغيير التراكمي الذي يحدثه إعتصامهما في مجلس النواب لليوم 173 يقول النائبان التغييريان نجاة صليبا وملحم خلف لـ”المركزية” : مستمران في الإعتصام ومن دون أي تردد وبإيمان أقوى ونفسنا أطول بكثير مما يتصوره أي شخص”.
في 19 كانون الثاني 2023 وتحديدا إثر انتهاء الجلسة الحادية عشرة التي فشلت في انتخاب رئيس للجمهورية، قرر النائبان خلف وصليبا الاعتصام داخل مجلس النواب للضغط باتجاه انتخاب رئيس. يومها لاقت الخطوة دعماً من عدد من نواب المعارضة، بينهم حزب الكتائب اللبنانية. وفي أول تصريح له قال خلف ” التزاماً بالمواد الدستورية وانتظاماً لها، ودفعاً لانتخاب رئيس للجمهورية، بدورات متتالية من دون انقطاع، قررنا أنا والزميلة نجاة صليبا الاعتصام لكسر الجمود وسننام داخل المجلس، وهذه الخطوة ليست رمزية بل هدفها الدفع نحو انتخاب رئيس، فهذا واجب كل نائب وبناء على ذلك اتخذ القرار بعدم الخروج من قاعة المجلس النيابي والبقاء في داخلها، حتى تحقيق هذه الغاية”.
173 يوما مروا على الإعتصام ولا حياة لمن تنادي. حتى حس التعاطف والتعاطي مع الغاية التي على أساسها قرر كل من صليبا وخلف الإعتصام لا تزال راقدة في غياهب النهج السياسي وهي تغرق أكثر فأكثر بفعل الواقعية السياسية.”لكن يكفي أننا كرسنا مرجعية القانون في اعتصامنا، وساهمنا في تغيير النهج التدميري للمؤسسات الدستورية والديمقراطية التي ترتكز على 3 مبادئ هي، تداول السلطة والمساءلة وفصل السلطات”. يقول خلف.
تجربة الـ 173 يوماً علّمت خلف وصليبا الكثير. لكن في المقابل ساهمت في إعطاء دروس ورسم خطوط في مسار الواقعية السياسية. ” نحن نشهد على نظام هجين لا يحترم الديمقراطية إلا ظاهريا، بينما في الواقع هناك طبقة سياسية تسعى إلى تحقيق مشروع السلطة وليس مشروع وطن وهذا طبيعي في ظل نهج قائم على المحاصصة واقتسام المصالح والسلطة. في حين أن علاقة المسؤول بالسلطة يجب أن تُبنى على المؤسسات والدستور والقوانين والمساءلة”.
كثيرة هي الأسئلة التي تُطرح عن جدوى اعتصام نائبين تغييريين في مجلس النواب لتغيير النهج وتكريس فعل الديمقراطية والمساءلة والركون إلى الدستور والقوانين في عمل المؤسسات. نائبان يتضامن معهما عدد من نواب المعارضة والمستقلين وزملاء لهم في كتلة التغييريين ويحضران لمجالستهما وتأييد خطوتهما التي أحدثت خرقاً في جدار الواقعية السياسية لكن إلى متى وماذا ينفع ذلك في ما اللبناني يموت على أبواب المستشفيات ولا يملك ثمن علبة دواء أو شراء علبة حليب لرضيعه والأهم أنه بات عاجزا عن تعليم أولاده في المدارس والجامعات الخاصة؟ وإذا فكر بالقطاع التربوي الرسمي فالكلام الرسمي الذي يصح في ذلك “صفر علم ودراسة”. فهل يمكن أن يقترب النائبان من الواقع أكثر للخروج بما يمكن أن يوائم وجع الناس وهمومهم اليومية؟
“أنا واقعي لكن لا أريد أن أبقى في واقع كلّفنا حربا وخوفا ودمارا وهجرة ما لا يقل عن مليون لبناني وسرقة 92 مليار دولار من خزينة الدولة، عدا عن سرقة ودائع وجنى عمر وتعب الناس. لا أريد أن أستمر في واقع النهج التدميري لذلك ترانا نجاة وأنا مصران على الإستمرار في الإعتصام. نريد التغيير بس بدِّك مين يحسّ”.
ويضيف خلف”ما يحثنا على الإستمرار هو قضية استعادة الديمقراطية ومرجعية المؤسسات . والأكيد أن أصحاب القضية لا يؤمنون بالعدّ ولا يدخلون في زواريب الأيام. هناك فجوة بين المسؤول والشعب هذا إذا وُجد مسؤولٌ ما، لأن أغلبية النواب لا يمثلون الأمة كما ورد في الدستور، وإلا كانوا سينتفضون لوجع الناس وليس لمنطقة أو ومذهب معين”.
وعن مدى تفاعل القاعدة الشعبية ومدى إمكانية تحقيق نتيجة ما يعتبر أنه “منذ العام 1992 وعملية تقاسم السلطة والغنائم مستمرة. وما حققه اعتصامنا منذ 173 يوما أننا انتفضنا على هذا الواقع وقلنا لهم أنكم على خطأ .أنتم تنحرون الديمقراطية والتوافق لا يعلو على الدستور. هذا ما نسعى إليه ومتأكد أن النتائج ستتجلى ذات يوم لكن عملنا تراكمي”.
غياب الحس الوطني لدى المسؤول وراء استمرار النهج التدميري. عظيم. وإذا كان المطلوب، أن يتركوا السلطة ويكفّوا عن استغلال الناس وحقوقهم فهل يمكن أن يتحقق ذلك من خلال اعتصام نائبين من أصل 128 نائبا في مجلس النواب؟
“نحن نضيء شمعة في العتمة، ومن لا يريد أن يبصر النور نقول له سلفا لا نملك عدسات نظر . تسألون عن إمكانية استمرار اعتصامنا نجاة وأنا والجواب: بالتأكيد، لأننا ملزمون في بناء مستقبل للأجيال المقبلة ومؤمنون بأن نقطة الماء قادرة أن تحفرفي الصخر “.ويختم خلف مكررا ما بدأه في أول الكلام “نفسنا أطول بكثير مما يتصوره البعض وشعبنا يستحق، لذلك نحن مصران على الإعتصام “.