محليات

من جنين إلى جنوب لبنان… ما القاسم المشترك؟

كتبت يولا هاشم في “المركزية”:

أكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي إن العملية العسكرية الإسرائيلية الضخمة في الضفة التي بدأت الاثنين الماضي، تقترب من تحقيق أهدافها. لكن ما خلفيات هذا التصعيد وما الذي تريد تحقيقه اسرائيل، خاصة في هذا التوقيت بالذات، حيث تسعى تل أبيب إلى استكمال اتفاقيات ابراهام خاصة مع المملكة العربية السعودية، وهي من أكثر العارفين بأن ما تقوم به سيؤذي مسار التسويات في المنطقة ويدفع إلى مزيد من التأزم ويؤخر التطبيع مع العرب؟ 

العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر يقول لـ”المركزية”: الجواب ينطلق اولاً من وجود حكومة اسرائيلية من اليمين المتطرف وهذا يدفعها الى التصدي لكل مقاومة عسكرية او سياسية او شعبية ضد كل ما لا يزال يدعم خيار الدولتين بين اسرائيل والفلسطينيين. هذا السبب الاساسي خلف ما تقترفه هذه الحكومة القائمة على عدد من  أشدّ المتطرفين في المجتمع الاسرائيلي. 

ثانياً، شهدنا في الفترة الأخيرة ومنذ قيام هذه الحكومة  صحوة فلسطينية وميلا إلى اعتماد العنف من أجل تذكير اسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني وبضرورة العودة إلى المسار السياسي للبحث عن حلّ. هذه العمليات المتبادلة بين الطرفين والتي لم تنتهِ في غزّة بل شملت الضفة الغربية، ووجود شباب جديد متحمّس لقضيته، دفع اسرائيل إلى العمل من جديد عسكرياً ومن خلال القيام بعمليات عسكرية واسعة برية وجوية ضد بعض المدن ولاجتثاث المقاومين من معاقلهم داخل هذه المدن او المخيمات كما يحدث في جنين اليوم”. ويضيف: “وإلى ذلك، بدأت اسرائيل تشعر بأن هناك ميلا لوحدة الجبهات ما بين غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، أصبحت قاعدة الاشتباك في جنوب لبنان الى حدّ ما، ومن المنظار الاسرائيلي الصرف، مربوطة بما يجري من أحداث أمنية سواء في غزة أو قرى ومدن الضفة الغربية. 

لذلك، اذاعت اسرائيل، عندما بدأت عملية جنين، خبراً، بدا متعمدا، بأن نشرت القبّة الحديدية على جبهة جنوب لبنان وجبهة غزة كأنها تنتظر القيام بتحركات عسكرية ضدها ربطاً بقاعدة توحيد الجبهات وبما تعتقده بأن هناك تغييرا في قواعد الاشتباك على الجبهة اللبنانية بحيث ترتبط إلى حدّ ما بالتصعيد الذي يحصل في مناطق الضفة الغربية”. 

ويستطرد عبد القادر: ” دون النظر إلى الهوية الفعلية لمن يطلق الصواريخ من جنوب لبنان إلى اسرائيل، هل هو فصيل فلسطيني كما حدث في المرة الماضية أم هو حزب الله، فاسرائيل لا تجد فرقاً بين هاتين الهويتين، اذ لا يمكن للفلسطيني ان يقوم بأعمال عسكرية وإطلاق صواريخ من القليلة أو من أي منطقة أخرى دون موافقة مبدئية من قبل حزب الله وقد يكون بحماية من حزب الله. من هنا، تحمّل اسرائيل لبنان في جميع الحالات، بغض النظر عن هوية مطلق الصواريخ، المسؤولية للبنان، وعلى حزب الله أن يُدرِك بأن الأوضاع اللبنانية بهشاشتها الراهنة لا تحتمل فتح جبهة الجنوب لأن ذلك سيكون مدمّراً للبنان وللبيئة الحاضنة للحزب، الذين هم شيعة جبل عامل، الداعمين الأوائل له. لا أقول بأن حزب الله يريد حرباً مع اسرائيل، لأنه يدرك مساوئ هذه الحرب ويحاول بكل الوسائل تجنّبها لأنها ستأتي على كل ما جناه شيعة الجنوب من الداخل أو من المغتربات التي لجأوا إليها وخصوصاً في افريقيا، وبأن ذلك سيكون مدمراً لبيئته الشعبية وللبنان في الوقت نفسه. وبالتالي هو لا يريد بعقلانيته أن تقع حرب بينه وبين اسرائيل. كما ان اسرائيل من جهتها تدرك تماماً ان بعد حرب 2006 والقرار 1701 بات الجنوب يشكل الجبهة الأكثر هدوءا بين كل الجبهات الاسرائيلية سواء من جهة سوريا والاردن او من جهة مصر. والأحداث الأخيرة تؤشر إلى ذلك، هي تريد الحفاظ على هذه البيئة الهادئة على طرفي الحدود، ولذلك الطرفان لا يريدان الحرب، ولكن الحرب ليست دائماً فعلا عقلانية، وقد تقع عن طريق الخطأ وعن سوء تقدير قد يقوم به الطرفان المتواجهان، وهذا ما حدث تحديداً عام 2006، وما دفع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليقول “لو كنت أعلم”. 

ويختم: “لبنان سيدفع الثمن في أي مواجهة قد تحصل جنوبا وسيكون الثمن باهظا جدا بالنسبة للبنان واللبنانيين ولحزب الله تحديدا والبيئة الحاضنة له ولقدراته العسكرية والسياسية ولدوره في لبنان”.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى