محليات

صدمة ثقيلة.. صندوق النقد يُقدّم التقرير “الأشدّ قتامة” حول وضع لبنان!

عشية بدء الشهر التاسع من أزمة الفراغ الرئاسي، ووسط تصاعد الغموض الكثيف الذي يغلف كل الاحتمالات المتصلة بوضع البلاد مع تفاقم الانسداد السياسي وحالة اللايقين المتعلقة بمهمة الموفد الرئاسي الفرنسي الى لبنان جان ايف لودريان، جاءت الصدمة الجديدة الثقيلة (ولو غير مفاجئة) عبر التقرير المنتظر للمجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي حول لبنان ليشكل بدوره الشهادة الأقسى والأشد قتامة حيال واقع البلاد وما يتهددها من جراء الانهيار المالي واستعصاء حصول الإصلاح المطلوب.
هذا التقرير وإن كان مسؤولون قد اطلعوا على مضمونه سلفًا، تزامن إصداره أمس أيضًا مع “فورة” آمال عريضة بإمكان أن يشكل الانتعاش الكبير المنتظر في موسم الاصطياف هذه السنة جرعة دعم قوية لاقتصاد متهالك وواقع اجتماعي منهك، الأمر الذي يعيد الكرة إلى مرمى السياسيين الذين يبقى مفتاح دفع البلاد إلى الانفراج في يدهم من خلال الأزمة الرئاسية والسياسية، إذ لن يكون ثمة أي ضمان للجم الأخطار التي أوردها التقرير الأحدث لصندوق النقد الدولي الذي نشره أمس، سوى ببدء الحل السياسي عبر انتخاب رئيس للجمهورية. وليس غريبًا أن يشكل هذا الأمر البديهي هاجسًا مقيمًا لدى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الذي أفادت معلومات أنه شن هجومًا عنيفًا على النوّاب الذين عطّلوا النصاب في جلسة مجلس النواب الأخيرة، ما حال دون انتخاب رئيس للجمهوريّة. وأشارت المعلومات إلى أنّ الراعي قال أثناء استقباله بعض المرحّبين بوصوله إلى الديمان الأربعاء كلاماً قاسياّ جدّاً بحقّ النوّاب الذين خرجوا من القاعة العامّة بعد انتهاء الدورة الأولى .
وبالعودة إلى تقرير صندوق النقد الدولي فإن المجلس التنفيذي للصندوق، أفاد أنه أنهى مشاورات المادة الرابعة لعام 2023 مع لبنان بتاريخ 1 حزيران 2023، وأعلن في بيان أن لبنان يُواجه أزمة مالية ونقدية سيادية غير مسبوقة لا تزال مستمرة لأكثر من 3 سنوات وأعربوا عن بالغ قلقهم إزاء الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي تواجه لبنان لأكثر من 3 سنوات والتي أدت إلى انهيار حاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
وتوقّع ارتفاع الدين العام اللبناني إلى 550% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027 إذا استمر الوضع القائم مشيرًا إلى أنّ “إجراءات الإصلاح من دون التوقعات ولم يتم الالتزام بما نصحنا به”، وكشف أنّ تأخير إعادة هيكلة القطاع المالي في لبنان كلفت المودعين 10 مليارات دولار منذ 2020.

وأوضح التقرير أن “لبنان يواجه أزمة مصرفية ونقدية سيادية غير مسبوقة لا تزال مستمرة لأكثر من ثلاث سنوات. ومنذ بداية الأزمة، شهد الاقتصاد انكماشًا ناهز 40%، وفقدت الليرة اللبنانية 98% من قيمتها، وسجل التضخم معدلات غير مسبوقة، كما خسر المصرف المركزي ثلثي احتياطياته من النقد الأجنبي”. وتوقع أن “يواصل سعر الصرف تراجعه لتظل معدلات التضخم مرتفعة. وسيتحول النشاط الاقتصادي إلى القطاعات غير الرسمية، مما سيزيد من صعوبة تحصيل إيرادات المالية العامة. وسيواصل مصرف لبنان، المثقل نتيجة الخسائر غير المعالجة وفقدان الثقة، خسارة احتياطياته الخارجية. وقد تتسارع وتيرة الهجرة الخارجية، لا سيما لأصحاب المهارات، مما سيؤدي إلى تقويض النمو مستقبلًا. وسيكون الاستثمار في رأس المال المادي محدودًا. ولن تتمكن المصارف من أداء دورها المهم في توفير الائتمان، وسيستمر تباطؤ النمو الحقيقي. وستواجه الوضعية الخارجية تقلبات حادة في ظل المساعدات المحدودة من الشركاء متعددي الأطراف والإقليميين. وسيظل الدين العام على مسار غير مستدام نظرًا لأنه من المستبعد السير في إعادة الهيكلة في ظل غياب الإصلاحات، مما سيحد بدرجة كبيرة من قدرة الدولة على الاقتراض”.

وأعرب المديرون التنفيذيون “عن بالغ قلقهم إزاء الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي تواجه لبنان لأكثر من ثلاث سنوات والتي أدت إلى انهيار حاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وبينما أقر المديرون بصعوبة الوضع السياسي، فإنهم أعربوا عن أسفهم حيال الإجراءات المحدودة التي تم اتخاذها على مستوى السياسات للتصدي للأزمة. وأشاروا إلى المخاطر والتكلفة المتزايدة الناجمة عن مواصلة إرجاء الإجراءات اللازمة، ودعوا إلى ضرورة التنفيذ الحاسم لخطة إصلاح شاملة لحل الأزمة وتحقيق التعافي المستدام. وأكدوا ضرورة توفير أقصى حماية ممكنة لصغار المودعين.

وأكد المديرون على ضرورة ضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط، مصحوبًا بإعادة هيكلة الدين العام، لاستعادة الاستدامة المالية وإتاحة الحيز اللازم للإنفاق الاجتماعي والإنمائي. ودعوا إلى التعجيل بإقرار ميزانية لعام 2023 تتسم بالمصداقية وتقوم على إجراءات لإدارة الضرائب والإيرادات لدعم الإنفاق الاجتماعي والإنمائي الضروري.

المصدر :النهار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى