مياه شاطئ صيدا «غير مَأمُونة»: لا أموال لمعالجة الصرف الصحي!
كتب صهيب العتر في الأخبار:
شكّل عام 2014 نقطة تحوّل إيجابي في الواقع البيئي لصيدا، بإزالة جبل النفايات، الذي ربض على أنفاس المدينة لأكثر من ثلاثين عاماً. منذ ذلك، باتت المدينة مَضرب مثلٍ في نجاحها بمعالجة نفاياتها، ولا سيما خلال الأزمة التي شهدتها بيروت وجبل لبنان عام 2015. لكن فرحة الصيداويين بما تحقّق لم تدم طويلاً، مع تهاوي الدعائم التي استندت إليها بلدية صيدا، للحدّ من تلوث هواء المدينة وشاطئها وبحرها.
«حرجة غير مَأمُونة»، هو التعبير الذي استخدمه «المركز الوطني لعلوم البحار» التابع لـ«المجلس الوطني للبحوث العلمية» في تقييم «حالة المياه البكتيريولوجية» لـ«شاطئ صيدا الشعبي»، في تقريره السنوي لـ«الواقع البيئي للشاطئ اللبناني 2023»، لافتاً إلى أن التقييم السلبي يأتي بعد أعوامٍ من «التحسن الملحوظ في حالته البيئة».
بالأرقام، وجد باحثو «مركز علوم البحار» في بحر صيدا 500 مستعمرة للعقديات البرازية/ 100 ملل و79 مستعمرة للقولونيات البرازية/ 100 ملل (بكتيريا من مياه الصرف الصحي غير المعالجة، وهي تتسبب للبشر بتسمم والتهابات). كما عثروا على شاطئها على ما يفوق 10 آلاف قطعة نفايات صلبة/ 100 متر، غالبيتها: ورق، زجاج، معادن وأعقاب سجائر.
ويعود السبب الرئيسي لتدهور الحالة البيئية لبحر المدينة إلى الأعطال في محطة ضخّ المياه، عند محلة سينيق، جنوب المدينة. فالمحطة مربوطة بمجاري المدينة، إضافةً إلى مجاري أكثر من 60 بلدة في قضاء صيدا. ووظيفتها بعد تكرير مياه الصرف الصحي التي تصبّ فيها، وتنقيتها من الشوائب، التّخلص منها عبر ضخّها مسافة 2.3 كلم في عمق البحر. وفق البلدية، المحطة اليوم معطّلة بنسبة 90%، وهذا هو السبب المباشر للتقييم السلبي في تقرير «مركز علوم البحار».
مطلع الشهر الجاري، أعلن وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين مشروعاً بالشراكة مع وزارة الطاقة والمياه والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لإعادة تشغيل 11 محطة رئيسية لمعالجة مياه الصرف الصحي، لم تكن محطة صيدا من بينها، بتبريرات «غير مقبولة»، بالنسبة إلى النائب عبد الرحمن البزري، الذي لفت «الأخبار» إلى أنه تواصل مع المعنيين «ووُعدَ خيراً». وأوضح البزري أن المشكلة تتجاوز المحطة الرئيسية إلى 3 محطات فرعية مربوطة بها، اثنتان في صيدا وواحدة في الغازية (جنوب المدينة)، كاشفاً عن تعرضها إلى «السرقة بشكل مُنظّم»، كونها غير محمية كالمحطة الرئيسية بسورٍ واق. أمّا المحطة الرئيسية، فأعلن البزري أنه تبلّغ «تخصيص 30 ألف دولار لها، وهي تحت الصيانة من قبل مؤسسة مياه لبنان الجنوبي»، علماً أن الكلفة الإجمالية لصيانة المحطة تُقدّر بـ 500 ألف دولار!