محليات

ما هي شروط الثنائي للتخلي عن فرنجية؟

لا شيء في السياسة ثابت أو لا يخضع للمقايضة في أية عملية تفاوض يحتاجها طرفان أو أكثر. ولبنان لم يكن يوما استثناء عن هذه القاعدة، بل هو في صلبها، وما التنازلات الكبيرة التي شهدنا عليها طيلة المراحل السابقة والتي قدمها الطرف الاول للطرف الثاني أو العكس الا ترجمة لهذه القاعدة.
يُعتبر الملف الرئاسي اللبناني اليوم ورقة تفاوضية رابحة لدى بعض القوى في الداخل، خصوصا من يملك أوراق قوة قادر على مساومتها بمطالب فوق العادة لقاء التنازل عنها. وتكبر محفظة شروط الطرف القوي بقدر ما تكون حاجة الخصم الى تلك التنازلات مُلحة وتأتي في لحظة تقاطع اقليمي ودولي حرج. يُمثل الثنائي حزب الله حركة أمل الفريق الاقوى على الساحة الداخلية، وهو الذي يطبخ تسويته الخاصة على نار هادئة تُساعدة فيها التسويات الاقليمية فتُعزز موقعه وتعطيه الوقت الكافي لحسم خياراته الداخلية. في السياق يأتي الاستحقاق الرئاسي ليكون ورقة قوة بيد هذا الفريق يُفاوض عليها مع الاطراف الأخرى وينتقي عند عرضها ما يمكن أن يحفظ مصالحه في حال انعكست التسويات الدولية في وقت لاحق عليه.

ورغم تمسك حزب الله حركة أمل بسليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وإظهار هذا التمسك بمواقف وتصريحات وجلسات تصويت برلمانية، الا أن الكواليس التي تخبئ ما يجري من محادثات خلف الحدود تؤكد ان خيار فرنجية بالنسبة للثنائي هو واحد من خيارات رئاسية عدة لن يكشف عنها هذا الفريق اليوم حيث الغموض يلف المباحثات الايرانية والاميركية، والترقب يسود التسوية المستجدة بين السعودية وايران واستطرادا الانفتاح السعودي على سورية الذي يخضع بدوره لامتحانٍ تمهيدي من المبكر معرفة نتائجه.تؤكد مصادر نيابية مقربة من محور الثنائي أن اللحظة الاقليمية والدولية لم تحن بعد لحسم الخيارات الرئاسية، وبالتالي فان الحديث عن تنازلات وعروضات دولية لا زال بعيدا عن الواقع، مشيرة الى أن حزب الله ذاهب الى الجلسات الانتخابية بورقة فرنجية طالما ان البعض لا زال غير مقتنع بضرورة الجلوس على طاولة الحوار من اجل التوافق على الرئيس العتيد.

واذ تعتبر المصادر ان ترشيح فرنجية كان بديهيا من قبل الحزب والرئيس نبيه بري، نظرا لما قدمه الرجل من دعم لمحور المقاومة واستمر لسنوات ضمن هذا الخط رغم أنه خُذل من حزب الله في “رئاسيات 2016″، الا أن الامور لن تبقى مُعلقة الى ما لا نهاية وقد يُقدم الحزب على خطوة تنازل عندما يرى ان الوضع الداخلي تغير وأن الطرف الآخر مستعد لملاقاته عند منتصف الطريق ببعض التنازلات والتي تدخل في اطار التفاوض على الرُزمة الكاملة للملف الرئاسي، والتي تشمل الملف الحكومي وهوامشه من تعيينات في الفئة الاولى والسياسات الاقتصادية المتبعة، والاهم من كل ذلك ورقة البيان الوزاري والمتعلقة بالاستراتيجية الدفاعية التي يتمسك الحزب بثلاثيتها “جيش شعب مقاومة”، وهي المعادلة التي لا يمكن للحزب التنازل عنها خصوصا في المرحلة المقبلة حيث يرصد مواقف بعض القوى التي تُريد احياء القرارات الدولية كالقرار 1559 وهو ما يرفضه بالمُطلق ويُحذر أي طرف من التموضع بعكس ما يريده الحزب في هذا السياق.

وتشير المصادر الى أن التخلي عن فرنجية لرئاسة الجمهورية وارد في المرحلة المقبلة في حال وجد رئيس تيار المردة نفسه مُعرقلا لأي تسوية، ولكن في المقابل، لن يقبل الحزب بمرشح تحد أو مرشح لا يعطي ضمانات للقيادة في حارة حريك حول الملف الاساسي الا وهو سلاح المقاومة في وجه اسرائيل التي تترصد الحركة جنوبا وتنتظر التوقيت المناسب لتصفية حسابها مع حزب الله بالوسائل كافة.براغماتية الثنائي أبعد من التوقف عند الاسم، فالتسويات السياسية عندما يحين وقتها تجني المصالح لا العواطف، وهذا ما ينطبق على حالة فرنجية مع الحزب وبري، فالتنازل عنه لن يكون مجانا وسيكون مكلفا على الفريق الآخر الذي يعي أن شروط التفاوض قاسية وأن اللجوء الى خيارات أخرى وان كانت نتائجها مؤلمة عبر المواجهة تبقى اقل كلفة على المدى البعيد لبناء الدولة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى