المدير العام للتربية يبتز أساتذة الخاص: قفوا معنا في وجه معلّمي الرسمي
تسرّب، أمس، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو مصوّر للمدير العام للتربية، رئيس اللجان الفاحصة في الامتحانات الرسمية، عماد الأشقر، يهدد فيه بعض ممثلي أصحاب المدارس الخاصة بنقل طلابها إلى أقضية أخرى، كأن يأخذ طلاب كسروان إلى بعقلين والضاحية الجنوبية وغيرهما من المناطق، ما لم يشارك الأساتذة في أعمال المراقبة في الامتحانات. وذكر على وجه الخصوص منطقة كسروان في محافظة جبل لبنان التي تضم 20 ألف تلميذ في المدارس الخاصة، فيما أبدى أستاذ واحد فقط رغبته في المشاركة. واعترف الأشقر، في الفيديو، أنه هو من كان وراء اقتراح إجراء امتحانات البريفيه في العام الدراسي 2020 – 2021 داخل المدارس الخاصة وتحويلها من استحقاق رسمي إلى امتحانات مدرسية!
لكن، ليس مفهوماً لماذا استخدم الأشقر لهجة ابتزاز وبدت على ملامحه علامات التوتر، مع أنه أصدر في وقت سابق تعميماً يجبر أساتذة التعليم الرسمي على المشاركة في أعمال الامتحانات، ولم تعلن أي من روابط التعليم مقاطعة الاستحقاق حتى الآن، ما ينفي فرضية النقص في الأعداد مبدئياً، علماً أن المرسوم الرقم 9189 الصادر في 18 أيار 2022 والذي يجيز إشراك القطاع الخاص، نص في مادته الثانية: «كما يمكن أن يُكلّف بهذه الأعمال (مراقبة الامتحانات الرسمية) أفراد الهيئة التعليمية في ملاكات المدارس الخاصة العاملة بشكل قانوني، إذا استدعى حسن سير هذه الامتحانات اللجوء إلى هذا التكليف، وتُدفع بدلات المراقبة لهؤلاء جميعاً من الاعتمادات الملحوظة لأجراء وزارة التربية». يعني هذا أنه يمكن الاستعانة بأستاذ التعليم الخاص، إذا لزم الأمر، ودوره ليس أساسياً في المراقبة. كما أن المرسوم في حد ذاته يندرج في إطار خطة مبرمجة للتضييق على أساتذة التعليم الرسمي والالتفاف على حقوقهم وإفقارهم، ويقضي على آخر صلاحية يتمتع بها التعليم الرسمي، تمهيداً للاستغناء تدريجياً عن أساتذته ومهامهم التي تكرّسها المراسيم والقوانين منذ عشرات السنين. ولم يخف الأشقر في كلامه أن القطاع الخاص هو الأساس بالنسبة إليه ويجب أن ينخرط من باب أنه يضم 75% من تلامذة لبنان.
هل وضع الأشقر خطة (ب) استباقاً لأي قرار مقاطعة يمكن أن يقدم عليه أساتذة التعليم الرسمي، ثم خُذل وأصيب بخيبة أمل من عزوف القطاع الخاص عن مراقبة الامتحانات، وشعر أنه فقد السيطرة على قطاع ينتظر منه أن يحل محل التعليم الرسمي ويعتبر أنه في جيبته ورهن إشارته؟ وهل سحب المدير العام، بعدم مونته على القطاع الخاص، من يد الوزير ورقة الضغط التي كان يمكن أن يهدد بها أساتذة التعليم الرسمي إذا قاطعوا الامتحانات؟ ولماذا الانتقام من الطلاب بتسريب فيديو قبل ثلاثة أسابيع من موعد الامتحانات الرسمية، ما يزيد منسوب التوتر لديهم؟ وهل تأمين حسن سير الامتحانات يكون بابتزاز التعليم الخاص أم بالسعي لتأمين الحوافز المناسبة لأساتذة التعليم الرسمي وضمان مشاركتهم في الاستحقاق؟
رئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة، نعمه محفوض، أكّد أنْ لا أحدَ يستطيع أن يجبر أساتذة التعليم الخاص على المشاركة في الامتحانات إذا كانوا لا يريدون ذلك، خصوصاً أن دفع البدلات يأتي متأخراً، وإن «كنت أجد في كلام الأشقر شيئاً من المنطق لجهة أن حجم القطاع الخاص يفرض أن يكون حاضراً في كل مفاصل الاستحقاق». إلا أن محفوض شدّد على «أننا لن نسمح بمشاركة أساتذتنا في الامتحانات إذا قرّر زملاؤنا في التعليم الرسمي المقاطعة ولن نطعنهم في الظهر». لكنّ السؤال: إذا حصل ذلك فعلاً، هل تضمن النقابة استجابة أساتذة التعليم الخاص لموقفها؟.
«الأخبار» حاولت التواصل مع الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، يوسف نصر، الذي كان حاضراً في لقاء الأشقر مع ممثلي المدارس الخاصة عبر تطبيق «زووم»، إلا أنه كان غائباً عن السمع منذ صباح أمس.
فيما تدافع المديرية العامة للتعليم المهني والتقني عن جدية الامتحانات الرسمية المهنية وتدّعي الشفافية في التحضير للاستحقاق الذي يبدأ في مرحلته الأولى، الإثنين المقبل، بدا مستغرباً إدراج اسم إ. م. كمراقب عام إداري في مركز الشيخ محمد يعقوب المخصّص للامتحانات، علماً أنه توفي في 11 أيار 2021، فهل أُدرج اسمه في امتحانات العام الماضي 2021 – 2022 التي جرت بعد وفاته؟ وهل يتكرر هذا الأمر في مراكز أخرى؟ ومن ينال تعويضات الامتحانات عوضاً عنه؟ وهل يقتصر هذا الإجراء على الامتحانات فحسب، أم أن أسماء متوفين مدرجة أيضاً في اللوائح التي ترفعها المديرية إلى وزارة المال في شأن الرواتب والتعويضات؟ وماذا عن الحوافز بالدولار الأميركي التي تُعطى من الجهات المانحة؟ وهل هناك من يتقاضاها نيابة عن متوفين؟