وصفة حكومية جديدة… إجراءات خطيرة تضرب اللبنانيين؟
تتحضّر حكومة الرئيس نجيب ميقاتي لإعداد موازنة الـ 2023 وتعتمد هذه المرة في احتساب النفقات والواردات على سعر منصة صيرفة، فما هي تداعيات هذا الإجراء الذي ستأخذه الحكومة على الموازنة من جهة وعلى اللبنانيين من جهة ثانية.
يشير الخبير الإقتصادي الدكتور أحمد جابر إلى أنّ “الجميع يعلم بأن الموازنة العامّة تتألّف من كتلتين: كتلة إيرادات وكتلة نفقات، وبالتالي لدى تفعيل الموازنة وفق سعر صيرفة هذا يعني أن كتلة النفقات ستزداد وكذلك الأمر بالنسبة للإيرادات”.
ويوضح أنه عندما تزداد الإيرادات فمصدر الإيرادات تكون من الضرائب بالدرجة الأولى فهذا يعني أن الضرائب تلقائيا سوف ترتفع قيمتها”, وبالتالي من يدفع هذه الضرائب هو المواطن، لافتاً إلى أنه “إذا كانت ضريبة الـ tva من المنتج إلى التاجر وبالتالي إلى المستهلك إذا المواطن هو من يتحمّل عبء الضربية، وهي التي في الأساس لن تؤمن العدالة الضريبية”.
وينبّه إلى أن فرض ضريبة جديدة سيتم اعتمادها على سعر صيرفة وسترتفع التعرفة مع إرتفاع سعر صيرفة مما سيؤدي حتماً إلى إرتفاع في الأسعار لا سيّما بالليرة اللبنانية وبالتالي سيؤدي إلى تآكل إضافي للقدرة الشرائية للمواطن”، الذي يتحمّل وحده عبء هذه الضرائب”.
ولا ينفي أن التاجر أو صاحب المصنع سيتأثر برفع الضريبة لأنها ستقتطع جزءاً من أرباحه لكنه حتماً لن يخسر وقد يحقق مكاسب عبر رفع سعر السلعة.
ويشرح أنه في مقابل هذه الإيرادات التي ستحقّقها الموازنة سيترتّب نفقات إضافية فعلى سبيل المثال عندما تقوم الدولة ببعض النفقات التشغيلية لا سيّما شراء مادة المازوت أو أوراق مكتبية للوزارات، فهي تدفع ثمنها بالدولار مضروبا بسعرها على الليرة اللبنانية وفق سعر السوق، إذا لا شك أنه هناك أعباء على الدولة اللبنانية، ولكن اليوم طرح الموازنة العامة بهذه الطريقة سوف يعكس واقعا سلبيا على البعد الإجتماعي والإقتصادي وحتى المالي لأنه اليوم زيادة الضربية سوف تؤدي إلى التهرب الضريبي، وبالتالي عند حصول تهرب ضريبي، واردات الدولة سوف تنخفض، وبالتالي لن تحقق الدولة أهدافها من ذلك.
ويكشف أننا اليوم نعاني من عجز مزمن في الموازنة العامة، كما أننا غير قادرين على ردم الفجوة ما بين النفقات والإيرادات فضلا عن أننا في حالة عجز مزدوج عجز الموازنة العامة يقابله عجز في ميزان المدفوعات، فهذا العجز المزمن في الموازنة العامة وميزان المدفوعات شكّل عجزا مزدوجا، وهذا يؤدي إلى إنهيار ما تبقى من إقتصاد”.
وعليه، يعتبر جابر أنه “لا بد من إعادة النظر في سعر صيرفة، فالكتلة النقدية تزداد أكثر وأكثر، قاموا بزيادة الرواتب والأجور، وهذه الزيادة حتما تشكل عبئا على المالية العامة، ولكن هي أيضا تشكّل عبء على الإقتصاد، وعلى القطاعات الإنتاجية، وحتى أيضا هي تشكل عبء على المستهلك أو المواطنين، لأن زيادة الكتلة النقدية، تحتم التضخم وإرتفاع الأسعار “.
ويتابع، “مرة جديدة أيضا تتآكل القدرة الشرائية وبعدها نعيد الكرة ونبحث عن زيادة في الرواتب مرة جديدة وأيضا ككرة الثلج زيادة في الأسعار والتضخم وتآكل القدرة الشرائية “.
ومن الواضح لجابر هو أن “الحكومة لا تتّخذ إجراءات علمية ترتكز على أسس واضحة، وعلى ما يبدو أن هناك قرارات عشوائية تتخذ وبعيدة كل البعد عن الدراسات الموضوعية، وهذا الأمر يتطلّب دراسة دقيقة, وربّما هناك خيارات أخرى فبدل العمل على زيادة الرواتب من الممكن العمل على زيادة الأجر الإجتماعي (وسائل النقل، كلفة الطاقة، أكلاف الفاتورة الصحية، والمدارس)، لإعادة جزء من القدرة الشرائية للمداخيل، فهنا الأجر الإجتماعي قد يحد من التضخم وإرتفاع الأسعار وبالمقابل يعزز من القدرة الشرائية للمواطن”.
ويختم جابر حديثه مؤكدا أن “إعتماد سعر صيرفة لا يأخذ بعين الإعتبار الأبعاد الإجتماعية وأي قرار وأي مشروع لا يأخذ البعد الإجتماعي بالدرجة الأولى بعين الإعتبار هو مشروع يفتقد إلى العدالة الإجتماعية”.