رسالة لجنة التنسيق وصلت إلى الخارجية الأميركية… ماذا سمع منها بري؟
كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
أصابت الرسالة التي وجهتها لجنة التّنسيق اللّبنانيّة – الأميركيّة عشية الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية الى وزارة الخارجية الاميركية والكونغرس الاميركي . إذ تبين أن المخاوف التي عبرت عنها اللجنة “من باب الحرص على حسن سير العملية الديمقراطية” حصلت. فبالإضافة إلى عملية تعطيل النصاب قبل الإنتهاء من عملية الفرز في الدورة الأولى، رفض رئيس المجلس نبيه بري التأكد من الإلتباس الحاصل في شأن “اختفاء” صوت، وأطفأ الكهرباء داخل القاعة بهدف قطع الإرسال وكم أصوات النواب !.
في سطور الرسالة التي وجهتها اللجنة دعوة صريحة الى “المساعدة في انهاء الشغور الرئاسي في لبنان” وتأكيد على مضمون “الرسالة السابقة التي وجهتها “الى رئيس مجلس النوّاب نبيه بري للتحرّك سريعًا لانتِخاب رئيس موحّد جامع يُطلِق مسار الإصلاحات الاقتصاديّة “. وحثت اللجنة “رئيس المجلس على تحمّل مسؤوليّاته الدّستوريّة كامِلة، وإبقاء جلسات انتِخاب رئيس للجمهوريّة مفتوحة حتّى إنجاز الاستحقاق الانتِخابي، ومنع كلّ محاولات عرقلة أو تعطيل لهذا الاستحقاق”.كما حثت النواب على “وعي خطورة استمرار الشّغور الرّئاسي، وبالتّالي تحمّلهم مسؤوليّة المشاركة في كلّ الجلسات والتّصويت للمرشّح الذي يرونه مناسباً وليس بورقة بيضاء”.
الجواب جاء سريعاً. إنسحب بري من الجلسة ومعه نواب الثنائي والمصطفون معه عن قناعة أو بالتهديد والترغيب. فكان المشهد الذي اختصرته تمنيات اللجنة إلى الإدارة الأميركية تطبيق عدم إسقاط معايير الدستور ومفهوم الديمقراطية.
هكذا انتهت الجلسة 12 . شغور وأوراق بيضاء وشعارات وانقلاب الموازين في اللحظة الأخيرة. لكن الأهم المشهدية الجديدة للبنان الذي يمسك به الثنائي ويجعل منه وطنا لا يشبه لبنان الكبير.
النواب الخارجون من الجلسة عبروا عن رأيهم وأطلقوا ما في جعبهم من مواقف. لكن على من تقرأ مزاميرك؟
فهل تفضي الرسالة التي وجهتها اللجنة باسم المنظمات الاميركية الثمانية وهي: “لبناننا الجديد”، “الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم”، “المركز اللبناني للمعلومات”، “شراكة النهضة اللبنانية – الاميركية”، “دروع لبنان الموحد”، “التجمّع من أجل لبنان”، “لبنانيون من أجل لبنان” و”المعهد الأميركي – اللبناني للسياسات”، ومعهم “ملتقى التأثير المدني” بصفته المنظمة الاستشارية الوطنيّة لها، إلى إطلاق دينامية وطنية لإنهاء الشغور الرئاسي المستمر منذ ثمانية أشهر؟.
المشهدية التي قامت في 14 حزيران، أنتجت مومنتوم في التناقض القائم بين مشروعين: مشروع الدولة ومشروع اللادولة، وهنا بيت القصيد.
في هذا السياق، تعتبر مصادر مطلعة على المسار الديبلوماسي في واشنطن، أن ثمة تساؤلات بنيوية حول مسار التقاطع الأميركي -الفرنسي – العربي مع الدينامية الداخلية لقوى المعارضة، وحول دستورية خروج رئيس مجلس النواب من الجلسة على رغم الخلل الذي برز في عملية الفرز، وحول تصلُّب ثنائي حركة أمل – حزب الله في تمييع المسار الديمقراطي لصالح الإصرار على الدعوة إلى الحوار لفرض مرشحهم ، أو لطرح صيغة النظام الميثاقي ، وبالتالي الإنقضاض على اتفاق الطائف، بعد الإنقضاض على السيادة.
وتوضح المصادر لـ”المركزية” “أن الضغط الذي تعرّض له رئيس مجلس النواب من خلال الإتصال الذي ورد إليه من الخارجية الأميركية، كان نتيجة تقاطع بين حرصٍ من قوى فاعلة في الإغتراب اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية، وفي طليعتهم لجنة التنسيق اللبنانية-الأميركية على موجب عدم التهاون مع استمرار الشغور الرئاسي، من باب تثبيت العملية الديمقراطية من ناحية، ورفض السّعي المستمر لضرب مرتكزات التداول الديمقراطي السلمي المنتظم للسلطة من خلال تعطيل النصاب، أو اعتماد الورقة البيضاء، أو الإقتراعات العبثية ، وليس لاستدراج تدخّل”.
وتتابع المصادر بالجزم “أن الضغط سيستمر، حرصاً على الشعب اللبناني عضوا مؤسسا في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية .وثمة تواصل قائم في هذا السياق بين مجموعة الخمسة بكل تشكيلاتها في هذا الإتجاه”.
في ما يعنى بضرب الدستور، يلفت مصدر مطلع على الدينامية الداخلية إلى “أن قوى المعارضة السيادية الإصلاحية التغييرية معنية بإطلاق مسار طعنٍ دستوري لمخالفة الرئيس بري للدستور بخروجه من دون وجه ذي حق ، وعدم التزامه بأحقية قيام جلسات مفتوحة ، كما الطعن بالممارسة غير المسؤولة لنواب التعطيل والورقة البيضاء والأوراق العبثية”. والسؤال الذي يطرح ،هل نحن متجهون إلى أزمة نظام تنهي مفاعيل اتفاق الطائف؟.
” مجنون من يعتقد أن فائض قوة الثنائي وسياسة الترهيب والترغيب قد تفضي إلى الرضوخ لتسليم لبنان إلى خيارات إنتحارية”. هكذا يختصر المصدر موقف المعارضة.وعليه يبقى السؤال هل فتحت جلسة 14 حزيران الباب على مصراعيه لمواجهة شاملة بين الدولة واللادولة”؟ يختم المصدر.