بالتحدي لا يُمكن لأحد انتخاب رئيس!
رعى نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب العشاء السنوي للرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس في فندق فينيسيا، بدعوة من رئيسها الدكتور صلاح رستم، في حضور المطران موسي سلوان ممثلا بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس البطريرك يوحنا العاشر اليازجي وعدد من الوزراء والنواب والسفراء وشخصيات سياسية ونقابية وإجتماعية وإعلامية.
بعد النشيد الوطني، وصلاة شكر رفعها المطران موسي على نية لبنان والسلام، ألقت رئيسة لجنة العلاقات العامة في الرابطة السيدة زينة الخوري كلمة ترحيب وتعريف، ثم ألقى رئيس الرابطة رستم كلمة قال فيها:
“تحتفل الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس هذا العام بذكرى تأسيسها الخامس والأربعين، ومع انتخاب الهيئة الإدارية الحالية في نهاية شهر كانون الأول 2021، قد إرتدت الرابطة حلة جديدة في مواكبة تطورات العصر من مكننة ووضع برامج المعلوماتية في إدارة الشؤون المالية والإدارية، مما حول الرابطة الى مؤسسة صديقة للبيئة، وعملنا على تعديلات مهمة في الدستور الأساسي والداخلي للرابطة، مما يكرس فيها العمل الديموقراطي الحق وينظم العمل الإداري ويسمح لها بالتوسع بمجالات إجتماعية عديدة، كما أننا عملنا وما زلنا نعمل على الإنتشار والإنفتاح على العالم الخارجي”.
أضاف: “تبث الرابطة اليوم روح الشباب والنشاط والمبادرة والاصرار والسهر والمتابعة والملاحقة، قررنا التقدم بمشاريع نكون فيها جاهزين امام الازمات المتأتية على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والوطني. نحن دائما بحاجة الى التحديث والى اساليب متطورة تحترم الطاقات الشبابية القادرة على تبادل الخبرات. وتؤكد الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس دائما دورها ان يكون فاصلا وجامعا للاخوة المسيحيين ووطنيا لجميع اللبنانيين. هي المؤسسة الأم الجامعة، وهنا تكمن أهمية دور الرابطة”.
ودعا الى “الحوار والإلتقاء على الثوابت الجامعة- فلبنان بلد للتلاقي الإنساني الرحب تسوده ثقافة الحرية والديموقراطية في مجتمع تعددي، جعل منه وطنا مسكونيا يحتضن الديانات السماوية بتسامح وتفاعل. وقد كان إلى الأمس القريب مثالا يحتذى من دول تماثله في تركيبتها المتنوعة”.
وقال: “الرابطة اللبنانية للروم الارثوذكس، هذه المؤسسة العريقة، تحافظ على دورها الرائد وحضورها المتألق في خدمة لبنان. وهي تهدف الى ترسيخ أسس العيش المشترك الذي رسخه الدستور اللبناني القائم على الحرية والمساواة على اساس المواطنة الواحدة. نعمل من اجل الحفاظ والدفاع عن حقوق الروم الأرثوذكس والمسيحيين الإجتماعية والثقافية والسياسية. وتشكل قوة ضغط لاستمرار وجودهم في البلد الأم بطريقة متساوية مع باقي العائلات الروحية وتهدف الى نشر التراث المشرقي على جميع المستويات. اذ نسعى في الرابطة الى مد جسور التعاون والتلاقي بين كل الفاعليات الأرثوذكسية بتأسيس اتحاد، وكذلك إعادة إحياء اتحاد الروابط المسيحية مع الرابطة المارونية وغيرها”.
وتابع: “اننا نتطلع الى غد أفضل وانطلاقة جديدة، لتحرير لبنان من المعوقات التي تكبله، واعادة تكوين الدولة ومؤسساتها، وانكفاء الضائقة الاقتصادية والاجتماعية، واسترداد أموال اللبنانيين المنهوبة، وتحرير ودائعهم. فالظلم من بعض الوجوه زاد والإنقسام ملأ البلاد والأمن مفقود كما في الماضي والحكم مبني على الأغراض، وكانت الرشوة قبلا سرا واليوم زادت ولكن جهرا. وإن حالة مجلس النواب محزنة لكثرة الأحزاب. لا أحد يسعى بحسن النية إلا إلى المنفعة الذاتية”.
وأردف: “آن لنا أن نألف الوفاق ونطرح الخصام والشقاق، اتفقوا لتحفظوا كيانكم وترفعوا إلى العلاء شأنكم. فيا رب إلهم زعماء الفرق ليدركوا مضرة التفرق واعطهم عقلا رفيعا ثاقبا ورأيا صائبا ليحسنوا الخدمة للبنان وينشروا العدل مع الأمان”.
وختم: “انني على يقين بأن قيامة لبنان آتية لا محال. فالقيامة هي الإنتصار على الموت، وهي تجمع بين قوة الله المنتصرة وإرادة الإنسان الذي يقول نعم للرب ونعم للحياة”.
بو صعب
وألقى راعي الاحتفال بو صعب كلمة استهلها بشكر المنظمين والداعين والحاضرين وقال: “الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس تعمل بمبادىء وقيم مد الجسور والتعاون والتلاقي والتضحية والحرية. الدستور اللبناني يفرض انتخاب رئيس جمهورية على أساس وطني. ومعروف عن الأرثوذكسيين أنهم طائفة اللاطائفيين، وهذا ما نعتز به نحن الأرثوذكسيين”.
أضاف: “عقيدة الرابطة هي الأرض والعمل والعلمنة والمستقبل. ومن هنا سأركز في كلمتي على موضوع العلمنة. لأن الأزمة التي نمر بها في لبنان سببها الرئيسي هو التكوين الطائفي الذي على أساسه يحاول الجميع الإختباء في عباءة طائفته حتى بفسادهم. وأنا أتحدث عن هذا الموضوع من منطلق خبرة عشتها في المواقع التي تسلمتها، فإذا أردت محاسبة فاسد أو مرتكب، أول ما يقوم به هذا المتهم يذهب إلى مرجعيته الدينية أو السياسية للإحتماء بها. علينا كلنا أن يعرف أن المذهبية والطائفية هي سبب العلل والأزمات في بلدنا. وآمل أن تكون القناعة التي لدينا نحن أبناء طائفة اللاطائفيين أن تكون طائفتنا هي التي تعمل للوصول الى الدولة العلمانية المدنية، التي هي المخرج الوحيد لخروج لبنان من أزماته”.
وتابع بو صعب كلمته متحدثا عن “الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان، لا سيما في ظل الشغور الرئاسي والإنهيار المالي والإقتصادي”، فقال: “التحديات التي يمر بها لبنان ليست سهلة أبدا والتغييرات المطلوبة لإنقاذ وطننا كبيرة وكبيرة جدا، لأن الكل في مواجهة الكل، وذلك بسبب وجود أحزاب وطوائف واختلافات عدة حتى لدى الفريق الواحد. إننا نفتقد في لبنان الى النضوج السياسي. وكما قال يوما دولة الرئيس سليم الحص، في لبنان يوجد كثير من الحرية، ولكن قليل من الديموقراطية. هناك فرق بين الحرية والديموقراطية. الحرية للأسف بالمفهوم الذي لدينا هو شتم الآخر ومن دون سبب. الحرية يجب أن تكون ديموقراطية فعلية. أي حريتك تقف عند عدم الإعتداء على الآخر. هذا ما نفتقده في العمل السياسي في لبنان. نحن بحاجة إلى إعادة تثقيف وجهودنا يجب أن تصب في هذا الإتجاه، إتجاه الثقافة السياسية الحقة، في مجتمعاتنا وجامعاتنا ومدارسنا. هذه الثقافة تربي أجيال الغد، والأجيال التي لم تولد بعد على الصدق والنزاهة والحرية والديموقراطية الحقة والصحيحة، وهذه القيم الثقافية توصل لبنان الى دولة مستقرة ومزدهرة” .
وقال: “التغيير بدأ حتى ولو بوتيرة بطيئة، ولكننا سائرون بالطريق الصحيح، وإذا استمررنا بهذه المسيرة، وإن لم نستطع بناء لبنان الذي نريده، أولادنا سيبنونه.
التحديات التي نواجهها اليوم كثيرة وكبيرة، النزوح السوري والأزمة الإقتصادية وانتخاب رئيس جمهورية.
بالنسبة إلى موضوع النزوح السوري، نحن من الذين عليهم الوقوف إلى جانب شعب يهرب من حرب. كما فتحت سوريا أبوابها واستقبلت اللبنانيين في زمن الإجتياح الإسرائيلي وفي أوقات أخرى خلال الحروب التي مر بها لبنان، لبنان فتح أبوابه للسوريين، ولكن بعد وقف الحرب في سوريا، قضية النزوح يجب أن تحل لأنها تؤثر سلبا على لبنان إقتصاديا وإجتماعيا وصحيا وتربويا. أربعون بالمئة من خسائر لبنان هي بسبب النزوح السوري الى لبنان. الكهرباء، المياه، الصحة، المدارس، المواد الغذائية المدعومة والدواء المدعوم. لدينا إقتصادان في لبنان وليس إقتصاد واحد. بالتالي فإن المجتمع الدولي وتحت عنوان حقوق الإنسان يمنع حل المشكلة. الموضوع اليوم اختلف عن السابق وهناك اجماع بين اللبنانيين أن هذا الملف يجب معالجته لنستطيع الخروج من أزمتنا الإقتصادية أو لنقل بداية الخروج منها، ولتحقيق الإصلاحات المطلوبة ومكافحة الفساد ومحاربته والقوانين التي يجب إقرارها والإتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل الحكومة لمواكبة كل إصلاح واستقرار”.
ووجه بو صعب “تحية تقدير الى الوزير السابق نقولا نحاس لمواكبته الدائمة لكل هذه الملفات، وكأنه ما زال وزيرا أو نائبا”. وقال: “نحن أمام أسبوع حاسم لإقرار قانون الشيخوخة الذي عمل عليه نحاس بمواظبة، وهذا القانون سيصنع فرقا للمواطن اللبناني. نعم علينا الإعتراف أن هناك مسؤولين يحبون بلدهم ويعملون لخيره ولخير أبنائه”.
وتابع: “بالنسبة الى موضوع صندوق النقد الدولي يجب الوصول إلى خواتيمه السعيدة، ليس لأننا بحاجة إلى أربعة أو خمسة مليارات دولار، ولكن من أجل استعادة الثقة الدولية والمجتمع الدولي بلبنان. وإذا عادت الثقة فاللبنانيون قادرون على انعاش اقتصاد بلدهم وإعطاء الثقة بالمصارف والإستثمار في لبنان، وهذا يتطلب أولا انتخاب رئيس جمهورية وحكومة وإصلاحات. والعقبة الوحيدة اليوم هي غياب رأس السلطة. وما دام لا رئيس جمهورية لدينا، لا يمكن لنا البدء بخارطة الطريق للانقاذ. ونطلب من صندوق النقد الدولي اليوم إعطاءنا المال المطلوب لإستجرار الغاز من مصر الى حين إنهاء أزمة الكهرباء”.
وفي موضوع رئاسة الجمهورية قال بو صعب: “الأزمة ليست سهلة. واليوم أزمتنا هي أكبر من التي كنا فيها قبل. الأربعاء المقبل هناك جلسة لانتخاب رئيس، ولكن هذه الجلسة لا يتوقع لها أحد أنها سيتم أنتخاب الرئيس فيها. لماذا؟ لأنه بالتحدي لا يمكن لأحد انتخاب رئيس الجمهورية، ونحن مقبلون على تحد. كل نائب يقول انا سأنتخب رئيس جمهورية، ولماذا لم يقدم على ذلك؟ السبب هو غياب الحوار الحقيقي ولا أحد يتحدث إلى الآخر من منطلق حوار منفتح وديموقراطي. دستورنا يسمح بأن يقاطع النائب الجلسة إذا لم ير فيها مصلحته في انعقادها. والدليل على كلامي أن الفريقين هددا بمقاطعة الجلسات. المخرج هو أن نجلس معا. بالتحدي لن نصل إلى حل. حتى لو تم انتخاب رئيس بالتحدي، لن تحل مشاكل لبنان وأزماته. المطلوب قناعة مشتركة لدى كل الفرقاء من أجل الوصول إلى نقلة نوعية من خلال أن يكون لدينا رئيس جمهورية ورئيس حكومة يتعاونان من أجل مصلحة لبنان من خلال حكومة لديها خارطة طريق للإصلاحات”.
وختم بو صعب: “التشاور والحوار كفيلان للخروج من الأزمة التي نعيشها وبعد جلسة الأربعاء اذا لم ينتخب رئيس جمهورية، يجب اعتماد لغة الحوار والتواصل التي حاول الزميل غسان سكاف عمله، ومن هذا المنطلق سنبقى نعمل من أجل لبنان واستقراره، وبالتحدي والكسر لا نستطيع بناء الوطن و”ما حدا بيقدر يلغي حدا”.
وختم بكلمات أغنية لجوليا “مش ممكن أبدا تلغيني بدك تسمعني وتحكيني”.