أرقام الثنائي تتراجع.. المشهد يعود كما كان لحظة 14 آذار!
لم يُحسم حتى الساعة المسار الذي ستسلكه جلسة الإنتخاب التي حددها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 14 حزيران المقبل. ويتمّ العمل بـ»المفرّق» على النواب الذين لم يحسموا خيارهم. ويحاول «الثنائي الشيعي» حصد أكبر عدد من الأصوات لمرشح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، بينما تسعى المعارضة و»التيار الوطني الحرّ» لتخطي أزعور عتبة الـ60 صوتاً والوصول إلى الـ65.
يُجمع كل من يتابع الملف الرئاسي على سيناريو شبه وحيد لجلسة 14 حزيران وهو انعقاد الدورة الاولى، ولجوء فريق «الثنائي الشيعي» إلى تعطيل الجلسة الثانية حتى لو لم يصل أزعور الى الـ65 صوتاً لأن عدداً من النواب قد يصوّت لأزعور في الجلسة الثانية. ويحتاج تعطيل النصاب بشكل رسمي إلى 43 صوتاً، لأنّ المجلس مؤلف من 128 صوتاً ووجود 86 نائباً في الدورة الثانية يعني أنّ هناك أغلبية الثلثين.
أحدث انتقال «التيار الوطني الحرّ» من ضفة التحالف مع «الثنائي الشيعي» إلى التقاطع مع المعارضة، خللاً في التوازن البرلماني الذي كان قائماً منذ نشوء تفاهم مار مخايل، وعاد المشهد كما كان لحظة 14 آذار عندما كان «التيار» ركناً أساسياً في مواجهة السلطة اللبنانية – السورية.
وهذا التقاطع تسبّب بتراجع أرقام «الثنائي الشيعي» وحلفاء سوريا وإيران. وتُظهر عملية حسابية بسيطة عدم امتلاك قوى 8 آذار لوحدها الثلث المعطّل الذي هو 43 نائباً، مع العلم أنّ لهذا الفريق نواباً مخفيين في صفوف النواب المستقلين وبعض الكتل.
وبعد إعلان تكتل «الإعتدال الوطني» عدم تعطيله النصاب وذهـاب النائـب عبد الرحمـن البـزري إلى خيـار ثالث وعدم التصويت لفرنجية وتريث النائب عبد الكريم كبارة ومحاولة النائب جـبران باسيل إقنـاع «الطاشناق» بخياراته الرئاسية، تطـرح علامــات إستفهـام حـول قـدرة فـريق 8 آذار على تعطيل النصـاب، حيث قد يضطـر لإتمـام هذه العمليـة إلى تسجيل سابقة دستورية.
وفي لغة الأرقام، يملك «الثنائي الشيعي» مع النائب جميل السيد:31 نائباً، وتضم كتلة فرنجية 4 نواب، ويبلغ عدد تكتل «التوافق الوطني» 5 نواب، وإذا أضفنا إليهم النائب جهاد الصمد والنائب العلوي عن طرابلس حيدر ناصر، يُصبح المجموع 42 نائباً أي ينقصهم نائب واحد للتعطيل. وللمفارقة، تملك هذه القوى 42 نائباً مع الرئيس نبيه برّي الذي وإن غادر الجلسة سيبقى النصاب مؤمناً.
وفي حال أخد بري القرار بالمغادرة لفرط النصاب في الجلسة الثانية ولم يُفرط، فهنا تُسجّل معضلة دستورية وهي: في حال ترك بري الجلسة والنصاب قائم من يترأسها؟
وفي السياق، يؤكد المرجع الدستوري الدكتور سعيد مالك لـ»نـداء الوطـن» أنّه في مثل هذه الحالة وحسب المادة 44 من الدستور يترأس نائب رئيس مجلس النواب الجلسة. ويشدد مالك على أنّ الدستور واضح في هذه النقطة، وصلاحيات نائب رئيس المجلس النيابي مختلفة تماماً عن صلاحيات نائب رئيس مجلس الوزراء، فالموقع الأول مذكور بالدستور ولديه صلاحيات وليس منصباً شرفياً، ويستطيع النائب الياس بوصعب ترؤس الجلسة من دون ارتكاب اي مخالفة دستورية.
وفي حال لم يستطع فريق «الثنائي الشيعي» فرط النصاب حتى لو انسحب من الجلسة، فقد تتأمّن الميثاقية إذا قرّر برّي عدم المغادرة والدخول في مواجهة مع الجميع، عندها يكون هناك نائب شيعي قد حضر وهو برّي إضافة إلى الصفة الثانية التي يحملها وهي رئاسة مجلس النواب، وبذلك يكون أعلى مرجع شيعي في الدولة حضر الدورة الثانية ولا يمكن الحديث عن تغييب للحضور الشيعي.
أمّا السؤال الآخر الذي يُطرح فهو: هل يستطيع بري المشاركة في الدورة الثانية بصفته رئيساً للجلسة وليس كنائب فلا يُحتسب حضوره على أنه حضور نائب شيعي لكي يحجب بذلك الميثاقية الشيعية؟
هنا يردّ مالك جازماً بأنه لا يمكن الفصل بين موقع بري كرئيس مجلس نواب وبين موقعه كنائب عن الأمة، فالدستور يفرض إنتخاب رئيس مجلس من النواب وغير النائب لا يمكنه إحتلال هذا المنصب، كما أنّه لا يمكنه الإمتناع عن التصويت وفق الدستور، فقد يصوت بورقة بيضاء أو بأي إسم، لكن لا يمكنه الإمتناع عن الذهاب إلى الصندوقة لأنّ أي نائب متواجد في القاعة يجب أن ينتخب.
إذاً، على رغم صعوبة هذا السيناريو، فلا شيء مستبعداً في لبنان، لكن الأكيد هو وجود نواب وكتل لا تريد انتخاب فرنجية أو أي مرشح لـ»الحزب» لكنها قد تسانده في لعبة تعطيل النصاب من أجل الوصول إلى تسوية ترضي الجميع ومن ضمنها «الثنائي الشيعي»، وفي حال لم يُعطّل النصاب فهناك كلام آخر.