كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:
على رغم سوداوية الوضع المخيِّم على البلاد، سياسياً ونقدياً ومالياً واجتماعياً… يجري الحديث عن استثمارات جديدة ولو محدودة، بتوقيع رجال أعمال لبنانيين. فهل بات المستحيل واقعاً عجز السياسيون عن تحقيقه.. حتى الفشل؟! أم أن ما تُسمّى “استثمارات” هي مجرّد توسيع أعمال قائمة أو مشروع آني يدرّ بعض المال حتى إشعارٍ آخر!؟
رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL الدكتور فؤاد زمكحل يوضح لـ”المركزية” أن “لا مجال للحديث بواقعية عن استثمارات جديدة، في ظل فراغ رئاسي يمتد إلى المؤسسات الأخرى في الدولة، وحكومة لا تستطيع حتى أن تصرّف الأعمال، وسلطة تشريعية عاجزة عن انتخاب رئيس جمهورية، ولا سلطة قضائية قادرة على حماية الاستثمارات والمستثمرين.. وفي ظل قطاع مصرفي منهَك أو على الأقل قطاع أُعيدت هيكلته!”.
لكنه يؤكد أن هناك “شركات عزّزت وضعها وحققت نمواً في الفترة الأخيرة، وأخرى تستثمر في مجالات جديدة. وهذا واضح جلياً”.
ويذكّر بأن “شركات عديدة في لبنان كان وضعها سيئاً للغاية ورزحت تحت مديونية مرتفعة جداً، ثم عادت وسدّدتها بأكلاف زهيدة جداً، وأخرى بكلفة دين مرتفعة جداً.. أما اليوم فلم تعد هناك أي مديونية ولا كلفة دين إطلاقاً. وما عزّز ذلك، تحوّل الاقتصاد إلى “اقتصاد نقدي” على سيّئاته وبالتالي انتفت الديون في السوق، الأمر الذي حرّك عجلة الاقتصاد بعد جمود قاتل امتدّ سنوات”.
ويُضيف: من الواضح أن الأزمة لا تزال مخيِّمة على لبنان، إنما بعد مرور أربع سنوات عليها، سجّلت السوق بعض التوازن: فهناك شركات متعثرة أقفلت مرغَمة لأنها لم تستطع مواكبة الوضع. فيما شركات أخرى في القطاع التجاري وحتى الصناعي على سبيل المثال، تمكّنت من إعادة تكوين نفسها ولا سيما الشركات العاملة في لبنان ومنفتحة على الخارج، فارتفع معدّل التصدير وبالتالي زادت الأرباح، مع تأمين مدخول بالدولار الـ”فريش” في الخارج.
وإذ يَخلص إلى أن السوق تبدّلت بشكل ملحوظ، “لكن في المقابل لا نستطيع التفاؤل “بالهواء” ونقول إن هناك شركات تأتي إلى لبنان وتستثمر وتنمو، وذلك لعِلمنا أن أي مستثمر في العالم ينظر باهتمام إلى ما يُسمّى بـ”الاحتمال الأسوأ” وهو للأسف يبلغ أعلى درجاته في لبنان وقادر على تدمير كل شيء. إذ رأينا كيف ضاعت 90% من أموال المودِعين، مع غياب سلطة قضائية تحمي الاستثمارات والمستثمرين…”.
ويتابع: المستثمر قبل أن ينظر في الإيرادات، يترقب بدقة المخاطر الموجودة في البلد الذي يرغب في الاستثمار فيه، وما أكثرها في لبنان للأسف! المخاطر تزداد يوماً بعد يوم، ونذهب من فراغ إلى آخر، وهذا ما يجفّل المستثمر المقيم والأجنبي.
وليس بعيداً، يدعو زمكحل “أركان الدولة إلى احترام المواعيد الدستورية وبالتالي احترام المستثمرين.. فموقع لبنان لسوء الحظ يتراجع في كل التصنيفات الدولية، وكاد يُصنَّف على اللائحة الرمادية حيث تحوّلنا من اقتصاد مراقَب دولياً إلى اقتصاد نقدي يهرّب المستثمرين ويجذب المروِّجين والمهرِّبين ومبيِّضي الأموال ويجرّ لنا العقوبات وصولاً إلى تصنيف لبنان على اللوائح السوداء.. لذلك يجب توفير الحوكمة الرشيدة واحترام المنصّات الدستورية والتزام القواعد الدولية لأننا ننفصل اليوم أكثر وأكثر عن الدورة الاقتصادية الدولية”.
ويختم: بالطبع نحن متفائلون في لبنان، ولا شك في أن الاقتصاد اللبناني يسقط بسرعة لكنه يعود وينهض بسرعة أيضاً. خيارنا البقاء في لبنان، للاستثمار والتوظيف… لكن لا أحد يُطلق وعوداً وهميّة في ظل الواقع الأسوأ على الإطلاق! نحن لا نثق بالأفرقاء السياسيين المسؤولين مباشرة عن أكبر أزمة اقتصادية واجتماعية في التاريخ، ولا يزالون يديرون الأزمة بأسوأ إدارة…