هل يستعيد المجلس الدستوري البوصلة غدا ويبطل قرار التمديد للبلديات؟
كتبت جوانا فرحات في “المركزية”:
ساعات وتلتحم العقارب معلنة انتهاء الولاية الممدّدة للمجالس البلدية في 31 أيار 2023 وحتى اللحظة لم يتوصل المجلس الدستوري الى قرار في شأن الطعن بالتمديد للمجالس البلدية والإختيارية . ويتوقع أن يصدر القرار بعيد الاجتماع الذي سيعقده المجلس غداً.
هذا في الظاهر أما جوهر الموضوع فأبعد من ذلك، بدليل أنه منذ حدد وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي مواعيد إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية بدءا من السابع من أيار حتى 28 منه كانت كل المؤشرات تدل على وضع العقبات في دربه ، مما يؤكد عدم وجود إرادة سياسية حقيقية لإنجاز هذا الاستحقاق الديمقراطي .
وفي السادس من أيار أشار رئيس المجلس الدستوري طنوس مشلب الى ان مرحلة درس الطعون بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية لا تزال في البداية، ولم يعقد بعد اي اجتماع للمجلس. وإذا ما عدنا في عقارب الزمن نلاحظ أن تاريخ الطعن بالتمديد للمجالس البلدية والإختيارية الذي تقدم به نواب الكتائب و”تجدّد” وتغييريون ومستقلّون يعود إلى 28 نيسان الماضي.
إذا صحت إفتراضات مشلب فالقرار سيصدر غدا تماما كما أشار في حديث صحافي مطلع الشهر الجاري عندما قال بأنه “من المفترض أن يصدر قرار المجلس بموضوع الطعون المقدمة قبل 31 ايار” ويتوقع بأنه سيعمد إلى إرجاء الانتخابات البلدية والاختيارية والتمديد للمجالس المحلية لمدة تراوح بين 4 أشهر وسنة. وحتى لو لم يصدر القرار فقد بات شبه مؤكد أن الجميع يتعاملون على أن الانتخابات البلدية أصبحت بحكم المؤجَّلة فهل سيلتئم المجلس النيابي للتمديد علما أنه هيئة ناخبة وليس تشريعية في مرحلة الفراغ الرئاسي؟
عضو المجلس الدستوري السابق البروفسور أنطوان مسرة (2009-2019) يؤكد لـ”المركزية” أن هناك سابقة مماثلة سُجِّلت في العام 1997 حيث عمد المجلس الدستوري إلى الطعن بقانون تأجيل الإنتخابات البلدية. إلى ذلك قام مجلس النواب اللبناني بتمديد ولايته عام 2014 للمرة الثانية لسنتين وسبعة أشهر تنتهي في العام 2017 بسبب الشغور الرئاسي آنذاك وكان قبولنا بقرار التمديد مذيلا بشرط أن يكون أي التمديد لفترة قصيرة جدا للحفاظ على الدولة في دولة القانون “.
ما ينطبق على وضعية التمديد للمجالس النيابية يسري أيضا على الإنتخابات البلدية. “فالمهل الدستورية إلزامية وإسقاطية ومرتبطة بشرعية الحكم والحكام. والمطلوب من المجلس الدستوري في وضعنا الحالي أن يتخذ موقفا مبدئيا بالغ الوضوح لأن الظروف الإستثنائية الخارجة عن إرادة الحكم والتي تعني الزلزال أو الطوفان أو الحرب …غير واردة وكذلك لا توجد أسباب مالية أو تقنية للتلاعب بالمهل الدستورية” .
اليوم هناك دولة رسمية رمزية وأخرى رديفة وهناك تقاعس من قبل الحكام في تطبيق كافة المهل الدستورية والسؤال الجوهري الذي يطرح:من المسؤول الأعلى عن سمو الدستور في لبنان؟ ويجيب مسرة:” مؤسستان مسؤولتان عن سمو الدستور والحفاظ على دستورية كل شيء. الأولى رئيس الجمهورية ورئيس الدولة بحسب المادة 49 من الدستور والثانية ،المجلس الدستوري”..
ويضيف” ما يجري أبعد من قضية إنتخابات بلدية ومهل دستورية . لب الموضوع أننا بحاجة إلى قرار يصدر عن المؤتمن الثاني على سمو الدستور فهل يصدر؟وهل يكون المجلس الدستوري المؤتمن الثاني الأعلى؟ وأي حجج أخرى من مالية وتقنية فكلها رديفة. ومن صلب الدستور الذي ائتمن عليه خلال فترة توليه عضوية المجلس الدستوري (2009-2019) يؤكد مسرة على أنه لا يجوز للمجلس الدستوري عدم البت بطعن التمديد للمجالس البلدية والإختيارية أو حتى الإختلاف وهذا ليس برأي شخصي أو موقف .فهل فقدنا المعايير والبوصلة في القضايا الدستورية؟
قرار المجلس الدستوري يجب أن يرتكز على مبدئية عالية ويكون له صدى على المستوى اللبناني والعالم العربي خصوصا أن هناك سوابق مماثلة يقول مسرة. ويلفت إلى أهمية الزمن في قانونية الإجراءات” بعض القانونيين يعتبرون أن هناك ثغرات في الدستور لجهة المهل الدستورية والصحيح أن هناك نوعين من المهل: الأولى محددة كمثل مواعيد انتخاب رئيس الجمهورية والإنتخابات النيابية والبلدية، ومهل غير قانونية كمثل المهلة المحددة لتأليف الحكومة. وهذه المهلة “غير المحددة لا تعني أحقية امتدادها إلى ما لا نهاية إنما تعني أنه لا يوجد لديك الوقت الكافي وعليك إنجاز المهمة بأسرع وقت ممكن”.
مكررا أهمية استعادة البوصلة في الدستور وضرورة أن يتخذ المجلس الدستوري كونه المؤتمن الثاني على سمو الدستور في ظل الشغور الرئاسي قرارا مبدئيا في مسألة الطعن بالتمديد للمجالس البلدية في ظل عدم وجود أسباب مانعة مالية كانت أم تقنية أم إستثنائية، يختم مسرة كفانا تسخيفا في كل القضايا الجوهرية في لبنان”.