محليات

رقصة تانغو فاسدة… أين الحكومة الإلكترونية؟

كتبت مريم حرب في موقع mtv:

تَنكبّ السلطة على إيجاد منافذ جديدة لديمومتها على أنقاض الانهيار. حلول من هنا وخطط من هناك. الجميع يريد دولة على قياسه ولا أحد يريد الدولة. إنّ أوّل بند إصلاحي جدّي لبناء الدولة، هو الحكومة الالكترونية، وما عدا ذلك مواقف رنانة وشعبوية. 

أدخلت معظم بلدان العالم التحوّل الرقمي في أنشطتها وخدماتها وقطاعاتها ممّا أكسب الحكومات شفافية أكبر في التعاطي مع مواطنيها وحدّ من الزبائنية والفساد والرشاوى. كما أنّ استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حسّن الخدمات العامة وسرّعها، ورفع من المبالغ المالية المتأتية إلى الخزينة، وسهّل على المواطن عناء التنقّل والكلفة المالية وهدر الوقت.
إنّ اعتماد لبنان الحكومة الالكترونية دونه معوّقات عدّة تبدأ في تأمين الكهرباء 24/24 والانترنت ولا تنتهي بإيجاد حلّ لقطاع عام فضفاض كَهِل.
يختصر عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص ما نعيشه في لبنان، بـ”رقصة تانغو بين الطبقة السياسية، إذ لم تُقدّم السلطة إلى الشعب نموذجًا في الإدارة غير نموذج الفساد”. ويُشدّد على أنّ “كسر هذه الحلقة المفرغة يكون بإقرار وإنجاز الحكومة الالكترونية”. 
يصف عقيص، في حديث لموقع mtv، السنة الأولى للمجلس النيابي الحالي بـ”الفشل”، ويقول: “هذا المجلس فشل بكل ما هو مطلوب منه وأوّل بند هو انتخاب رئيس للجمهورية”. ويضيف: “بعد انتخاب رئيس وتشكيل حكومة وانتظام عمل المؤسسات، لا بدّ من النظر جدّيًا في أن تكون أولى أولويات العهد الجديد النظر إلى الإدارة العامة وقوانينها النافذة وتخفيف عدد الموظفين بعد تقييم الأداء والانتهاء من التوظيف السياسي و”حشو” الإدارات بالمتعاقدين والمياومين، وبدء تطبيق الحكومة الالكترونية”.
“صحيح أنّ الانهيار والضغط المالي يُؤخّران بدء العمل بالحكومة الالكترونية” على حدّ تعبير عقيص، إلّا أنّ هذه الحكومة “حاجة لا يُمكن القفز فوقها، والمطلوب طبقة سياسيّة جديدة نظيفة الكفّ ونيّة وقرار لتغيير النظام القائم والبدء بورشة الإصلاح بعيدًا عن الاستنسابية”. 

يرى الصحافي المتخصص في الشؤون القضائية يوسف دياب أنّ “الحكومة الالكترونية تُخفف على القضاء النظر في قضايا رشاوى وفساد على غرار ما حصل في إدارة السير والنافعة والميكانيك والدوائر العقارية والمالية… وإطالة أمد المحاكمات”. 
ويردف في حديث لموقع mtv: “تُقيّد الحكومة الالكترونية عمليات الفساد والسمسرات، وتخفّف على المواطن مشقة المعاملات، إلّا أنّ بدء العمل بها يحتاج إلى نية حقيقيّة في مكافحة الفساد والإصلاح، وهناك مسؤولون منتفعون لا مصلحة لهم بالوصول إليها”.
ويلفت دياب إلى أنّ “تشغيل الحكومة الالكترونية يحتاج إلى قدرات قد لا تكون متوفرّة حاليًّا، إضافة إلى نظام مصرفي سليم، كما أنّ وضع الدولة في ظل العجز المالي والانهيار لا يسمح لها باستجرار عروض”.

ما أكثر الفاسدين والمفسدين الذين امتهنوا عملهم وتوغّلوا في قطاعات الدولة والقضاء، وبنوا شبكة علاقات تُبعد عنهم الشبهات في ظل غياب ضابطَي الإيقاع: تطبيق القانون ومحاكمة المخالفين.
لا يُمكن أن يستقيم الوضع في لبنان وأن تقوم دولة متحضّرة ومتقدّمة إلّا بحكومة الكترونية وحوكمة رشيدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى