جاء في “المركزية”:
فيما أسعار المحروقات تحلق بشكل جنوني مكبدة اللبنانيين تكاليف باهظة للنقل، مقابل غياب المقوّمات الرئيسيّة لتحسين وضع قطاع النقل العام، باتت نسبة كبيرة من مدخول اللبنانيين تهدر على التنقل في سياراتهم الخاصة. توازياً، تتسع الموجة العالمية لاعتماد طرق عيش يوميّة تخفف من الضرر على البيئة وتساهم في الحفاظ عليها بما يرتدّ إيجاباً على سكان الأرض. وسط هذه الأجواء، بدأ عدد كبير من اللبنانيين يلجأ إلى استبدال السيارات التي تعتمد على البنزين بالسيارات الكهربائيّة والهجينة. فكيف يمكن اليوم تقييم وضع البلد لجهة نسب استيراد هذا النوع من السيارات؟
مدير عام شركة Impex وعضو مجلس إدارة تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL وعضو مجلس ادارة جمعية مستوردي السيارات الجديدة (AIA) فريد حمصي، يشرح لـ “المركزية” أن “رغم تراجع مبيعات السيارات الجديدة بنسبة تفوق الـ 80% خلال سنة 2022 مقارنةً مع ما قبل أزمة 2019، إلا أنه خلال سنة 2022 تم استيراد 734 سيارة هجينة وكهربائية من قبل الوكلاء المعتمدين من أصل مجموع السيارات الجديدة المستوردة والبالغ عددها 6563 أي ما نسبته 11% من إجمالي الاستيراد. أما بالنسبة لسنة 2023، فلا إحصاءات رسمية دقيقة حولها بعد بسبب إقفال مصلحة تسجيل السيارات والآليات لمدّة طويلة”.
ويلفت إلى أن “عوامل عدة شجّعت المستهلك على شراء هذا النوع من السيارات، مثل وعيه واقتناعه بوجوب الحفاظ على البيئة، كما إلمامه ومتابعته للتطور التكنولوجي في عالم السيارات وغيرها. من جانبهم، يستثمر الوكلاء المعتمدون في هذه السيارات ذات التكنولوجيا الحديثة من خلال الترويج لها وتأمين قطع الغيار والمعدات والتجهيزات اللازمة من أجل صيانتها بشكل احترافي، مع إجراء كافة التدريبات المتخصصة للتقنيين والمهندسين بإشراف الشركات المصنّعة. وفي هذا السياق، المتوقّع ارتفاع مبيعات السيارات الهجينة والكهربائية خلال هذه السنة، خصوصاً أن الرسوم الجمركية عليها مخفّضة”.
ورغم أن إحدى مواد قانون المنافسة تنص على تشكيل هيئة وطنية للمنافسة (هيئة رقابية) لاستيراد السيارات الكهربائية، ظلّت هذه المادة حبراً على ورق، ما يسمح لأي شخص باستيرادها من دون رقابة. وعن تداعيات هذا الواقع الخطر على السلامة المرورية وعلى حقوق المستهلك يتحدّث حمصي، مؤكّداً أن “وكلاء السيارات الجديدة يؤمنون ضمانات وكفالات المصنّع الرسميّة وخدمات ما بعد البيع، ويدرّبون التقنيين والمهندسين لديهم بشكل دوري تحت إشراف المصنّع، كما يقومون أيضاً بحملات استدعاء السياراتRecall Campaign، بطلب من المصنّع، من أجل القيام بتصليحات فنية أساسية تحمي المستهلك وتمنع تعرّضه لأي حادث. ان عدم تشكيل الهيئة سيشجّع الاستيراد غير المسؤول لدى السوق الموازي (غير الوكلاء المعتمدين)، من دون تأمين تلك الخدمات ما يشكّل خطراً على حياة المستهلك من دون أن تترتّب على هؤلاء المستوردين أيّة مسؤولية قانونية. وهذا الخطر يتضاعف عند استيراد السيارات الهجينة (Hybrid) والسيارات الكهربائية (EV)”.
من هنا، يطالب “باسم القطاع وزارة الاقتصاد والمعنيين في الدولة الإسراع في تشكيل الهيئة الوطنية للمنافسة من أجل الإشراف على تطبيق قانون المنافسة بكل حذافيره، أي منع الاستيراد من قبل تجار غير وكلاء إن لم يؤمّنوا للمستهلك كلّ الضمانات وخدمات ما بعد البيع كما هو محدّد من قبل الشركة المصنّعة في عقد التمثيل التجاري في السجل التجاري وفي السجل الخاص في وزارة الاقتصاد والتجارة (البند 1 من المادة 5 في قانون المنافسة)”.
كتّانه: من جانبه، يوضح رئيس مجلس إدارة Ets. F.A. Kettaneh S.A. وعضو تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL شارل كتّانه ردا على سؤال عما إذا كان لبنان مؤهلا ويسهّل لسكانه الاعتماد على السيارات الكهربائية، قائلاً “يمكن اعتبار لبنان دولة نامية من حيث جهوزية البنية التحتية التي تسمح للعملاء بشحن سياراتهم الكهربائية”.
ويضيف “من أهم الحوافز الحكومية الممكن للدولة تقديمها هي الرسوم الجمركية وقيمتها الحالية على السيارات الكهربائية 3٪ فقط، مقارنةً مع حوالي 43٪ على سيارات البنزين، وهذه الميزة يستفيد منها العملاء حاليًا وتعتبر محفزاً رئيسياً للانتقال إلى السيارات الكهربائية. غير أن الرسوم الجمركية المتدنيّة لا تكفي وحدها كعامل مشجّع لانتقال العميل من سيارات البنزين إلى الكهربائية، بالتالي هناك حاجة إلى المزيد من الدعم الحكومي، لا سيما فيما يتعلق بالبنية التحتية للشحن”.
ويتابع “القطاع الخاص يؤدّي دورًا كبيرًا في هذا الإطار، ويستثمر بشكل كبير في البنية التحتية للشحن، حيث يوجد حتى الآن العديد من محطات شحن البنزين التي ركّبت شواحن عالية الأداء في منشآتها، وتوفر ما مجموعه أكثر من 40 موقع عام أو شبه-عام لشحن السيارات الكهربائية، ما يخفف من قلق وتردد العميل لبدء الانتقال إلى السيارة الكهربائية. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا إلى صغر مساحة لبنان الجغرافية ووجود تضاريس جبلية فيه، لا يحتاج العميل إلى شحن السيارة بشكل متكرر، ويمكنه إعادة شحنها في طريق نزوله من الجبل”.
ويعدّد كتّانه سبل تحفيز استيراد السيارات الكهربائية وخلق بيئة ملائمة للاعتماد أكثر عليها في لبنان:
– يجب أن تتبنى الحكومة هذا الملف، وألا يعتمد فقط على القطاع الخاص.
– يفترض أن تدعم الحكومة القطاع الخاص من خلال تجهيز البنية التحتية المناسبة. بشكل رئيسي عبر الشراكة (أو تقديم الحوافز) مع محطات البنزين ومراكز التسوق والمنتجعات.
– استيراد السيارات الكهربائية يجب أن يتم حصرياً من قبل التاجر المتخصص ويجب أن يكون هو الوحيد الذي يمكنه خدمة هذه السيارات عندما يتعلق الأمر بالسلامة والأمن والتوعية.
– معظم السيارات المستوردة تباع في السوق السوداء وليست مطابقة للسوق المحلي. يتم بيعها من دون كفالة ودعم الشركة المصنعة.
– يجب أن يشعر الناس براحة البال عند شراء سيارة كهربائية جديدة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالشحن.
– من المهم تدريب الصليب الأحمر والدفاع المدني على التعامل مع تلك السيارات في حال وقوع حادث.
– ينبغي إعطاء المزيد من الحوافز عندما يتعلق الأمر بحماية البيئة.
شرباتي: بدوره، يشير رئيس مجلس إدارةLibanenergie وعضو تجمّع رجال وسيّدات الأعمال اللبنانيين RDCL مارون شرباتي إلى مميزات السيارات الكهربائية في ظل الأزمة التي يمر فيها البلد:
– سعر الكهرباء أرخص من المحروقات: كلفة التنقل في سيارة كهربائية أقل بنسبة 50٪. فعلى سبيل المثال، الانتقال لمسافة 400 كلم في سيارة متوسطة الحجم تعمل على البنزين يكلّف 45 $، أما تكلفة السيارة الكهربائية فتصل إلى 21 دولارًا.
– رسوم صيانة أقل: تحتوي السيارة الكهربائية على أجزاء متحركة أقل من سيارات البنزين. فلا حاجة لتغيير الزيت، ولا شمعات احتراق، ولا أحزمة توقيت وغيرها…
– صديقة للبيئة: لا تخرج منها أي انبعاثات، بالتالي هي غير ضارة للبيئة.
ويلفت إلى أن “ما تم ذكره أعلاه، يميّز السيارة الكهربائية ويعطيها أولويّة على سيارة المحروقات. لذا، فإن الحصول على واحدة سيؤدي إلى انخفاض النفقات المتعلقة بالسيارات بنسبة 50 ٪”.
وعن دور القطاع الخاص في المساهمة للدفع في اتجاه الاعتماد أكثر على السيارات الكهربائية، يختم شرباتي بالقول “القطاع الخاص موجّه نحو الأعمال. عادةً، يفترض على الدولة أن تخلق حوافز لتشجيع الناس على شراء السيارات الكهربائية، مثل الإعفاء من الجمارك، التي تم تنفيذها مسبقاً، أو الخصومات الإضافية، أو ضريبة الطريق المجانية (ميكانيك) خلال السنوات الخمسة الأولى. من جهته، سيروّج القطاع الخاص للسيارات الكهربائية تلقائياً، كونها عنصر جديد في قائمة منتجاته، ومن المتوقّع أن تحل محل سيارات البنزين خلال السنوات العشر المقبلة”.