إقتصادمحليات

هل يؤمَّن الغطاء السياسي للـ”ميني كابيتال كونترول”؟!

كتبت ميريام بلعة في “المركزية”:

يترقّب الوسط المصرفي صدور تعميم عن مصرف لبنان يحدّد الآلية التنفيذية لقرار الحكومة الصادر في 18 نيسان 2023 والمتعلق بفرض “ميني كابيتال كونترول” (ضبط السحوبات والتحويلات المصرفية)، وطلبت فيه من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تطبيق القرار فوراً لجهة تحديد سقوف للسحوبات والتحويلات وفقاً لتعاميم البنك المركزي، لأن مشروع القانون الخاص بالـ”كابيتال كونترول” تأخّر إقراره في مجلس النواب. 

لم يصدر التعميم المذكور إلى اليوم، علماً أن قرار الحكومة المشار إليه، ينظّم العلاقة بين المودِع والمصرف، ويجمّد الدعاوى على المصارف في الداخل أو الخارج، وينظّم عملية التحاويل في إطار الـ”الكابيتال كونترول”. 

فالحاكم سلامة لا يزال على وَعدِه بإعداد تعميم خاص يحدّد آلية تطبيق القرار الحكومي، لكنه ينتظر التئام المجلس المركزي لمصرف لبنان للتأكد من موافقتهم عليه، لعدم التفرّد بإصداره… 

وحتى اللحظة لم ينعقد المجلس المركزي لهذه الغاية بحسب ما أفاد مصدر في مصرف لبنان “المركزية”… وجاء كلام النائب الثالث لحاكم مصرف لبنان سليم شاهين وكأنّه يكشف مسار التعميم ومصيره، إذ قال: “القرارات التي تصدر عن مصرف لبنان هي قرارات المجلس المركزي، في حين أن التعاميم تصدر عن الحاكم شخصياً، وله صلاحية في ذلك وقد تكون تلك القرارات بعد التشاور مع الحكومة ومع وزير المال”.

قد يجوز ذلك في الظروف الطبيعية.. لكن في الوضع الراهن الكثير الدقة والحساسية الذي يمرّ به لبنان وحاكم البنك المركزي معاً، يحتاج سلامة إلى غطاء سياسي لإصدار التعاميم، لذلك يتمسّك بضرورة الحصول على موافقة المجلس المركزي على مضمون أي تعميم يُصدره إن كان تلبيةً لتوصية من جانب معيّن أو لطلب من الحكومة، فيكون بذلك أمَّن الغطاء السياسي المطلوب كون الموضوع ذات مصلحة عامة، وبدون هذا الغطاء لن يندفع سلامة في اتجاه إصدار أي تعميم أو قرار حالياً. 

عجاقة يؤكد ويوضح..
هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة في حديث لـ”المركزية”، إذ يقول: إن نواب الحاكم هم بمثابة الغطاء السياسي للقرارات والتعاميم الصادرة عن حاكم البنك المركزي، لذلك يتمسّك سلامة بأهمية موافقتهم على أي تعميم أو قرار قد يصدر عنه. 

وعن كلام شاهين، يوضح عجاقة أن “في كل المجالس العاملة في لبنان، هناك مبدأ يقضي بصدور القرار عن المجلس مجتمعاً، على أن يصدره رئيس المجلس لاحقاً في إطار نَصّ مكتوب، وبالتالي إن المجلس المركزي هو الذي يتخذ القرار، فيما رئيسه حاكم مصرف لبنان يصدر التعميم وينفذ قرار المجلس المركزي”، ويتابع: الحاكم لا يصدر التعاميم على هواه، بل يتطلب الأمر موافقة المجلس المركزي. وإذا رفض الأخير القرار فلا يمكن للحاكم عندئذٍ إصداره إطلاقاً. 

وعن إمكانية الطعن بقرار الحاكم، يؤكد أنه “لا يمكن لأحد الطعن بقرارات أو تعاميم مصرف لبنان.. وهذه من المسَلّمات”، لكنه لم يغفل الإشارة إلى “صعوبة اتخاذ القرارات في سدّة الحاكمية في ظل الملاحقات القضائية الكبيرة في حق الحاكم وبعض أصحاب المصارف”.

وتعليقاً على الحديث عن إمكانية تولي النائب الثاني للحاكم في حال اعتذر الأول، مهام سدّة الحاكمية عند انتهاء ولاية سلامة في تموز المقبل، يلفت إلى “عامل المناصفة مع وجود 6 أعضاء في المجلس المركزي موزَّعين على 4 نواب حاكم ومدير عام وزارة المال ومدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة، وإذا صوّت ثلاثة منهم مع قرار معيّن والثلاثة الآخرون ضدّه فيستحيل عندها صدوره عن المجلس المركزي. بينما مع وجود الحاكم فصوته يرجّح كفّة التصويت”. 

ويشير عجاقة في السياق إلى أن “المادة 25  من قانون النقد والتسليف لم تتحدّث سوى عن تولي النائب الأول للحاكم فقط دون سواه، مهام الحاكم عند فراغ موقعه… ما يطرح السؤال عن مدى شرعيّة القرارات الصادرة عن النائب الثاني للحاكم بما يخصّ السياسة النقدية في حال تولى هو موقع الحاكمية!”.
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى