“أغلى من أوروبا”.. أسعار الشقق تُقصّر إقامة السيّاح في لبنان
تظهر، منذ فترة، الكثير من الإعلانات المرحّبة بالسياح والمغتربين بشكل بارز عند مداخل العاصمة اللبنانية، وتحديدًا بالقرب من مطار رفيق الحريري الدولي. فلبنان، وبحسب توقعات وزير السياحة وليد نصار، مقبل على صيف واعد، لاستقبال ما لا يقل عن مليوني زائر. وهو ما يعني توقع إيرادات مالية قد تتخطى الـ9 مليارات دولار التي كشف عنها العام الماضي. لكن هذه التوقعات، قد تواجه تحديات عديدة، وقد تقلل حجم الإيرادات المتوقعة.
أسعار مبالغ فيها
يشكل ارتفاع أسعار الشقق السكنية المفروشة ذات الإيجار الشهري أو اليومي عائقاً أمام العديد من المغتربين الراغبين بزيارة لبنان في الصيف. الأسعار ليست فقط بالدولار، وإنما مبالغ فيها إلى حد كبير. ووفق جولة قامت بها “المدن” في العاصمة بيروت، يبدأ الإيجار اليومي لشقة مؤلفة من غرفة نوم وصالة من 180 دولارًا، ويرتفع السعر بحسب الامتيازات التي توفرها الشقة.
في مناطق الجنوب، وتحديدًا تلك القريبة من منطقة النبطية، وصيدا، تبدأ الأسعار من 120 دولاراً، وفي حال كان الطلب على الشقة لمدة شهر، ينخفض السعر لـ 100 دولار، ما يعني 3000 دولار. أما في منطقة جزين والمناطق المجاورة، يرتفع السعر في الليلة إلى 170 دولارًا، وتقريباً الأسعار نفسها في المناطق الجبلية، بحيث تتراوح الأسعار ما بين 120 و200 دولار تقريبًا.
لن تزور ماريا عبد الخالف لبنان هذا العام، بسبب ارتفاع أسعار الشقق المفروشة في مناطق الاصطياف. تقول لـ “المدن”: أسعار الشقق مرتفعة بشكل لا يمكن تصديقه، تصل تكلفة الليلة الواحدة في بيت مؤلف من غرفتين وصاله في مناطق الجبل إلى أكثر من 120 دولارًا، ما يعني أن التكلفة تصل إلى أكثر من 3600 دولار، خصوصًا إذ أضفنا فواتير الكهرباء والإنترنت، وهو رقم مبالغ فيه جدًا.
يزداد الطلب على الشقق المفروشة في لبنان خلال فصل الصيف، نظراً لعاملين: إقبال المغتربين خصوصاً المغتربين الجدد الذين لا يملكون عقارات خاصة بهم في لبنان، ويضطرون إلى تمضية فترة الصيف في بيوت مفروشة، والعامل الثاني، يعود لزيادة طلب السيّاح العراقيين والمصريين على الشقق المفروشة، نظرًا لما توفره من خصوصية.
يعترف رئيف السيد، أحد السماسرة في بيروت، بأن أسعار الشقق المفروشة ارتفعت بشكل لافت، ويعزو ذلك إلى التكلفة المرتفعة التي يسددها مالك العقار، بسبب غياب التيار الكهربائي، واضطراره إلى الإشتراك مع أصحاب المولدات، أو حتى تركيب طاقة شمسية.
أغلى من أوروبا
مقارنة أسعار الفنادق أو الشاليهات بين لبنان ودول الجوار، باتت معروفة جداً، وتميل لصالح الدول المجاورة، إذ على سبيل المثال لا يتعدى سعر الغرفة في شرم الشيخ المصرية أو حتى في أنطاليا بتركيا، 30 دولارًا في الليلة الواحدة وتشمل وجبة الفطور. لكن المفارقة الصادمة، بأن إيجار الشقق المفروشة في العديد من المدن الأوروبية الجاذبة للسياح، أرخص من لبنان.
بحسب موقع Numbeo للأرقام، إيجار الشقة في مدينة ميلانو أقل بنسبة 11 في المائة عن العاصمة بيروت، كذلك الأسعار أقل بنسبة 8.6 في المائة في مدينة نابولي. فيما ينخفض السعر في مدينة لشبونة بنسبة 6.9 في المائة. كما ينخفض السعر بنسبة 24.9 في المائة في مدينة باتومي المطلة على البحر الأسود في جورجيا عن الأسعار المعمول بها في بيروت. واللائحة تطول، عند مقارنة الأسعار بين مدينة باكو في أذربيجان، أو مدينة يريفان في أرمينيا.
تشير هذه العينة من أسعار الشقق المفروشة في الدول السياحية، إلى أن القيمين على القطاع السياحي في لبنان يجهلون أو يتجاهلون واقع القطاع ومبادئ المنافسة والإستقطاب.
تقصير الإجازة
تفضل الكثير من العائلات، تمضية إجازة بسيطة في لبنان في بيوت العائلة، على أن لا تزيد الإقامة عن أسبوع تقريبا، والسفر إلى أي دولة أخرى، تقدم عروض أوفر خلال فصل الصيف. كما هو الحال بالنسبة إلى عائلة نجوى شاهين، التي قررت تمضية أسبوع في لبنان، والسفر لقضاء أسبوعين في تركيا. تقول لـ “المدن”: تصل تكلفة الإقامة في لبنان لمدة شهر مع تذاكر السفر لعائلتها لأكثر من 9000 دولار، فيما يمكن لهذا المبلغ أن يكفي لتمضية إجازة بسيطة مع العائلة، والانتقال إلى تركيا، حيث تتنافس شركات السياحة لتقديم أفضل العروض”.
بالمحصلة، فإن أعداد الزوار عبر مطار رفيق الحريري الدولي، ليست مؤشراً حقيقياً وحيداً لقراءة واقع السياحة في لبنان، خصوصاً إن كانت إجازات اللبنانيين قصيرة نسبياً، ما يعني أن الإيرادات السياحية ستتأثر لا محال.
المدن