محليات

بعد تقريري البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة…اي تصنيف للبنان دوليا؟

عجز لبنان في العقود الأخيرة عن الحصول على أي مرتبة عالمية، حتى على مستوى أي من القطاعات الهامشية وغير الرئيسية، في حين استطاع أن يحصد المرتبة الأولى عالمياً في نسبة التضخم. فقد أشار برنامج الأمم المتحدة للغذاء العالمي أن ارتفاع نسبة تضخم الغذاء في لبنان مرتبط بالعجز المالي الباهظ ومستوى الدين العام المرتفع وانهيار قيمة الليرة اللبناني . وتم تصنيف تضخم السلع الغذائية في لبنان الأعلى في العالم بثلاث أرقام، حيث بلغ 352 في المئة. وعليه فقد تقدم لبنان في هذا التصنيف على فنزويلا حيث مستوى تضخم الغذاء هو 158 في المئة والارجنتين 110 في المئة وزيمبابوي 102 في المئة وتركيا 102 في المئة و53.2 في المئة باكستان .
قد يكون حلول لبنان في هذه المرتبة العالمية مرتبطاً بالأزمة المالية والنقدية التي عصفت به ونتيجة طبيعية لمسار الإنهيار، ولكن الأكيد ان هذا المسار يتطلب تفصيلا أكثر وتعمقا في دراسة الأسباب التي أوصلت لبنان لهذا الدرك بحصوله على المرتبة الأولى عالمياً بمؤشر التضخم وارتفاع الاسعار،مع الاشارة إلى ان البنك الدولي توقع من جهته ان يبلغ متوسّط التضخّم في لبنان 165% في عام 2023.
مما لا شك فيه أن أداء السلطة منذ العام 2019 من خلال الحكومات المتعاقبة اقتصر على معالجات انية مبنية على ردة الفعل لا سيما بعد ثورة 17تشرين 2019 وليس بناءً على رسم سياسات وإعداد خطط للإنقاذ تتضمن إعادة توجيه للإقتصاد وتحفيز النمو الإقتصادي وإعادة رسم لسياسات تدخل الدولة في الإقتصاد، يقول الخبير المالي والأستاذ الجامعي بلال علامة ل “لبنان24″. فالسلطة في لبنان عملت على معاقبة القوى الاقتصادية، وتدخلها تظهّر في سحب ما امكنها من الاقتصاد اللبناني من خلال زيادة الضرائب والرسوم ومعاقبة قوى الإنتاج لا سيما بعد تعطل دور الدولة وتراجع مساهمتها في تفعيل الإقتصاد.ولا شك ان تمويل الانفاق الاضافي للقطاع العام دفع السلطة الى رفع الرسوم والضرائب عشرات الأضعاف فساهمت من حيث تدري أو لا تدري بإرتفاع الاسعار وزيادة التضخم حتى وصل الأمر الى درجات مخيفة”.
ان قرار التسعير بالدولار لا يمكن إلا أن يكون ، بحسب علامة، سبباً مباشراً لارتفاع التضخم والاسعار خاصة وأن ربط السلع والخدمات بالدولار سيفاقم نسب الارباح والضرائب والتكاليف بالنسبة نفسها للتضخم بعد قياس القدرة الشرائية على سعر الدولار وليس على قسمة الليرة اللبنانية.إضافة لما ذكر اتى هذا القرار تزامنا مع توقيت رفع سعر الدولار الجمركي ورفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة أي بمعنى آخر فتح الباب واسعاً أمام التضخم الجامح والمتفلت.
الأكيد أن المرتبة التي وصل لها لبنان ربطا بتوقع البنك الدولي أن ينكمش الاقتصاد في لبنان بنسبة 0.5% في سنة 2023، بعدما كان قد انكمش بنسبة 2.6% في عام 2022، ستترك وفق علامة، أثرا سلبيا، في تعاطي كل الدول والمنظمات والمؤسسات المالية العالمية مع لبنان لجهة تصنيفه دولة فاشلة غير قادرة حتى على التحكم بازماته أو حتى البعض منها. علما ان معهد التمويل الدولي أعلن في العام 2022 بأن لبنان معرض للتفكك اذا لم يذهب الى تطبيق الاصلاحات المطلوبة ، ما قد يؤدي إلى إلغاء الاتفاق مع صندوق النقد، استنزاف احتياطات مصرف لبنان، وارتفاع نسبة الدين إلى ما يفوق 200% من الناتج المحلي. وبالتالي سيتم تصنيف لبنان دولة فاشلة كما هي حالة فنزويلا والصومال وسيريلانكا مؤخراً.
هذا الدرك الذي وصل إليه لبنان لا يمكن الخروج منه وإعادة الأمور الى السكة الصحيحة ،كما يقول علامة، إلا بالتعديل الجذري للسياسات التي تعتمدها السلطة ومن خلال إعادة رسم لطرق ومسارات مدى تدخل الدولة في الإقتصاد الوطني بدءاً من معالجة مشكلة ميزان المدفوعات وطرح سياسات التحفيز لتحقيق النمو الاقتصادي وكذلك اعادة الاعتبار للعملة اللبنانية من خلال إستعادة السيادة النقدية المطلقة على كامل الارض اللبنانية ومن خلال تفعيل الإجهزة الرقابية المعنية بمكافحة ارتفاع الاسعار والتضخم والأهم محاسبة من إتخذ القرارات الخاطئة وتسبب في وصول لبنان الى القعر حيث يزدحم بالدول الفاشلة والمارقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى