“لاقيني ونَيّمني وطَعميني”… المهنة التي تدرُّ دولارات على اللبنانيّين
إنّها ظاهرةٌ بالفعل. قطاعٌ مُستحدث يتعاظم يوماً بعد يومٍ ويدرُّ أموالاً طائلة على اللبنانيّين في عزّ أكبر أزمة اقتصادية عرفها بلدهم. كيف لا وصيتُ اللبناني حول العالم يُعرِّف عنه بالمواطن الكريم والمضياف الى حدّ الجنون.
تنتشرُ الشّقق المفروشة وبيوت الضيافة على مساحة الخارطة اللبنانيّة، والأمر ليس بجديد، إنّما اللافت هو ازدهار هذا القطاع بصورة خياليّة في السنوات الأخيرة وخصوصاً في الأشهر الماضية مع حرص اللبنانيّين الذين يفتحون بيوتهم على تقديم تجربة لا مثيلَ لها للزائر تحت شعار “لاقيني ونَيّمني وطَعميني”…
يتحدّث روجيه شاهين، 54 عاماً، عن كيفية دخوله الى هذا القطاع عن طريق الصّدفة: “أنا مهندسٌ مدني في الأساس، وعملتُ لسنوات طويلة في منطقة الخليج في مجالي، وعدتُ الى لبنان منذ 4 سنوات بهدف الإستقرار هنا في المنزل العائلي في منطقة كفرعبيدا، ولكنني خسرت كلّ أموالي بسبب الأزمة الاقتصادية كغالبيّة اللبنانيّين، وبعد محاولات لم يُكتب لها النجاح لتأسيس عمل خاص بي، قرّرتُ أن أحول منزلي ذات مساحة الـ400 متر مربّع الى بيوت صغيرة للإيجار، وذلك بعد تشجيع من قبل العائلة والأصدقاء الذين نصحوني بالقيام بهذا المشروع كون المنطقة أصبحت سياحية بامتياز، ولأن المنزل يقع مباشرة على البحر”، مُضيفاً: “وهذا ما حصل، وقد افتتحت منذ شهرين تقريباً الشاليهات، والإقبالُ عليها يفوق الخيال خصوصاً على موقع Airbnb وتصنيفي هو 5 نجوم من قبل الزوّار، والشققق محجوزة بالكامل في شهر حزيران المقبل”.
ويُشير روجيه الى أنّه لم يتخيّل يوماً أن يجني أرباحاً كبيرة من عمله هذا، خصوصاً أنه كان أمام خيارين، إما الصمود في لبنان أو الهجرة من جديد، و”لكنّني رفضت المغادرة وتحدّيتُ الأزمة وأسّست عملاً لي من منزلي وفيه”، على حدّ قوله، لافتاً الى أنه يشعر بالفرح عندما يمضي الناس إجازة رائعة في شققه، إذ يُقدّم لهم خدمة ممتازة ويهتم بكلّ التفاصيل. أما أجمل ما سمعه منهم فهي عبارة “لا نشعر أننا في فندق بل في منزلنا”.
سيجتمع مالكو وأصحاب بيوت الضيافة في لبنان في نقابة قريباً تنظّم عملهم وتحميهم تحت مظلّتها، على حدّ تأكيد رئيس دائرة الفنادق ومؤسسات الإقامة في وزارة السياحة سارين عمّار التي تحدّثت لموقعنا “عن ازدهار هذا القطاع بشكل كبير، إذ هناك ما يفوق الـ150 بيت ضيافة في لبنان تتوزّع في مختلف المناطق خصوصاً في الأرياف حيث نشطت السياحة في الآونة الأخيرة، وأهميتها تكمن في تنشيط السياحة في البلدات والقرى البعيدة وتحقيق التنمية المستدامة التي تنادي بها منظمة السياحة العالمية، فضلاً عن المساهمة في بقاء الناس في أرضهم ودعم أعمالهم”، مُردفة “ما يُميّز بيوت الضيافة هو عدم حاجة أصحابها لرأس مال كبير في ظلّ تحويل منازلهم ومنازل أجدادهم لمؤسّسات يُحققون منها أرباحاً، والأهم هو أنها لا تُنافس الفنادق التي تجذب فئات معيّنة من السيّاح ورجال الأعمال، واللافت هو تطوّر هذا القطاع بصورة سريعة لأن أصحاب هذه البيوت يجتهدون لتقديم أفضل تجربة فيها”، “إننا بالفعل أمام وجه جديد للسياحة في لبنان”، تختُم.
العيون شاخصة على موسم الصّيف المُقبل، ونسبُ الحجوزات في المؤسّسات السياحيّة على أنواعها وخصوصاً بيوت الضيافة خيرُ دليل على ما ينتظرُنا من زحفٍ سياحيّ، حيث سيتحوّل كل منزل لبناني مجاناً الى بيت ضيافة يستقبل فيه المُحبّين والمُغتربين!