“القطيعة” مستمرّة.. كيف يُفهَم قول باسيل إن “لا لزوم” للقاء نصر الله؟!
في معرض نفيه الرواية المتداولة عن طلبه موعدًا من الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، والردّ “السلبي” الذي تلقاه عبر “إحالته” إلى مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا، وفي سياق “تبرير” موقفه الذي لا يُحسَد عليه ربما، قال رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل إنّ “لا لزوم” للقاء نصر الله في الوقت الحاليّ، وطالما أنّ المعطيات المتوفرة هي نفسها.
صحيح أنّ باسيل الذي أدلى بهذا الكلام في حديث تلفزيوني، حاول “تلطيف” الموقف، عبر القول إنّ “لا عقدة لديه” في طلب موعد “من أي كان” متى شعر بوجود ضرورة، أو فائدة من اللقاء معه، مدافعًا عن “الطريقة” التي لطالما أديرت بها العلاقة بينه وبين “حزب الله”، وتحديدًا مع شخص السيد نصر الله، إلا أنّه بشكل أو بآخر، كرّس “القطيعة” مع الحزب، طالما أنّ الأخير “متمسّك” بدعم ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية للرئاسة.
ولأنّ هذا الحديث جاء متزامنًا مع “حملات إعلامية” يشنّها جمهور “التيار الوطني الحر”، خصوصًا عبر وسائل التواصل، على “الحليف القديم”، لا يترك بعضها “خطًا للرجعة”، بخلاف ما يحاول باسيل الإيحاء به، وهو الذي رفض “الانجرار” إلى “الدعاية” ضدّ الحزب ومعادلاته “الرئاسية”، فإنّ أسئلة تُطرَح حول الأبعاد الكامنة خلف الكلام “الباسيلي”، فما الذي يعنيه أن يقول بكلّ بساطة إنّ “لا لزوم” للقاء نصر الله؟!
طلبٌ تحوّل إلى “لغز”
جاء كلام باسيل عن “عدم لزوم” اللقاء مع السيد حسن نصر الله بعد تكهّنات كثيرة دارت في الأسبوعين الأخيرين، حول حقيقة “رواية” طلبه “المرفوض” للقاء الأمين العام لـ”حزب الله”، وهي “رواية” لم يؤكدها الحزب لكنّه لم ينفِها أيضًا، في وقتٍ ألمحت إلى “صدقيتها” الكثير من الشخصيات الدائرة في فلكه والمنصّات الإعلامية المحسوبة عليه بشكل أو بآخر، وإن أوحت بصورة عامّة أنّ الخصوم “ضخّموها” لغاياتٍ معروفة، وربما مكشوفة.
ضمن الروايات المتداولة مثلاً أنّ باسيل طلب اللقاء مع السيد نصر الله ليعرض عليه قائمة بأسماء مرشحين يجد “التيار” أنّها مؤهّلة للوصول إلى بعبدا، فسئل عمّا إذا كانت قائمته تشمل اسم فرنجية، بوصفه المرشح الأكثر جدية والأوفر حظًا، ولمّا كان الجواب بالنفي، رُفِض طلبه، وضمنها أيضًا من يقول إنّ الطلب رُفِض بشكل مباشر، باعتبار أنّ الحاج وفيق صفا هو “قناة التواصل” الطبيعية بين الجانبين، وهو ما يعرفه باسيل أساسًا.
وإذا كان طلب باسيل تحوّل إلى “لغز”، بين من أكدوا “السلبية” التي أحاطت به، ومن نفى وجوده بالمُطلَق، كما فعل باسيل في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، فإنّ العارفين يؤكدون أنّ صمت “حزب الله” قد يكون كافيًا للتدليل على حالة “امتعاض” لديه من أداء رئيس “التيار”، منذ اللقاء الأخير الذي جمعه بالسيد نصر الله، والذي خرج بعده ليكشف عن مضمونه عبر الإعلام، خلافًا لأدبيّات الحزب المعتادة، بل لرغبة المضيف المعروفة.
قطيعة.. وريبة
أبعد من طلب باسيل لقاء السيد نصر الله، وما إذا كان قد سُجّل في “محاضر” الحزب الرسمية، أم لم يحصل من الأساس، يبقى الثابت أنّ كلام رئيس “التيار الوطني الحر” ثبّت بشكل لا يحتمل اللبس، “القطيعة” بين الطرفين، وهي “قطيعة” لا يرجّح أن تُكسَر قبل حصول “خرق ما” على مستوى الانتخابات الرئاسية، إما عبر انتخاب سليمان فرنجية رئيسًا للجمهورية، أو عبر “احتراق ورقته الرئاسية”، عاجلاً أم آجلاً، كما يمنّي “العونيّون” النفس.
لكن بين المؤيّدين لـ”حزب الله” وفرنجية، ثمّة من يطرح علامات استفهام حول “المنطق” الذي يستند إليه باسيل، في رفض فكرة “اللقاء” غير المطروح أصلاً مع السيد نصر الله، إذ كيف يقول رئيس “التيار” إنه يطرق أبواب الجميع، ويمدّ يده للجميع في سبيل التفاهم، بل يعيب على رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مثلاً عدم “تلقفه” يده الممدودة، فيما لا يجد فائدة من “الحوار” مع الحزب، بعد سنوات من التحالف “الصادق”.
وفيما يوحي “العونيون” بأنّ سبب رفض الحوار هو تمسّك “حزب الله” بترشيح فرنجية، وعدم إبداء أيّ “ليونة” في الموقف، ما يفرغ أيّ لقاء من مضمونه، إن حصل، يقول خصومهم إنّ موقفًا من هذا النوع من شأنه أن يثير “النقزة والريبة” لدى الحزب، خصوصًا أنّ “التيار” هو من كرّس القطيعة عمليًا، حتى في المناسبات الاجتماعية، ويسعى للظهور في العلن كأنّه “انشقّ” على الحزب، رغم إدراكه أنّ السياسة لا تُدار بهذا الشكل.
يدافع بعض “العونيّين” عن تصريح الوزير السابق جبران باسيل باعتبار أنّه لم يقل إنّه لا يرغب بلقاء السيد نصر الله، ولكنه اعتبر أنّ “لا لزوم” إليه في ما خصّ الملف الرئاسي وفي الوقت الحاضر، طالما أنّ المعطيات لم تتغيّر، ما يعني أنّ اللقاء قد يصبح ضروريًا متى ما تغيّرت هذه المعطيات، أو في ملف آخر. لكن ثمّة من يقول إنّ “الثقة” بين الطرفين “تزعزعت”، وأنّ العودة لزمن “تفاهم مار مخايل” باتت صعبة، تحت أيّ ظرف!
لبنان24