محليات

من موقف المملكة إلى سقوط معادلة باريس…واشنطن على الخط!‏

يكاد يكون الموقف السعودي من الاستحقاق الرئاسي اللبناني الاكثر ضبابية بالنسبة الى اللبنانيين، على رغم وضوح عباراته. فما اطلقه السفير وليد البخاري من مواقف ابان جولته على القوى السياسية اللبنانية فتح باب الاجتهادات على مصرعيه ولكل تفسيره بحسب انتمائه السياسي. في الشكل، يمكن تلمس تراجع لجهة قوله ان لا فيتو على اي مرشح ،أمر فسره محور ثنائي أمل- حزب الله نقطة لمصلحة مرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لكن في المضمون، لم تبدّل المملكة قيد أنملة في قرارها، فهي لطالما اكدت ان لا مرشح لها انطلاقا من احترام سيادة لبنان وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وتبعا لذلك لم تطلب من حلفائها في بيروت انتخاب هذا او ذاك من المرشحين.

موقف السعودية الذي اعتبره محور المقاومة جديدا وتراجعيا ليس سوى رسالة الى فرنسا التي كانت حتى الأمس القريب تتمسك بمعادلة فرنجية- نواف سلام ، قبل ان تصطدم بالواقع اللبناني المعارض الرافض انتخاب فرنجية تحت اي ظرف، وتاليا سقوط طرحها لمصلحة الشروع في حراك داخلي يبحث في خيار ثالث يتوافق حوله الجميع وتؤمن الكتل النيابية النصاب لجلسة الانتخاب.

الحراك السعودي وسقوط الطرح الفرنسي تزامن مع تشدد اميركي أسهم في كبح جماح باريس واندفاعها نحو مرشح حزب الله، فكان بيان الخارجية الاميركية الذي حددت فيه مواصفات الرئيس “رئيس لتوحيد البلاد واقرار الاصلاحات لانقاذ الاقتصاد من ازمته، واختيار رئيس متحررمن الفساد وقادرعلى توحيد البلاد وتنفيذ اصلاحات اقتصادية اساسية لاسيما تلك الواردة في الاتفاق مع صندوق النقد” ، وايضا رسالة وجهها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي روبرت مانديز والعضو في اللجنة جايمس ريتش الى الرئيس جو بايدن تضمنت دعوة ادارته لاستعجال انتخاب رئيس وتشكيل حكومة شفافة لمعالجة احتياجات الناس. وحمّل فيها حزب الله وحلفاءه والرئيس نبيه بري مسؤولية العرقلة لاضعاف المعارضة. ودعا الى ضرورة انقاذ الديموقراطية ودعم مرشحين على عكس الرؤساء السابقين.

جو الادارة الاميركية المستجد هو نتاج تواصل اميركي فرنسي، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية” اثر اعتراض واشنطن على طريقة باريس في ادارة ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني ومحاولة فرض معادلتها التي لا تخدم في اي شكل مصلحة لبنان في هذا الظرف بالذات. وتبعا لذلك، جاءت جولة السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا على عدد من القوى السياسية ما احدث توازنا بين واشنطن وباريس في رؤيتهما للملف ووضع معايير جديدة للتعاطي مع الاستحقاق، في حقبة ما بعد سقوط الطرح الفرنسي.

ازاء هذا الواقع، لا تستبعد المصادر الدبلوماسية العودة الى لائحة بكركي المصغرة والتركيز على الاسماء القادرة على احداث الانقاذ على مختلف المستويات، اذ ان سيد الصرح لن يقبل بانتخاب رئيس لا يحظى بمظلة القوى المسيحية الاساسية، الكتائب اللبنانية والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر منعًا لتكريس أعراف تتخطى المسيحيين فيُفرض عليهم الرئيس فرضا ويتعذر عليه الحكم.

معركة الرئاسة هي معركة تأمين نصاب الـ86 نائبا. ذلك ان لا محور المقاومة قادر على ان يؤمن الثلثين ولا المعارضة يمكنها تأمين الـ86 صوتا، وتبعا لذلك ، انتخاب الرئيس لن يحصل الا بناء على اتفاق داخلي على هوية الرئيس العتيد وضمن هذه المعادلة تندرج مبادرة نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى