بعد رفع الدولار الجمركي.. هل يتجه تُجّار السيارات نحو وقف الاستيراد؟
تُعاني معارض السيارات المُستعملة في بلدة القصيبة، جنوب لبنان، من “تُخمة” جرّاء ازدياد حجم الاستيراد وانخفاض حجم المبيع، خصوصاً بعد رفض أغلب أصحاب المعارض بيع السيارات قبل وضوح أرقام الجمارك التي حيّرت البائع والشاري على حدّ سواء، حتى باتت اليوم مُبهمة بشكل كامل، حسب قول عليّ، وهو أحد العاملين في مجال تجارة السيارات المستعملة.
يستورد علي السيارات المستعملة من الولايات المتحدة الأميركية، عبر تطبيق شهير لهذه التجارة. ومع بداية الحديث عن تعديلات بأرقام الجمرك، كانت سيارات علي تُبحر على متن الباخرة إلى لبنان. فكان في سباق مع الوقت لأن حساباته للشراء وسعر المبيع لا تسمح له بدفع الرسوم الجمركية على سعر يزيد عن 1500. لذلك، كان يحمل هاتفه باستمرار لتعقّب الباخرة، كمن يُراقب طفله عبر شاشات المراقبة.
يُشير عليّ إلى أن الرسوم الجمركية على السيارات المستعملة كانت دائماً، منذ رفع الرسوم، مختلفة عن السعر الرسمي المعتمد. فعندما اعتمدت الحكومة سعر 15 آلف ليرة للدولار، كانت للسيارات 8 آلاف. وعندما رُفع إلى 45 ألفاً صار 15 ألفاً للسيارات. وعندما رفعوه إلى 60 ألفاً “ضاعت الطاسة”. فقد وعدوا بداية بإعطاء فترة سماح لتجار السيارات ليظل السعر 15 ألف ليرة، ثم لم يحصل ذلك. واليوم نسمع أن الرسم سيصبح حسب دولار صيرفة الشهر المقبل.
رفض البيع سيف ذو حدين
يقول أحد أصحاب المعارض في الجنوب أن التوقف عن البيع في هذه الفترة هو قرار جريء، لكنه ضروري للمحافظة على رأس المال، مشيراً عبر “المدن” إلى أن “السيارات الموجودة في معارضنا هي رأسمالنا، وفي حال بيعت بخسارة فهذا يعني ضياع تعب السنين”، مشدداً في الوقت عينه على أن عدم البيع له مضار أيضاً فكلفة وقوف السيارات كبيرة، سواء كان على ثمنها أو على صيانتها. لذلك فالقطاع يمر بأسوأ مرحلة بتاريخه.
الشطور تعدّلت ولكن..
كان يُفترض أن يدفع تاجر السيارات على كل سيارة مستعملة تدخل لبنان 5 في المئة من ثمنها كرسوم جمركية، يقول رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة، إيلي قزي، مشيراً عبر “المدن” إلى أن بدعة رسم الاستهلاك المحددة بـ45 في المئة، جعلت الرسم 50 في المئة، يُضاف عليها 3 في المئة فُرضت في موازنة 2022، و11 في المئة ضريبة على القيمة المضافة، أي يُصبح رسم الجمرك للسيارة 64 في المئة من ثمنها، من دون الحديث عن تسجيلها، مع الإشارة هنا إلى أن الرسوم على السيارات المستعملة، تُحتسب حسب الشطور، مثل فاتورة الكهرباء. ومع بداية الأزمة، كانت مطالبات النقابة محصورة بضرورة تعديل الشطور، أي الشطر الأول الذي كان محدداً بأول 20 مليون ليرة من سعر السيارة، وكان رسمه لا يتجاوز كحدّ أقصى 7.5 ملايين ليرة/ وهي 5 في المئة تضاف إليها رسوم ثابتة أو حدّ أدنى للرسم، وشطر ثان فوق العشرين مليوناً.
اليوم تعدّلت الشطور، حسب معلومات “المدن”، وأعطيت الصلاحية للمجلس الأعلى للجمارك لكي يتحكم بتعديل الشطور حسب تسعيرة مصرف لبنان كل نهاية شهر. لكن ذلك القرار لن يُرضي النقابة والتجار، لأن هذا المطلب كان مع دولار 20 ألف ليرة، واليوم الدولار بمحيط المئة ألف.
يؤكد قزي أن قرار تعديل الشطور جاء متأخّراً جداً، ومعركة النقابة هي إلغاء رسم الاستهلاك المحدد بـ45 في المئة.
12 أيار تاريخ مفصلي
في 12 أيار يبدأ اعتماد دولار صيرفة للرسوم الجمركية للسيارات، حسب قزي، مشيراً إلى أن النقابة تعتبر هذا القرار ضربة قاضية لها ولعملها، فأسعار السيارات ستصبح خيالية. ويكشف أن النقابة ستعلن عندها عن قرار بوقف استيراد السيارات بشكل كامل، لكي تعرف الدولة حجم الخسائر التي ستتكبدها الخزينة جراء التوقف عن الاستيراد. وفي حال لم يأخذوا مطالبنا المحقة بالاعتبار، فقد يكون من الأفضل أن نخرج من لبنان ونبحث عن رزقنا في بلد آخر.
قبل زيادة الرسوم الجمركية، وكباقي القطاعات، عمد كبار تجّار السيارات الجديدة والمستعملة في لبنان إلى زيادة حجم استيرادهم. فحسب إحصاءات الجمارك، ارتفع حجم الاستيراد عام 2022، 60 في المئة عما كان عليه في العام 2021، وهو بالمناسبة يزيد 3 في المئة عما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية، ووصل عدد السيارات المستعملة المستوردة عام 2022 إلى حوالى 67 ألف سيارة. وهو ما نسبته حوالى 86 في المئة من حجم الاستيراد. وهذا الرقم يزيد حوالى 54 في المئة عما كان عليه قبل الأزمة، وهذه السيارات لا تزال بنسبة كبيرة منها مكدسة في المعارض، فهل يدفع هؤلاء التجار الثمن، أم أن لهذه الموضوع أهداف أخرى؟