قنبلة بلديّة في المجلس الدستوريّ
التأم أمس المجلس الدستوري في أولى جلساته لتقرير مصير الطعن بقانون التمديد للمجالس البلدية والاختيارية المقدّم من “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”كتلة التجدّد” وعدد من النواب المعارضين في ظلّ سابقة حصلت عام 1997 قبِل فيها المجلس الدستوري آنذاك الطعن بقانون التمديد للبلديّات.
وفق معلومات “أساس” تمّ في الجلسة تعيين مقرّر سرّي عن الطعنين بعد ضمّهما إلى بعضهما. وكانت “القوات” تقدّمت بطعنٍ منفصلٍ بعد فشل النواب في التوصّل إلى صيغة موحّدة للطعن. فـ “القوات” مثلاً استثنت من طعنها النقطة المُرتبطة باعتبار مجلس النواب هيئة ناخبة فقط، ولذلك لا يحقّ له التشريع، فيما نواب الحزب شاركوا في جلسات التشريع في ظلّ الفراغ الرئاسي بين 2014 و2016.
عملياً، لا يحتاج تعيين مقرّر إلى التئام المجلس الدستوري، ولذلك تركّزت نقاشات الأعضاء أمس على مسألة تجميد مفعول قانون التمديد إلى حين بتّ الطعون، أو عدم تعليق العمل به. يُذكر أنّ ولاية المجالس البلدية تنتهي في 31 أيار الجاري، وتعليق العمل بقانون التمديد يمكن أن يؤدّي إلى إرباك حقيقي في حال لم يصدر قرار المجلس الدستوري قبل هذا التاريخ. أمّا الأهمّ فهو السؤال الآتي: ما هي التداعيات المباشرة في حال قَبِل المجلس الدستوري الطعن بقانون التمديد للبلديات؟
بدءاً من أمس بدأ سريان المهل القانونية لناحية تعيين المقرّر، ثمّ إعداد الأخير تقريره، ثمّ إصدار المجلس الدستوري قراره خلال مهلة شهر.
فعلياً، المجلس الدستوري الذي قَبِل في تشرين الثاني الماضي الطعن المُقدَّم من فيصل كرامي وتوَّج مرشّح طرابلس نائباً بعد إبطال نيابة رامي فنج عن المقعد السّني وفراس السلوم عن المقعد العلوي وإعلان فوز حيدر آصف ناصر في طرابلس، يمكن توقّع “قنبلة” بلديّة منه شبيهة بالمفاجأة النيابية، خصوصاً في ظلّ شبه إجماع لدى الأوساط الدستورية على أنّ قانون التمديد قابل للطعن نتيجة عدّة ثغرات فيه بعضها فاقع، وهو الأمر الذي تُرجم في ثنايا الطعنين بقانون التمديد.
تركيبة المجلس تحت المجهر
يقول مصدر معنيّ بملفّ الطعن: “كلّ شيء وارد، خصوصاً أنّ رئيس المجلس الدستوري أظهر شفافية عالية في التعاطي مع الطعون النيابية وأبدى مناعة ضدّ الضغوطات السياسية، لكنّ الأمر يبقى رهن التصويت وموازين القوى داخل المجلس”، لافتاً إلى أنّ “تركيبة المجلس الحالية الناتجة عن منطق المحاصصة كالعادة، تميل إلى الذهاب نحو خيار عدم قبول التمديد الذي غطّته القوى السياسية التي عيّنت قضاة الدستوري”.
يضيف المصدر: “الطعنان المقدّمان ضدّ قانون التمديد للبلديات مبكّلان لجهة تفنيد ثغراته ومخالفته لعدّة موادّ دستورية، ولكون مجلس النواب هيئة ناخبة لا تشريعية وفق المادّتين 74 و75 من الدستور، ولذلك أيّ قانون يصدر عن جلسة غير دستورية هو باطل. والأهمّ نَسف نظريّة الظروف الاستثنائية التي أملت التمديد “التقني”، إذ أعلنت وزارة الداخلية الطرف الأساسي المعنيّ بالانتخابات جهوزيّتها، فيما الأموال موجودة، ومجلس النواب الذي اجتمع ليمدّد كان بإمكانه الاجتماع لإقرار الاعتمادات أو تقوم الحكومة بتأمين التمويل من أموال السحب الخاصة، حتى إنّ موظّفي القطاع العامّ فكّوا إضرابهم. كما أنّ هناك اختلافات جوهرية بين الأسباب الموجبة التي على أساسها أقرّ النواب التمديد وتلك الصادرة في الجريدة الرسمية. كلّ ذلك يدين القوى التي غطّت التمديد ومنعت دورية الانتخاب وتداول السلطة وكرّست مصادرة الحكومة لصلاحيات رئيس الجمهورية في التوقيع على القانون”.
فرّوج مصريّ طيّر التمديد
سيكون ضرورياً في هذا السياق التوقّف عند المادّة التاسعة من الأسباب الموجبة للتمديد، التي جاء فيها: “البلديـات الحاليـة أو الجديـدة مهمّتهـا مستحيلـة فليـس لديهـا الأمـوال “لتسكيـر جـورة” أو “فتـح مجـرور” وهـذا يذكّرنـا بنكتـة مصريـة إذ عُلّـقت لافتـة على محـلّ لبيـع الفـرّوج فدخـل المصـري وسـأل عن فـرّوج طـازج فأجابـوه في الـدور الأوّل، وصعـد إلى الـدور الأول وسـأل عن فـرّوج طـازج ومقطّـع فأجابـوه في الـدور الثانـي، وصعـد إلى الـدور الثانـي وطلـب فـرّوجاً طـازجاً مقطَّـعاً ومسحّباً فأجابـوه في الـدور الثالـث، وصعـد إلى الـدور الثالـث فأجابـه المسـؤول “والله ما عندنـاش فـرّوج بـس إزاي لقيـت التنظيـم الغذائـي عندنـا”. فعلياً، تنظيم القوى السياسية لمشروع التمديد مشابه للنكتة المصرية: إبداع في تنظيم “الفوضى” والعبثية والتهرّب من المسؤوليّات.
ميقاتي جاهز في حزيران؟
لا يُعرَف هل يتوسّع المجلس الدستوري في نقاشاته في الجانب المُتّصل بتصريحات المراجع السياسية والرئاسية، خصوصاً أنّ الإدانة الكبرى للطبقة السياسية الحاكِمة التي تواطأت على إقرار التمديد تجلّت في موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي أعلن في الجلسة الوزارية الأخيرة أن لا إمكانية لدى الحكومة لإنجاز الاستحقاق البلدي بدءاً من 7 أيار “لكنّني قد أكون جاهزاً في 7 حزيران”.