هل يُعقَد “حوار ثنائيّ” بين فرنجيّة والأحزاب المسيحيّة؟
كتبت بولا أسطيح في “الشرق الأوسط”:
لا يبدو أن كل الجهود والمبادرات الإقليمية والدولية لإحداث خرق في جدار الأزمة الرئاسية في لبنان تفعل فعلها داخلياً؛ إذ تتشدد القوى السياسية اللبنانية، وبخاصة المسيحية منها.
وبعد تعثر كل محاولات البطريرك الماروني بشارة الراعي جمع القيادات المسيحية الأربعة، أي رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ورئيس حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية على طاولة واحدة للحوار وإيجاد مخارج للأزمة الرئاسية المستمرة منذ الشغور في رئاسة الجمهورية نهاية تشرين الأول الماضي، اقترح فرنجية أخيراً، وهو أحد المرشحين راهناً للرئاسة بعد تبني ترشيحه من قِبل «الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل»)، «حواراً ثنائياً» بينه وبين باقي القيادات المسيحية لاعتباره أن حواراً جامعاً لهذه القيادات، يمكن أن يكون «فخاً»، حسب تعبيره، مشترطاً أن تكون هذه اللقاءات في بكركي أو في أي مكان، ولكن ليس في مقر أي طرف، مؤكداً أنه سيكون على مسافة واحدة من الجميع إذا انتخب رئيساً.
وكما فرنجية لا يؤيد جعجع حواراً موسعاً للقيادات في بكركي، وهو كان أبلغ البطريرك بشارة الراعي بذلك، فيما يبدو باسيل أكثر المتحمسين لهكذا حوار والجميل غير ممانع له.
ولكن لا تشير المعطيات إلى أن حواراً ثنائياً بين فرنجية وباقي القيادات سيكون مخرجاً للأزمة؛ إذ إن القوى المسيحية لا تبدو متحمسة لحوار مماثل ولا تعول على ما سينتهي إليه.
والأرجح، أن البيان الذي صدر عن «التيار الوطني الحر» أخيراً رداً على فرنجية أكبر دليل على مستوى الشرخ بين الطرفين وتعذر أي لقاء قريب بينهما. إذ نفى «التيار» في بيان أن «يكون لرئيسه النائب جبران باسيل، أي دور أو علاقة بـ(صفقة مرفأ بيروت)، خلافاً لما ورد في مقابلة تلفزيونيّة لأحد المرشّحين الرّئاسيين» (في إشارة إلى فرنجية) وتساءل بيان «التيار»: «ما الّذي يؤمَل من مرشّح رئاسي يرمي بالحرام خصومه السّياسيين، سوى تعزيزه سياسة الإفلات من العقاب؟!».
ويؤكد النائب في تكتل «لبنان القوي» (نواب «التيار») جيمي جبور «أن لا مشكل أبداً بالتلاقي، ولكن موقفنا واضح من ترشيح فرنجية وسبق أن حصل لقاء بينه وبين الوزير باسيل، ولا أظن أن اللقاء يبدّل موقف التيار من الرئاسة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه يبقى أن «الحوار الأوسع يجب أن يستأنف بين الكتل النيابية المعنية بالاستحقاق الرئاسي للخروج من الجمود القاتل من دون استعمال أساليب التهديد والتهويل بالفراغ الطويل، وعلينا أن ندرك جميعاً أن دور الداخل يبقى أساسياً والاتكال على تفاهمات الخارج لا يمكن أن يلغي دورنا وقرارنا في هذا الاستحقاق».
من جهته، يوضح النائب عن حزب «الكتائب» إلياس حنكش، أن «العلاقة الشخصية بين الحزب وفرنجية جيدة ولا أشكال على الإطلاق بعقد أي لقاء في بيت الكتائب المفتوح للجميع؛ فقد سبق أن عقدنا لقاءً معه قبل سنوات وقلبنا صفحة الخلافات الأليمة»، مشدداً في الوقت عينه على أن «العلاقة الشخصية شيء والموقف السياسي المبدئي شيء آخر؛ باعتبار أن فرنجية بنهاية المطاف هو مرشح فريق ولا يمكن اليوم لأي فريق أن يفرض مرشحه على الفريق الآخر». ويلفت حنكش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «رئيس المردة هو حليف (حزب الله) منذ أكثر من 30 عاماً، ولا يمكن أن يكون مرشحاً توافقياً اليوم… كذلك موضوع تقديم ضمانات لم يعد مقنعاً لأننا اختبرنا ماذا فعلوا بالضمانات التي أعطوها للرئيس سعد الحريري بعدم استخدام الثلث المعطل كما بالضمانات التي أُعطيت للفريق الذي انتخب الرئيس ميشال عون، وإن كنا ندرك أن فرنجية من طينة مختلفة».
وفي حين تترك مصادر «القوات» القرار بالموافقة على عقد لقاء ثنائي مع فرنجية لرئيس الحزب سمير جعجع، في حال كان هناك طلب رسمي لعقد لقاء مماثل، تؤكد أنه «لن يغير بمجرى الأمور شيئاً وبقرارنا الحاسم عدم السير بمرشح من فريق (8 آذار)».
وتشير المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «لا مشكلة على المستوى الشخصي مع فرنجية، لكن على المستويين الوطني والسياسي هناك مشكلة كبيرة، خاصة أنه أكد في إطلالته الأخيرة أنه لا يخجل أنه جزء من فريق (8 آذار) وحليف للرئيس السوري بشار الأسد ولأمين عام (حزب الله) حسن نصر الله»، مضيفة «نحن نعتبر أن السبب الرئيسي للأزمة في لبنان هو فريق (8 آذار)، سواء نتيجة سلاح (حزب الله) أو بموضوع إدارته للدولة». وتشدد المصادر على أن «فريقاً انقلب على كل الضمانات، من اتفاق الطائف إلى اتفاق الدوحة، وغيرهما من التفاهمات لا يمكن أن يعطي اليوم ضمانات؛ لأن لا ثقة به أصلاً، أضف أن فرنجية لن يكون بموقع أن يأخذ شيئاً من (حزب الله)؛ لأن الحزب هو من سيكون في هذا الموقع باعتبار أنه سيدين له بوصوله إلى سدة الرئاسة». وتقول المصادر «الضمانات يقدمها ويترجمها رئيس على مسافة واحدة من الجميع، وليس جزءاً من الفريق الممانع الذي دمر لبنان وأودى به إلى جهنم».