افرام في ذكرى مجازر “سيفو”: سنبقى حتّى آخر رمق نحمل وجع الأرض
بمناسبة الذكرى الثامنة بعد المئة لمجازر “سيفو”، أقامت الرابطة السريانية، في مقرها في الجديدة، ندوة بعنوان “شعب بلا ذاكرة يموت”، تكلّم خلالها كل من: رئيس الرابطة المارونية الدكتور خليل كرم، أمين عام اللقاء الأرثوذكسي النائب السابق مروان أبو فاضل، الإعلامي روني ألفا ممثِّلًا أمين عام حركة التجدد للوطن شارل عربيد ممثّلًا، ورئيس الرابطة السريانية في لبنان الملفونو حبيب افرام.
وقد حضر الندوة الوزير السابق وديع الخازن، السفير ايلي الترك، الناشط ميشال ابو نجم، الأب الياس عكاري، الدكتور الياس ملكي، الاعلاميان بيار عطاالله ونبيل براكس، الاساتذة ايلي سرغاني وايلي تنوري. كما حضره من قيادة الرابطة السريانية كل من جورج اسيو، جورج شاهين، حكمت اسيو، كاري صليبا، يعقوب اسمر، مسؤول لجنة الشباب حنا دكتوريان، ومن منظمة “ادفا” تمار دمرجيان. إضافةً إلى حضور السادة سمير أبو عاصي، ورياض يعقوب والسيدات سهام الذوقي، باسكال دنبكلي وهدى غالو.
قدّم الندوة المهندس ايليا برصوم، معرّفًا بمجازر “سيفو”، وهدف الالغائيون والارهابيون من خلال ابادة الحضارات المشرقية العريقة ومحو التاريخ المجيد واستبداله بالمرتزقة الانكشارية والبربرية. مشيرًا إلى أن “حضورنا ونشاطنا في الرابطة هو أكبر دليل على صمود المسيحي المشرقي وتجذره في هذا الشرق العتيد”.
خليل كرم
ومن ثمّ تكلّم رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم عن “الأقليات” ودورهم في تأسيس الحضارات ورفع مداميك الدول التي ولدوا فيها، قبل أن تحل بهم النكبات مذكّرًا إلى أن “الكارثة الأشد هولاً كانت مجازر “سيفو” التي قضت بالنار وحد السيف على عشرات اَلالاف من السريان والآشوريين والكلدانيين، وهجّرت من تبقّى منهم وسط صمت عالمي رهيب”.
وأعلن كرم وقوف الرابطة المارونية إلى جانب الرابطة السريانية لمطالبة المجتمع الدولي بإدانتها.
مروان أبو فاضل
ومن جهته تأسّف أمين عام اللقاء الأرثوذكسي النائب السابق مروان أبو فاضل أن “بعد ١٠٨ سنوات لا يزال التاريخ يتعلثم فمن إبادة الأرمن إلى إبادة السريان والكلدان والآشوريين وحتّى اليوم المجرم هوهو والمشروع هو هو”.
وأشار أبو فاضل إلى أن الإعتراف بمجازر سيفو لم يحظى بنفس الإهتمام بالإبادة الأرمنية والتي أصبحت معترف بها في عدد كبير من الدول ومعتبرة من منظمة هيئة الأمم كواحدة من الإبادات الأربعة المعترف بها رسميًا.
روني ألفا
ومما جاء في كلمة الإعلامي روني ألفا باسم حركة التجدد للوطن:
عن مذابح سيفو قبل ان ننسى على قارعة طريق العدل وانا اتجوّل بحثاً عن محكمة تُنصف الآشوريين والسريان والكلدان والآراميين، شاهدتُ الضمير العالمي مقتولاً في أورفة و ماردين، كان مضرّجاً بدماء السكوت. رثّة كانت ثياب الضمير وممزقة، وحده السيف الذي قطع أعناق هذا الشعب المُسالم فوق خريطة الموت بقي يقطر دماً.
دماء الآشوريين والسريان والآراميين في طور عابدين وهماري و وان و بدليس و أورمية تخرج من الجرح ولا تسقط أرضاً، دماء الشهداء تنزف صعوداً نحو السماء وإذا حدث أن هطلت يوماً في شتاء قارس تحطُّ في الذاكرة المبللة بالدمع.
وأنا في عزّ تفتيشي عن قاضٍ و مطرقة أكتشفتُ أن للعدالة الدولية اسنانُ حليب ولتركيا الفتاة أنيابٌ وأظافر.
لم تكن مملكة الآشوريين و السريان والكلدان والآراميين من هذا العالم لهم النهران وما بينهما فملؤوها حبراً وأحبارا وكتبوا الحضارة لمستقبل الحضارة صدّروا الحرف الى العالم فإحترفَ قتلهم.
المطلوب وطنٌ روحيٌّ للآشوريين والسريان والكلدان والآراميين يدوم مئة سنة جديدة دون سيوف.
معجزة أن تبقى الذاكرة الآشورية طوال هذه المدة الى جوار حفّاري القبور الذين كانوا وما زالوا يحرسون الحفرة التي دفنوا شعباً بأمه وأبيه فيها.
حبيب افرام
أما كلمة رئيس الرابطة السريانية الأستاذ حبيب افرام فكانت بعنوان: بين “سيفو” والنسيان، وقد جاء فيها:
ماذا تفعل أنت المسيحي المشرقي المعلّق على صليب؟ جئت لتشهد لتتعذب؟
ألا ممكن لك ان تنسى؟ أن تمحو الذاكرة؟ ما لك تنبش في تاريخ أجدادك؟ مجزرة من هنا؟
إبادة من هناك؟ هل تظن أنّ أحدًا يهتم؟ ألا تعرف أن العالم مرّ بحربيين عالميتين دفع ثمنها
أرواح عشرات الملايين؟ ألا ترى أن الحروب والثورات وإلاشتباكات ما زالت سِمة العصر؟
من أوكرانيا الى السودان مرورًا بفلسطين؟ ثم قل لنا ماذا تريد؟ تعود الى سيفو كل عام؟
هل من جديد؟ ندوات كتب محاضرات أغانٍ صوَر ثم ماذا؟
هل يعرف شعبك ما هي أولوياته؟
ألم يستسهل الغربة بين السويد وأميركا؟ فعن أي قضية تتكلّم؟
أيّها الرفيق، هل تظن أنّ تركيا قد تعترف؟ قد تُعوّض؟ قد تعيد أراضٍ؟ الدم ثقيل؟
ولن تتجرأ على نقد ما صنعه العثمانيين لا يهمها لا حكم التاريخ ولا العدالة ولا المصالحة.
ثم ما هي أدوات الضغط؟
أي لوبي أي عاصمة وكلها مع المصالح وليست مع الحقّ ولا مع القيم ولا مع المبادىء.
وأنت لست ساذجًا وأدركتَ ذلك حتى في قضية لبنان؟
أنت أصلا شعب الفتات، بقايا سيوف، تحاول جاهدًا أن تكون لك شمس حريات في شرقٍ يغفو على مجزرة ويستيقظ على إبادة، يرفض التنوّع والتعدد وإحترام الإنسان والجماعات، يعتبر الحريّات خطرًا على تخلّفه وعشيرته وقبيلته وحزبه وزعيمه، وانت مهدّد كل لحظة في حلمك في خبزك في غدك.
الأنظمة أمامك والتطرّف وراءك والغرب فاتح يديه بخبثٍ يغمزك أن لا مستقبل لك في أوطانك، تعال اليّ وأنا أريحك. وإذا أردتَ أن تتذكّر في جليدنا فعلى الرحب والسِعة!
تقترب من جنون، أعترف أيّها الرفاق، تفتح يدك فاذا هباء، نضال في سلة مهملات، تخسر في طورعابدين وأنت شاهد حجارة، تذوب في نينوى يتنازعك الأقوياء ويترّبص بك الإرهاب تنزف في الخابور والقامشلي وكأن لا أمل، وتطوي وعد لبنان واحة مشرقية بعد الذلّ والفساد والسرقة والعُقم، ولا نتعلّم شيئًا.
“سيفو” “سيفو” آلاف الصور والأسماء معلّقة في ضميرنا، حقّ للقوي أن يقتلك أن يهجّرك أن يذبحك وأنت لا يحق لك أن تعترض.
سنبقى أيّها الرفاق، رغم خيباتنا واليأس، حتّى آخر رمق مسيحيي مشرقًا هنا أو حتى في إنتشارنا، نحمل وجع الأرض، إذا كان قدرًا قبلناه على مضض، لا أرض تعود، ولا كلمة تريح عظام أجداد، سنأخذ جرح التاريخ الى قبورنا. بين سيفو والنسيان، لا خيار، رغم ذلّ الإنكسار نحن “سيفو”!
وقد اختُتمت الندوة بنقاشٍ وأسئلة من قِبَل الحاضرين، كما ووُزعت على كل الحضور أقراص مدمّجة CD بعنوان “سيفو والنسيان” وهي من كلمات دولة الرئيس ايلي الفرزلي ولحن وإنشاد الفنان سمير صفير ومن إنتاج الرابطة السريانية.