عبد الساتر: باقون هنا لأن وجه لبنان والشرق يتغير إذا غادرنا
احتفل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر بالقداس الإلهي في كاتدرائية مار جرجس- بيروت، لمناسبة عيد مار جرجس، شفيع العاصمة والابرشية، عاونه فيه الكهنة الذين يحملون اسم القديس، بمشاركة لفيف من كهنة الأبرشية والرهبان خدمة الرعايا فيها، وفي حضور عدد من الإكليريكيين في الأبرشية والراهبات، وحشد من الفاعليات وأعضاء الأخويات والجماعات والحركات الرسولية والمؤمنين.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى عبد الساتر عظة قال فيها: “أعايدكم في عيد مار جرجس الشهيد، شفيع أبرشيتنا وعاصمتنا، وأعايد معكم الآباء المعاونين في هذا المساء الذين يحملون اسم القديس ونرفع سويا الصلاة لأجلهم ولأجل خدمتهم. أشكركم جميعا على حضوركم اليوم من مختلف رعايا ومناطق الأبرشية، وأشكر أيضا للآباء الذين حضروا للمشاركة في هذا القداس الاحتفالي”.
وتابع: “مار جرجس، الذي نطلب شفاعته أمام الرب من أجل خلاصنا، كان ضابطا قويا وجريئا وقتل التنين أي الشرير، اختبر الألم والعذابات ولم يخف الموت حتى صار شهيدا. علينا أن نتذكر، نحن المسيحيين والمسيحيات، أننا جماعة الصليب وجماعة القيامة. فالرب يسوع يقول لتلاميذه: ما من أحد ترك، من أجلي ومن أجل الإنجيل، بيتا، أو إخوة، أو أخوات، أو أما، أو أبا، أو أولادا، أو حقولا، إلا ويأخذ مئة ضعف، الآن في هذا الزمان، بيوتا، وإخوة، وأخوات، وأمهات، وأولادا، وحقولا، مع اضطهادات، وفي الدهر الآتي حياة أبدية (مر 10: 29 – 39). نحن اذا اضطهدنا فهو لأننا لا نتماشى وتفكير هذا العالم، ولأن منطقنا هو منطق الرب وليس منطق هذا العالم، ولأن حساباتنا هي حسابات الرب والمحبة وليست حسابات المصلحة الشخصية. نحن نشبه الصخرة في وسط النهر التي كلما ضربت فيها المياه تنفلق وتتحرك. وعندما يزعج وجودنا البعض الذي لا يريد أن يفحص ضميره وأن يسير بحسب منطق الرب وبحسب حسابات المحبة، يحاول إقصاءنا، ولكننا باقون ولن نتخلى عن تجذرنا بثوابتنا التي هي من الرب. نحن باقون هنا لأن وجه لبنان والشرق يتغير إذا غادرنا. نحن لا نخاف الاضطهاد ولا الموت لأن ربنا أقوى من الاضطهاد ولأنه انتصر على الموت وأعطانا الحياة، فصار الموت مجرد مرحلة نمر فيها لنلتقي بالله وجها لوجه”.
أضاف: “نحن لا نخاف الجوع والضائقة المادية لأننا إذا اكتفينا بالضروري والأساسي في حياتنا نستطيع أن نعيش جميعنا بكرامة، معيلين بعضنا البعض ومتضامنين في ما بيننا، فتمر الأزمة بأقل ألم ممكن. نحن لا نخاف على مستقبلنا لأن أجدادنا حولوا الصخر إلى تراب ليزرعوا ويأكلوا، وصمدوا في هذه الأرض مئات السنوات. نحن لا نخاف لأننا كنيسة ربنا الذي قال: وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. نصلي للرب ليزيدنا إيمانا فلا نتزعزع عند أول تحد، وليزيدنا محبة مجانية وتضامنا مع بعضنا البعض في مختلف ظروف حياتنا فلا نتشبه بالزعماء المنقسمين الذين يختلفون مع بعضهم من أجل كرسي ومنصب. نصلي للرب ليجعلنا نتخلى عن مصالحنا الضيقة فنسعى إلى تحقيق مصلحة كنيستنا وبلدنا أولا. فنحن نريد أن نثبت كنيستنا أكثر في هذه الأرض لأننا مدعوون لأن نكون شهودا على قيامة الرب ومحبته وغفرانه في هذا البلد وفي هذه المنطقة”.
وختم عبد الساتر: “كنت اليوم صباحا في منطقة الشياح مشاركا في حدث رياضي لجماعة “إيمان ونور”، وأستطيع أن أقول لكم إنني أتعلم من الإخوة والأخوات في هذه الجماعة الحب المجاني والفرح الحقيقي والصلاة والاكتفاء والسلام الداخلي والتخلي عن الحسابات والعيش ببساطة. دعونا إخوتي وأخواتي لا ننسى أن الله متكل علينا لنغير وجه العالم الذي نعيش فيه والذي يسوده منطق اللامبالاة، ولنظهر محبته لكل إنسان، ولنعيش الاستقامة والصلاح فيتعلم منا المسؤولون التخلي عن الفساد والقيام بكل ما يلزم من أجل خير البلد. نصلي حتى نبقى، عندما نخرج من الكنيسة، شهودا ليسوع المسيح، متشبهين بمار جرجس وبجرأته وقوته فيتمجد اسم الرب من خلال أعمالنا وصلاحنا، ولو كلفنا الأمر تضحيات كبيرة”.
وفي ختام القداس الذي خدمته جوقة رعية سيدة الانتقال- تنورين، كان زياح لأيقونة مار جرجس، واستقبل بعده عبد الساتر والكهنة المهنئين بالعيد في صالون الكاتدرائية.