رغبة روسية جامحة بإيصال فرنجية… هل يدفع المسيحيون ثمن التسوية؟
كتبت سمر الخوري في “المركزية”:
ترصد العين الداخلية ما يجري في الكواليس العربية والدولية حيال الاستحقاق الرئاسي المنتظر. وما أن نرصد لقاء أو نسمع عن اتصال جرى بين الاطراف المعنية بهذا الملف، حتى تنهال التحليلات والمواقف وتتحرك القوى السياسية في الداخل بحثا عن اشارة عبر الموجات الدبلوماسية العابرة للحدود.
في اليومين الماضيين عاد الحديث عن ارتفاع اسهم مرشح محور الممانعة سليمان فرنجية بناء على تصريحات الاخير من بكركي والتي قرأها البعض على أنها بداية انطلاق رئيس تيار المردة في السباق نحو كرسي بعبدا، وبدأ الكلام عن “ليونة” سعودية بمسعى فرنسي لايصال الرجل الى رئاسة الجمهورية، مستفيدة من وحدة صف محور الممانعة خلف فرنجية وتشرذم قوى المعارضة واختلافها على اسم جدي يمكن تبنيه بمواجهة فرنجية.
ورغم كل الضجيج الذي يحيط بحركة فرنجية الا أن الثابت الوحيد يبقى الموقف السعودي تجاه الرجل والذي لا يزال مبهما طالما أن المملكة لم تعلن موقفها الرسمي، كما ان الجميع يُدرك أنّ طريق بعبدا تمرّ بالمملكة، فوصول مرشّح لا يحظى بالرضى السعوديّ يعني حكما استمرار العزلة العربية ومواصلة الاستنزاف الذي دخله لبنان مع وصول العماد ميشال عون الى سدّة الرئاسة. فهل دخلت روسيا على خطّ التسوية؟ وأيّ دور للروس في مساندة فرنجية للوصول الى بعبدا؟
مصدر ديبلوماسيّ مطلع على القرار الروسي يؤكد لـ”المركزية” أنّ روسيا تعتبر الرئاسة شأنا داخليّا والقرار لبنانيّا، رغم تأييدها وصول فرنجية الذي تراه الرجل الأفضل للمرحلة الحالية والأنسب.
وبحسب المصدر، فالأسباب الكامنة وراء رغبة روسيا بوصول فرنجية، إضافة الى معرفتها به، هي أنها تجد ضرورة بأن يكون الرئيس رجلا سياسيّا، قادرا على مدّ جسور التواصل مع كل الأطراف من جهة وكلّ الدول من جهة أخرى . هذا إضافة الى رغبتها في وصول مرشح قريب من الجميع، فلا يكون معاديا لمحور حزب الله وسوريا وايران ولا معاديا للسعودية ودول الخليج، وفرنجية يحمل المواصفات هذه.
الاهتمام الروسي في المنطقة كبير، والوجهة التي تعمل عليها روسيا هي نفسها التي تعمل عليها فرنسا، ولكن من دون أن يكون هناك تنسيق بينهما، يجزم المصدر. وعليه، فهي تحثّ الأطراف اللبنانية على الابتعاد عن التجاذبات وضرورة انهاء الشغور الرئاسيّ، لأنّ البلاد تنهار مستفيدين من المناخ الايجابيّ في المنطقة، خصوصا أننا في عصر شرق – أوسطيّ جديد، عصر روسي – صيني يقابله تراجع أميركي.
واذ يرى أنّ كلام فرنجية من بكركي لناحية “قراءة التوجّهات الجديدة” جاء منطقيا، أمل ألا يعارض المسيحيون التسوية فتأتي على حسابهم كما حصل في اتفاق الطائف، مستطردا “السير بعكس التيار سيؤدي الى أن يدفع لبنان الثمن، والمسيحيون بشكل أساسي”.
الحرص الروسيّ على لبنان، بحسب المصدر، ادّى بروسيا للتواصل مع مختلف الأطراف، ومن ضمنها المملكة العربية السعودية، فقد تمّ التطرق الى الملف اللّبناني وتحديدا الملف الرئاسيّ مع وجود وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في موسكو. ويرى أنّ المهم أن بستفيد لبنان من هذا المناخ، حتى يخرج من عزلته، فهو بلد صراع المحاور والمحاور اليوم متفقة.
هذا في الشأن المحلي، أمّا دوليا فيكشف المصدر الديبلوماسيّ الروسي أنّ اجتماعا رباعيا سيعقد في الأوّل من أيّار بين وزراء الخارجية الروسيّ والتركيّ والايرانيّ، يستبق اجتماع “أستانة”.
واذ يلفت الى أنّ محوره الأساسي الحلّ السياسي في سوريا، يرى أنّ نتائجه ستكون ايجابيّة على سوريا كما على لبنان وتحديدا لناحية ملف اللاجئين، ويؤكد “مناخ التسوية سيترك تأثيراته على ملف النازحين، كما أنّ عودة العلاقات العربية – السورية ستلعب دورا في عودتهم”.