هل يدخل لبنان ضمن مشروع القرار الأوروبي لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم؟!
تبلّغ الوفد النيابي اللبناني الذي زار بروكسل أخيراً، أنّ عدداً من النوّاب الأوروبيين في صدد إعداد مشروع قرار لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، ستتمّ مناقشته في شهر أيّار المقبل… وأقرّوا أنّ بعض الدول الأوروبية قد اتخذت قرارات فردية لإعادة النازحين لديها الى سوريا كونها باتت مقتنعة أنّ هناك مناطق آمنة فيها تستطيع استيعاب أعدادهم. وأتت هذه الخطوة خلال اجتماع عقده النوّاب اللبنانيون مع نظرائهم الأوروبيين، وعرضوا لهم ما آل اليه الوضع في لبنان جرّاء استضافة أكثر من مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيه منذ بداية الأزمة في سوريا في العام 2011 حتى يومنا هذا. وطالبوا بمساعدتهم على إيجاد حلّ جذري لمشلكة النازحين السوريين قبل تحوّلها الى «قنبلة موقوتة» خلال السنوات المقبلة. فهل يدخل حلّ أزمة النزوح السوري في لبنان ضمن مشروع القرار الأوروبي؟ وكيف يمكن أن يؤدّي الى إعادتهم الى بلادهم إزاء التعنّت الذي يظهره المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية ضدّ عودتهم، ومحاولات السعي الى دمجهم في المجتمعات المضيفة؟
يُعمل على مشروع القرار هذا، بحسب المعلومات من قبل بعض النوّاب الأوروبيين، لا سيما من بلجيكا والسويد وألمانيا، خصوصاً بعد إعادة التفكير بوضع النازحين السوريين في الدول الأوروبية وبأوضاع الدول المضيفة لهم، بهدف التوصّل الى اتخاذ قرار جماعي في الاتحاد الأوروبي لإعادة النازحين الى بلادهم. فالنازح السوري يُكلّف أي دولة أوروبية مضيفة له نحو ألفي يورو، فيما لا تتعدّى كلفة مصاريفه واحتياجاته في سوريا الـ 200 يورو شهرياً. ولهذا قرّر النوّاب الأوروبيون وضع مشروع قرار يتضمّن رؤية واضحة، أو برنامجاً محدّداً لإعادتهم الى بلادهم يشمل الدول المعنية بالنازحين ودول الجوار السوري ومن ضمنها لبنان.
وفي ما يتعلّق بوضع النازحين السوريين في لبنان، يُعتبر مشروع القرار هذا الأول من نوعه الذي يُتخذ على صعيد الاتحاد الأوروبي منذ المناشدات الدولية السابقة للبنان، بأن تتمّ مساعدته على إعادة النازحين السوريين الى بلادهم… وسيطالب بإعادة تموضع السوريين فيه لما لتأثير النزوح من سلبيات على الدولة اللبنانية بمختلف القطاعات وعلى الاقتصاد اللبناني ككلّ الذي يُعاني من أزمة حادّة وغير مسبوقة. ولكن سيكون على الدولة اللبنانية اتخاذ الإجراءات المناسبة لتنظيم وضع النازحين، وتحديده وعدم خلطه بالعمالة أو بالسياحة السورية.
أمّا بداية حلّ مشكلة النازحين التي جرى التوصّل اليها مع النوّاب الأوروبيين فتتعلّق بجملة أمور لا بدّ من العمل على تنفيذها، أبرزها:
1»- وقف المساعدات المالية والعينية التي تصل الى النازحين السوريين في لبنان بكثافة من الدول الأوروبية، كما من منظمة الأمم المتحدة. فهناك آلاف النازحين السوريين الذين يقبضون من الأمم المتحدة، بحسب ملفات الأمن العام اللبناني، ويُغادرون لبنان الى سوريا شهرياً بهدف صرف أموالهم هناك، ما يُسقط عنهم «صفة النزوح».
2»- إتخاذ قرار بضرورة عودة النازحين السوريين الذين غادروا مناطقهم كون الوضع الأمني فيها كان خطراً، والتي باتت آمنة ومستقرّة منذ سنوات طويلة، ولا سيما أن لا شيء يحول اليوم دون عودتهم إليها.
3»- التشديد على القرار المعتمد من قبل الأمن العام اللبناني والذي ينصّ على أنّ النازحين الذين يغادرون لبنان عبر المعابر الرسمية، (وليس عن طريق المعابر غير الشرعية التي يدخل ويخرج منها عدد كبير من السوريين بشكل يومي)، لا يستطيعون العودة اليه إلّا بعد خمس سنوات.
4»- على المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عندما تتبلّغ أسماء السوريين الذي ذهبوا الى بلادهم وعادوا منها، شطب هذه الاسماء من سجّلاتهم، أي وقف اعتبارهم «نازحين»، لأنّ صفة النزوح تسقط عنهم بمجرد زيارة سوريا وعودتهم الى لبنان.
ومع تطبيق هذه الإجراءات التي يمكن اعتبارها بداية حلّ لأزمة النازحين السوريين، تتمّ فرملة ازدياد عددهم في لبنان، وبالإمكان أن يُستتبع لاحقاً بقرارات أخرى تؤدّي الى حلّ جذري للمشكلة… غير أنّ هذا الأمر يبدو صعباً بعض الشيء في المرحلة الراهنة كونه لا رئيس للجمهورية ولا حكومة فاعلة قادرة على تنفيذ أي خطة يمكن أن يتمّ وضعها لتنفيذها، الأمر الذي يتطلّب انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة تعمل على إعادة النازحين في أسرع وقت ممكن.
فيما الخطر الأكبر على كيان لبنان وديموغرافيته، هو وصول نسبة عدد الولادات بين النازحين الى 6 % مقارنة مع عدد الولادات اللبنانية التي لا تتعدّى الـ 1.2 %، وهذا ينبىء أنّه بحلول العام 2030، سيُوازي عدد النازحين السوريين عدد سكّان لبنان، إذا ما أخذنا في الإعتبار مكتومي القيد غير المسجّلين، والهجرة اللبنانية الدائمة أو المؤقتة، فضلاً عن عدد الوفيات لدى اللبنانيين من كبار السنّ التي تفوق بنسبة كبيرة عدد الوفيات عند السوريين، سيما أنّ أكثرية المسنين بقوا في سوريا ولم ينزحوا منها، ما يعني تغييراً ديموغرافياً خطراً على لبنان سيواجهها عاجلاً أم آجلاً. لِذا سيكون على الحكومة المقبلة اتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة للحدّ من هذه القنبلة التي من شأنها تفجير لبنان من الداخل.
دوللي بشعلاني – الديار