محليات

حواجز الضاحية صفر أمني: عبء على الجيش والسكان.. والمجرمين

كتب محمد علوش في المدن:
“في تموز وآب من العام 2013، فجّر الإرهابيون شوارع رئيسية في الضاحية الجنوبية. فعمد بعدها حزب الله إلى نشر عناصره على كل مداخل الضاحية للتدقيق في هويات المارة وتفتيش السيارات، فاستمرت حواجز الحزب حتى منتصف أيلول من العام نفسه، قبل أن تتسلّمها الأجهزة العسكرية والأمنية. فتولى الجيش اللبناني مراقبة مداخل الضاحية الجنوبية الرئيسية، واستلمت قوى الأمن الداخلي والأمن العام المداخل الفرعية، وهكذا أصبحت الضاحية، لضرورات أمنية، “مدينة مغلقة”.

منح دخول أجهزة الدولة إلى الضاحية، السكان، بعضاً من أمن وأمان، ورغم تبدّل الأوضاع في سوريا، وهزيمة الجماعات الإرهابية ودحرهم من جرود لبنان، لم يتغير شكل الحواجز. فكانت تُشدد إجراءاتها حيناً، وتقلصها أحياناً، حتى أيلول من العام 2021، يوم انتشرت فيديوهات تُظهر خلوّ الحواجز من “سكانها”.

يومها كان القرار العسكري إنهاء وجود الحواجز على مداخل الضاحية، لكن بعد تدخلات من حزب الله، عاد الجيش إلى حواجزه، واتخذت الأجهزة الأمنية الأخرى، كالأمن العام وقوى الأمن الداخلي، إجراءات إعادة تموضع، كانت نتيجتها مع الوقت، وجود حواجز فارغة، ومداخل متروكة، الأمر الذي أفقد الحواجز الكثير من قيمتها.

يوم أخلى الجيش حواجزه، كان السبب -حسب مصادره- “ضرورات عسكرية ولوجيستية”، والمقصود بها كان -وفق مصادر متابعة- عدم قدرة الجيش على تحمّل الكلفة الكبيرة للحواجز، بشرياً ومادياً، خصوصاً بعد الانهيار الاقتصادي الذي ضرب لبنان عام 2019. وتُشير المصادر عبر “المدن” إلى أن حزب الله طلب يومها من الجيش عدم ترك الحواجز، لأنها تُعطي شعوراً بالأمان، ولو اقتصر الأمر على حواجز الجيش اللبناني.

الجيش يشعر بالعبء
اليوم، تُعاني مداخل الضاحية الرئيسية من زحمة سير خانقة طيلة الوقت بسبب وجود الحواجز، فتصطفّ طوابير السيارات ضمن خطوط طويلة، تمرّ على الحاجز عبر إلقاء التحية فقط، وأحياناً لا يكون العسكري في موقعه حتّى، فتكون الزحمة “مجاناً” على حاجز فارغ.

حسب المصادر، لا يمكن لقائد فوج التدخل الرابع، المتواجد في ثكنة “المضاد” قرب ملعب الغولف، أن يتخذ قراراً بإزالة الحواجز، رغم أن الجيش يُعاني من عبء مادي وبشري بسببها، لأن الحاجز الواحد يتطلب سرية كاملة لتشغيله على مدار الساعة، طيلة أيام الأسبوع، فكل 3 ساعات يتواجد على الأقل ما بين 8 و10 جنود على الحاجز. لكن بالوقت نفسه فإن قرار الإبقاء على الحواجز من عدمه يتطلب قراراً سياسياً على مستوى عالٍ، لأن أحداً لا يمكنه تحمل مسؤولية إزالتها لوحده. فماذا لو أزيل الحاجز اليوم وحصل أمر ما سيئ في اليوم التالي؟

تعود المصادر بالذاكرة إلى قرار وزارة الداخلية قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، يوم قرر الوزير سليمان فرنجية إزالة عوائق تضيق على الطريق قرب منزل وليد جنبلاط في كليمنصو، فبعد اغتيال الحريري، اتهموا وزير الداخلية بأنه يسهل عملية الاغتيالات.

فوائد الحواجز.. نفسياً
ترى المصادر أن حزب الله يعتبر الإبقاء على حواجز الجيش اللبناني بمكانها (كون حواجز الأجهزة الاخرى أصبحت إما خالية وإما غير موجودة)، يشكّل عبئاً على المطلوبين والمجرمين، ووجودها يضغط عليهم ولو نفسياً، إذ لا يُعرف متى تُفرض إجراءات قاسية على المرور، ولا يُعرف متى يُسكن الحاجز الفارغ، خصوصاً وأن الحواجز تتسلم أسماء مطلوبين، ويتم التنسيق معها بحال كان هناك عملية أمنية ما، وبالتالي فإن نفعها يبقى أكبر من ضررها.

يحكى أنه عند الشروع بأعمال بناء في محيط المدرسة الحربية، تهدّم أحد حيطان الدعم الذي يحمي المدرسة، فصدر قرار بوضع نقطة حراسة في ذلك المكان، عُرفت بين الجنود بـ”نقطة الحيط”، وبعدها بفترة تم بناء الحائط، لكن النقطة بقيت واستمر الحرس فيها، وهكذا في الضاحية.

لتسيير أمور المواطنين على الطرقات، يتطلب الأمر قراراً جريئاً يُشبه قرار رفع سواتر الباطون المسلح من على طريق المطار بمحيط مستشفى الرسول الأعظم، وتفعيل العمل الأمني المخابراتي، ومتابعة المجرمين والمطلوبين وتوقيفهم، وبذلك نكون قد أنهينا مرحلة أمنية صعبة عاشها السكان في الضاحية الجنوبية.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى