سكاف: لماذا نتقاتل عندما يتقاتلون ولا نتصالح عندما يتصالحون؟
سأل النائب البروفيسور غسان سكاف مصوّبا على الاتفاق السعودي – الإيراني لماذا نتقاتل عندما يتقاتلون، ولا نتصالح عندما يتصالحون؟ ولماذا لا نستغل اليوم الإتفاق السعودي-الايراني وفرصة الهدوء الإقليمي والجو الإيجابي الذي نتج عنه من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي لافتا إلى “أننا نريد رئيساً وسطياً، فالوسطية قيم وأخلاق ولا تعني الإتيان برئيس لا طعم له ولا رائحة ولا لون، مؤكدا أن الشجاعة حالة وسطية بين الجبن والتهور، والكرم حالة وسطية بين البخل والتبذير، ولا ضير في رئيس من هذه الطبقة لانه أقرب الى العدالة.
وقال سكاف: “وقت المسرح انتهى وتحديداً الفصل الأول ويجب أن يبدأ الفصل الثاني والأخير حيث لا مجال للأعذار والشعارات والأوراق البيضاء وإسقاطٌ للنصاب”.
مواقف النائب سكاف جاء ت خلال مأدبة إفطار رمضاني حاشد أقامه في مطعم سما شتورا حضره مفتي زحلة والبقاع الشيخ الدكتور علي الغزاوي، مطران زحلة وبعلبك للروم الأرثوذكس المتروبوليت أنطونيوس الصوري، الشيخ ابراهيم الحسين ممثلا مفتي راشيا الشيخ الدكتور وفيق حجازي، الاب الياس ابراعيم ممثلا راعي ابرشية زحلة والفرزل والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم ابراهيم، الأب طوني الصقر ممثلا رئيس اساقفة زحلة والبقاع للموارنة المطران جوزيف معوض، عضوا المجلس المذهبي الدرزي الشيخ أسعد سرحال والنقابي أكرم عربي، القاضي الشيخ عبد الرحمن شرقية، الأكسيرخوس إدوار شحاذي، ولفيف من العلماء ورجال الدين والآباء والاساقفة من زحلة والبقاعين الغربي والاوسط وراشيا.
كما حضر الوزير السابق جمال الجراح، النواب بلال الحشيمي، ياسين ياسين،شربل مارون، النائب السابق محمد القرعاوي، الشيخ حسن أسعد ممثلا النائب قبلان قبلان، رئيس اتحاد بلديات السهل الحاج محمد المجذوب، نائب رئيس اتحاد بلديات قلعة الاستقلال عصام الهادي، رؤساء بلديات ومخاتير وفعاليات وحشد من المدعوين.
وقال سكاف: “ليس صدفةً أن نلتقي اليوم في شهر الصوم والصلاة الذي يجمع المسلمين والمسيحيين ، فالأديان والحضارات تتلاقى بالرغم من فوارق الزمن، لأن قيم الحق والخير والجمال التي خطّها فلاسفة اليونان من أجل بناء الجمهورية الفاضلة والعادلة نراها متجليةً اليوم في المسيحية والإسلام”.
وتابع “إن الأديان السماوية تدعو الى الحرية، والحرية تقوم على مبادئ التحرر من الجهل والتخلف والتبعية، بالإضافة الى التحرر من الفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والمالي، وعندما نتحرر من جميع هذه الموبقات نكون قد حظينا بالمعرفة. منذ القدم قال افلاطون: “إن الحرية ملتصقةٌ جذرياً بالفضيلة، والفضيلة بدورها تقتضي الالتزام بمعاني المسيحية والإسلام”.
وأضاف سكاف “في سنواتٍ قليلة حولنا لبنان السياحةَ الى مُحترِف تسولٍ ومساعدات وأصبحت سياستَنا الخارجية عملاً إداريًا لوكالة تجميع وتوزيع الحصص الغذائية بعد أن تم إفقارَ شعبنا، وحولنا مستشفى الشرق الى مقابر جماعية وجامعةَ الشرق الى منارةٍ للتخلف.”
وتابع “لقد وجدنا في زياراتنا للخارج إدراكاً خارجياً تاماً لحجم الأزمة ومخاطرها في لبنان ولحجم الانهيار، في مقابل عدم اكتراثٍ وتلهٍ داخلي بالامور الذاتية والشخصية وليس الوطنية.
من حق الشعب أن يحلم برئيس يؤمن بلبنان الحلم لا بلبنان جهنم، يؤمن بلبنان سويسرا الشرق لا فنزويلا الشرق، يؤمن بلبنان الحضارات ومنارةً للشرق، يؤمن بلبنان جسر عبور بين الشرق والغرب، يؤمن بلبنان مصرف العرب وجامعة العرب ومستشفى العرب ومصيف العرب، رئيساً وطنياً محتَرماً جامعاً، ذا برنامجٍ واضح وقادرٍ على إطلاق عجلة الإصلاح، ويحظى بثقة الشعب وثقة المجتمعين العربي والدولي. باختصار نريد رئيساً على قياس أزمة البلد”.
وأوضح سكاف “بسبب عدم تماسكنا الداخلي وضعنا تاريخياً مفتاح استحقاقاتنا الدستورية في جيب الراعي الإقليمي والدولي، ولطالما كان صندوق الاستحقاق الرئاسي في القاهرة ثم دمشق في الماضي وفي طهران اليوم، ولكن مفتاح الصندوق كان وما زال في واشنطن، فأصبحنا رهينة المساعي التي يقوم بها الخارج بتوقيتٍ يختاره هو، فيطفئ و يدير محركاته وفقاً لحساباته ومصالحه الداخلية وتأثرها بالسياسة العالمية خصوصًا ما يحصل اليوم من حربٍ روسية- اوكرانية. الداخل في لبنان يشتري الوقت أملاً بتغيير المواقف الداخلية وفرض الرئيس، ونرى الخارج يُجاري الداخل في شراء الوقت غير مكترثٍ بمعاناة وطنٍ ينهار وشعبٍ يموت”.
وقال: “تاريخياً، كانت مآسينا الداخلية تزداد وتتفاقم عند اشتداد الخلافات الإقليمية، وقد تُرجمت في الماضي بتعطيل الاستحقاقات حيناً وبمعارك عسكرية أحياناً دامت سنوات طويلة. لماذا لا نستغل اليوم الإتفاق السعودي-الايراني وفرصة الهدوء الإقليمي والجو الإيجابي الذي نتج عنه من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي؟ وإذا كنا بالفعل قد سلمنا أمرنا كلبنانيين للخارج منذ الاستقلال في كل استحقاق، فلماذا نتقاتل عندما يتقاتلون ولا نتصالح عندما يتصالحون؟”.
وأضاف “صحيح أن موضوع لبنان لم يُبحث في هذا الإتفاق، وهذا بالنسبة لنا شيئ ايجابي، ويسُرنا ويُريحنا لأننا لا نريد أن يكون لبنان جائزة ترضية للاتفاق السعودي-الايراني أو محطةً للاستثمار فيه لمصلحة فريقٍ دون آخر، كما لا نريد أن يَفرض هذا الإتفاق رئيساً على قاعدة الربح والخسارة. بل نريد أن يُسهّل هذا الإتفاق الإتيان برئيس يجمع كل الأطراف الداخلية، ويستعيد لبنان دوره وعلاقاته العربية والخليجية والدولية”.
وتابع سكاف “علينا أن نستغل هذه اللحظة. لحظة انفصال لبنان عن التأثيرات الخارجية تماماً كما حصلت اللحظة الملائمة في ترسيم الحدود مع إسرائيل مع تحفظنا على نتائج الترسيم التي سلخت عن لبنان مئات الكيلومترات.”
وإذ رأى أن وقت المسرح انتهى وتحديداً الفصل الأول شدد سكاف على وجوب أن يبدأ الفصل الثاني والأخير حيث لا مجال للأعذار والشعارات والأوراق البيضاء وإسقاطٌ للنصاب، لأننا “في نظام ديمقراطي والديمقراطية تقتضي أن نتقبل نتيجة الانتخابات، ولا صلاحية لأي دولة في تسمية الرئيس لأنه أمرٌ سيادي يقع على عاتق المجلس النيابي.”
وحول المبادرة التي كان قد أطلقها سكاف قال “قمنا بجهود في الماضي مع كل الفرقاء من ضفتي المجلس واليوم نجدد الجهود من أجل دفع المعارضة الى تسمية مرشحٍ واحد يواجه مرشح الممانعة. ففي المجلس النيابي هناك توازن سلبي معارضة (٤٠ الى٤٥ نائبًا) ممانعة (٤٠ الى ٤٥ نائبًا) والمترددون (حوالي ٣٠) فلنذهب فوراً الى جلسات انتخاب وليقرر المترددون من يريدون رئيسًا وتنتهي الجلسات بانتخاب رئيس ونقوم جميعاً بتهنئته ونقف معه لخلاص البلد ويبدأ معه مسار انتظام عمل المؤسسات الدستورية”.
وعن مواصفات رئيس الجمهورية قال سكاف:”نعم نحن نريد رئيسًا قوياً ولكن قوته لا تكمن في شعبيته إنما تكمن في احترامه للدستور والقانون. نعم نريد رئيساً وسطياً يجمع اللبنانيين ولا نريد رئيساً من نادي الهواة أو من محفل الأمية السياسية، فالوسطية لا تعني الإتيان برئيس لا طعم له ولا رائحة ولا لون. مذكرا بقول أرسطو: “إن الوسطية قيمٌ وأخلاق. فالشجاعة حالةٌ وسطية بين الجبن والتهور، والكرم حالة وسطية بين البخل والتبذير، والشريحة الأكبر من كافة الشعوب تنحو باتجاه الوسطية ولا ضير في أن يحكم فردٌ من هذه الطبقة لأنه أقرب الى العدالة”.
وقال: “ليست الأوطانُ قدراً، الأوطان تعطي الانسانَ هوية، وحصانةٌ وحماية، وتحمي الكرامات وتسبُغ عطايا لا حدود لها، لكن الأوطانَ تحتاج الى ناظمٍ لمجتمعاتها. ناظمٌ أخلاقي مصدره الأديان السماوية والترابط العائلي، وناظمٌ قانوني مصدره الدستور واحترامه والقانون وتطبيقه.”
وختم سكاف قائلا: “من موقعي النيابي ومن مسؤوليتي الوطنية أتوجه صادقاً بالنصح لمن يساهم في إعاقة إنجاز الاستحقاق الرئاسي بالقليل من التواضع والكثير من المسؤولية. فنحن لا نملك ترف الانتظار ولا نريد رئيساً للجمهورية بعد زوال الجمهورية. نحن شعبٌ لم نستحق هذه الارض ولم نحافظ على مجدٍ أُعطي لنا. فقد فشل أجدادنا وآباؤنا في صنع وطنٍ يليقُ بنا، فلنعمل سوياً لصنع لبنان جديد يليقُ بأبنائنا.”
المفتي الغزاوي قال في كلمته: “آن الآوان ان نعيش حكما لا تحكما، وسلطة لا تسلطا، وأن نعيش حياة عطاء كما اردت لهذه المائدة ان تعطي أنموذجا، آن الآوان ان ينتظر منا المحبون من الخارج ان نقف مع أنفسنا حتى يقفوا الى جانبنا. المحبون يريدون منا ان نقف مع وطننا ومع أنفسنا ولا شأن لنا في ارادتهم. آن الآوان أن تكون لنا إرادة، وعندما تكون موجودة فانها سوف تتغلب بإذن الله، نحن نأكل لقمة بعضنا حتى يكون احدنا معطاء للاخر”.
وتابع “من هنا لبنان، وانت يا دكتور سكاف، تتكلم عن صفات حاكم، ان اللبناني الآن لم يعد يبحث عمن يحكم، لكنه يبحث كيف يحكم، نحن نبحث عن انسان كيف يحكم وكيف يعيش مع الحكم، حتى يعيش لبنان بالحكم، وحتى يكون لبنان لكل اللبنايين، وأن لا يشعر أحد انه يتعالى بعض على بعض”.
وقال: “نحن الى جوار بيت المقدس وكنيسة القيامة الى جوار فلسطين الحبيبة التي تقف في وجه محتل غاشم ندعو الى وحدة الموقف الفلسطيني”.
ونوه المفتي الغزاوي بجهود النائب سكاف ودوره لمحاولة إنهاء الفراغ الرئاسي من خلال مبادراته الدائمة.