إيران أوصلت رسائلها… فماذا سيكون الردّ؟
لم يكن غريبا على لبنان ان تحط فيه اسراب من الوفود السياسية والدبلوماسية الخارجية في اعقاب الاعلان عن الاتفاق السعودي- الايراني برعاية صينية. ذلك ان بيروت، ابرز العواصم الواقعة تحت القبضة الايرانية سياسيا من خلال حزب الله، لا بد ستكون بين ابرز متلقفي نتائج الانعطافة التاريخية، على اكثر من مستوى، بغض النظر عما يشيعه بعض الاطراف المتضررة.
منذ يومين، يجول وفد صندوق النقد الدولي برئاسة ارنستو ريغو راميريز، على عدد من المسؤولين السياسيين والماليين في بيروت. وفي اعقاب لقاء جمعه برئيسي لجنتي المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان والادارة والعدل جورج عدوان في المجلس النيابي امس، بحث في مسار الاتفاق مع صندوق النقد واكد ضرورة انتخاب رئيس، انتقل الوفد الى اليرزة واجتمع مع السفير السعودي وليد البخاري، في محطة اعتبرت من الابرز، ثم عقد اليوم مؤتمرا صحافيا حذر خلاله راميريز من ان “لبنان في وضع خطير للغاية”. ولفت الى ان “تقدم الإصلاحات في لبنان “بطيء للغاية بالنظر إلى درجة تعقيد الموقف”، مشيرا الى ان المسودة النهائية لقانون الكابيتال كونترول لا تلبي الاهداف وتحتاج لتعديلات.
وقبل ان تصل الى بيروت في الساعات المقبلة مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الادنى بربرا ليف لاستشراف الموقف في اعقاب الاتفاق الاقليمي، حضر من سوريا، وفد ايراني برئاسة رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الايرانية كمال خرازي، وهو وزير خارجية سابق، يرافقه أمين سر المجلس عباس عراقجي (كبير المفاوضيين الايرانيين ونائب وزير الخارجية الايراني سابقا)، ومديردائرة الشرق الاوسط في وزارة الخارجية داود كلانتري. الوفد جال بدوره على المسؤولين مشددا على اهمية اجراء الانتخابات الرئاسية في لبنان بالتوافق بين اللبنانيين من دون اي تدخلات خارجية، وعقد لقاء مع مجموعة اعلاميين في مبنى السفارة في بيروت، استمع في خلاله الى تقييمهم للمرحلة وتصوراتهم للخروج من الازمة.
تقول مصادر مطلعة على اجواء لقاءات الوفد في بيروت لـ”المركزية” ان خرازي بدا متحفظا، مكررا مجمل مواقف المسؤولين الايرانيين وآخرها لوزير خارجية بلاده حسين امير عبد اللهيان حول وجوب عدم ربط ازمة لبنان بإيران وعدم تدخلها في شؤونه، مشددا على ان حزب الله لا يتلقى الاوامر من طهران لا سيما في ملف الانتخابات الرئاسية كونها شأنا لبنانيا محضاً.
الاتفاق مع المملكة امني، يؤكد الوفد الايراني للمسؤولين اللبنانيين، بمعنى انه يرسي قواعد السلام مع السعودية وسائر دول الخليج، حيث لا مسيّرات ولا ضربات لـ”ارامكو” او للمنشآت الحيوية في الامارات او غيرها بعد اليوم، من دون ان يعني ذلك تقديم تنازلات على غرار سحب سلاح المقاومة او اي من اذرع ايران العسكرية في المنطقة.واذ يؤكد ان التشاور والتنسيق مع حزب الله دائم ومستمر، يلفت الى ان الحزب لا يأتمر بأوامر الجمهورية الاسلامية في الشأن اللبناني لأن “اهالي البصرة ادرى بشعابها”. ويشدد على ان دور واشنطن في الشرق الاوسط انتهى لحظة توقيع الاتفاق، وباتت الكلمة والامر للجبارين السعودي والايراني، على ان تبدأ المنطقة بتلمس الايجابيات قريبا.
زيارة الوفد الايراني الى لبنان ليست يتيمة، اذ سبقتها محطات ايرانية في عدد من الدول المعنية لا سيما سوريا والعراق، حيث تم وضع المسؤولين في اجواء الاتفاق، والتأكيد ان ايران لن تتخلى عن هذه الدول .اما تتويجها فجاء من بيروت تحديدا مع موقف هو الاقوى في توقيته والمضمون لجهة التهويل بقدرة طهران على تصنيع قنبلة نووية مع وقف التنفيذ لدواع اخلاقية…رسائل ايران لواشنطن ارسلت من صندوق البريد اللبناني، في انتظار الرد عبر الصندوق نفسه خلال زيارة ليف، علما ان واشنطن رحبت بالاتفاق فور الاعلان عنه، وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي ان بلاده “على علم بالتقارير المتعلقة بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران وشجعت منذ فترة طويلة السعودية وإيران على الدخول في محادثات مباشرة في محاولة لتخفيف التوتر”.