في لبنان.. تراجع كبير بمبيع السيارت والخسائر بالمليارات
لم يسلم قطاع استيراد السيارات من الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، لسيّما بعد تعديل الدولار الجمركي من 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد إلى 15 ألف ليرة، ومن ثم 45 ألفاً، وذلك خلال شهرين فقط.
وبسبب الارتفاع الكبير الذي شهدته المحروقات والمتزامن مع أزمة ارتفاع الرسوم الجمركية، تخلّى معظم اللبنانيين عن السيارات الكبيرة وتم استبدالها بأخرى صغيرة واقتصادية. وبعد أن ارتفعت صفيحة البنزين إلى مليوني ليرة، تراجع استهلاك المحروقات وبالتالي تراجعت أرباح المحطات، وأصبح الخوف من إقفال عددٍ منها.
بالإضافة إلى ذلك، أصبح شراء السيارة لدى العديد من المواطنين اللبنانيين، حلمًا مستحيلًا، خصوصًا لمن يتقاضى راتبه بالعملة الوطنيّة. فما مصير هذا القطاع والدّولار يلامس 100 ألف ليرة؟
في لبنان.. شراء السيارة حلم مستحيل
يحتاج الموظّف اللبناني الذي لا يزال يتقاضى راتبه بالعملة الوطنيّة إلى 5 سنواتٍ بالحدّ الأدنى، ليتمكّن من شراء سيارة ولو كانت صغيرة ومستعملة. وذلك، بسبب الارتفاع الخيالي للرّسوم الجمركيّة الذي حصل منذ مطلع كانون الأول.
بول، شاب ثلاثيني موظّف في مطعمٍ يحاول ادّخار قسم من راتبه علّه يتمكّن من شراء سيارةٍ صغيرةٍ، لكنّ الموضوع ليس سهلًا أبدًا.
ويؤكّد للدّيار أنّه بحاجةٍ إلى مبلغٍ لا يقلّ عن 3000 دولار لشراء سيّارةٍ صغيرةٍ تمكنّه من الذهاب إلى عمله والاستغناء عن الباصات والفانات والتاكسي. ويقول: منذ سنتين وأنا أحاول أن أدّخر القليل من المال لأتمكن من شراء سيارةٍ مستعملةٍ ولا أستطيع ذلك. يعود السبب الأساسي في ذلك إلى دفع إيجار منزلي (250 دولارا شهريًا) وهذا ما أنهكني بصراحة.
ويسأل: كيف ندفع الفواتير والتسعيرات بالدّولار الفريش ولا يزال راتبنا بالعملة الوطنيّة؟ ويكمل بول: إمّا أن تكون الأسعار والفواتير والراتب بالدّولار الفريش، وإمّا أن تكون جميعها بالعملة الوطنيّة. ولكن مع كل هذا الانهيار الحاصل، ما من أحدٍ يسأل وأتخوّف من مجاعةٍ للأسف.
ويختم: المشكلة الكبرى أنّ التقسيط لم يعد مرحّبًا به أو معترفا به في الأساس في لبنان، ولو كان الموضوع يتعلّق بشراء سيّارة. وأنا لا أتكلم عن شراء السّيارة من معارض سيارات، إنّما عن شرائها عبر صفحاتٍ إلكترونيّة مختصّة بهذا القطاع. “واللوم عالفقير”.
حال بول ليست الاولى ولا الأخيرة، التي تفسّر ما يعيشه جيل الشّباب اللبناني. هذا الجيل الذي حرم من أبسط حقوقه المادية والمعنوية. والذي لا يزال يصارع للبقاء بعزّة نفسه وعنفوانه متناسيًا ما حصل في الرابع من آب وأزمتي الكورونا والكوليرا، ليتابع مسيرته المهنيّة من هذه المحطّة علّه يحقّق إنجازًا صغيرًا ولو في شراء سيارة مثلًا.
القطاع يتضرّر بأكمله..
وفي السياق، يؤكّد نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة في لبنان وليد فرنسيس، أنّ المبيع تراجع 80 % والسبب الأساسي يعود إلى إقفال مصلحة تسجيل السّيارات من حوالى 6 أشهر. وهذا ما سيؤثّر طبعًا في خزينة الدّولة لأنها كانت تنتج حوالى الـ15 مليار ليرة يوميًا. أمّا الدّوائر العقارية فكانت تنتج للدولة حوالى مليار ليرة يوميًا. وبدل أنّ نغذّي خزينة الدّولة، نقوم بفرض الضرائب على المواطنين.
ad
وأكمل متحدثًا للدّيار، أنّ الأضرار لا تقتصر فقط على أصحاب معارض السيارات إنّما على القطاعات المرتبطة بها، مثل شركات الشحن وشركات التأمين ومحلّات لقطع الغيار وكاراجات الصّيانة ومحلّات الدّواليب ومحلّات فرش السّيارات ومحلّات زينة السّيارات. لذلك، هذا القطاع مرتبط بالعديد من القطاعات الأخرى، وهنالك 30 % من الشعب اللبناني وآلاف وعشرات العائلات اللبنانيّة تأثّرت أوضاعهم سلبًا من هذا القطاع نفسه.
غلاء الجمرك يزيد من سعر السيارة 25 إلى 30%
وعن الأسعار، أكّد فرنسيس أنه ما من سعي لتحقيق التوازن التجاري. الدولار الجمركي ارتفع ارتفاعًا كبيرًا في شهرين فقط، والمعرض الذي استقبل السيارة على دولار 1500 ل. ل. وعلى 8000 ل. ل. لا يعاني كما من أدخل على معارضه هذه سيارة والدّولار الجمركي بـ 45 ألف ل. ل. المعارض تكتظّ بعددٍ هائلٍ من السيارات وعليه أن ينتظر سنة وأكثر لتباع السيارات القديمة لبيع الجديدة منها لأنّ تكلفتها أغلى (ضرب 10). وغلاء الجمرك على الـ 45 ألفا يزيد من سعر السيارة بين 25% و30% على ما كانت تباع سابقًا. والمؤكد أن لا أحد سيستورد وعندما يخفّ الاستيراد يتضرّر دخل خزينة الدولة.
وأنهى فرنسيس كلامه: المواطن اللبناني تعب كثيرًا بعد رفع الدّعم عن المحروقات والطحين وباتت فواتير الكهرباء والمدارس والجامعات بالدولار الفريش. لذلك سيمتنع تلقائيًا عن شراء سيّارة في هذه الفترة تحديدًا، لذلك لم نرفع أسعار السيارات التي كانت على الـ 8000 لنتمكن من بيعها ولا نستطيع البيع رغم كل هذا. ونتخوّف من فقدان البضاعة بعد عامٍ واحدٍ. هذا ما سيزيد من احتمالية تسكير معارض السيارات وشركات السيارات أبوابها بشكلٍ نهائيٍ في وقت تغذي هذه الشركات وتعزز خزينة الدّولة.
مارينا عندس – الديار